كتب عدنان عبدالله الجنيد.
مقدمة: في أزمنة الضباب السياسي:
في أزمنة يغشى فيها الضباب السياسي آفاق الشجاعة، وتُبعث المخططات على مواقع تسويات تُريد طمس الحق، يعلو صوت التاريخ ليذكّر أن لكل عصر جنوده الظاهرة والباطنة، وأن معادلات الأرض ليست بالضرورة مقياس القدر.
اليوم يُطرح على الساحة مشروع يُدعى “سلامًا” و”حلولًا سياسية”، لكنه في باطنه محاولة لإعادة ترتيب المصالح وتحويل قضايا الشعوب إلى حسابات سطحية.
هذه المخططات الحديثة، رغم تلميعها بصيغ دبلوماسية، تحمل هدفًا واحدًا: إخضاع إرادة الأمة لشروط الهيمنة وطمس العدالة التاريخية.
الركن الأول: الحقائق الميدانية — قوة الإرادة فوق المادة:
الوقائع تثبت أن القوة المادية وحدها لا تغيّر الأقدار عندما يُضاف إليها الإيمان، التماسك، والضرب الاستراتيجي في النقاط الحسّاسة.
ما بدا للبعض عرضًا للإمبراطورية، انكشف أمام مرآة الواقع: حرائق في مطارات، ارتباك لوجستي، وتقيّد بقدرة دفاعية لم تعد تضمن أمن المظاهر.
السيد عبدالملك الحوثي، يحفظه الله، حول التهديدات إلى مزايا استراتيجية، مثبتًا أن التخطيط الدقيق والإرادة الصلبة يستطيعان قلب موازين عالمية. رفض خطة ترامب وصفقة القرن لم يكن مجرد موقف كلامي، بل عملية حسابية استراتيجية قلبت المعادلات الدولية، وحوّلت اليمن من ساحة حرب مدمرة إلى محور ضغط عالمي.
الركن الثاني: مواجهة صفقة القرن وخطة ترامب — تحويل المخاطر إلى قوة:
خطة ترامب هدفت لإعادة رسم خريطة فلسطين وفرض “حل سياسي” على حساب الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني. إلا أن اليمن بقيادة السيد عبدالملك الحوثي، يحفظه الله، حول هذه المخططات إلى فرصة استراتيجية نادرة:
1- تعزيز الردع العسكري عبر استهداف العمق الاستراتيجي للعدو بدقة محسوبة.
2- تحريك الرأي العام الدولي والإقليمي لكشف هشاشة الصفقة ومحاسبة من يسعى لفرضها.
3- خلق كلفة سياسية واقتصادية عالية لأي طرف يحاول فرض الصفقة بالقوة.
لم يكن رفض الصفقة مجرد كلمة، بل صرخة إرادة أزلية قلبت موازين عالم لا يعرف للحق طريقًا.
الركن الثالث: منطق الرد الاستراتيجي — تحويل اليمن إلى عمق عالمي:
تحولات ساحات الصراع المحلية إلى أدوات ضغط استراتيجي أثبتت أن أي صفقة مهينة تصبح مكلفة سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا.
الصواريخ اليمنية الدقيقة، الضربات الاستباقية في العمق الصهيوني، وحرائق الإمبراطورية، كلها علامات عملية على أن القوة المادية وحدها لا تصنع الغلبة، بل الإيمان والعمل والتخطيط.
الركن الرابع: البعد الروحي والقرآني — جند الله في الميدان:
النصر أحيانًا يأتي ببحار متلاطمة وبمطرات مغلقة تفاجئ المعتدي حين لا يحتسب.
السيد عبدالملك الحوثي، يحفظه الله، يجسد هذه الحقيقة بقيادة حكيمة: أن ثبات الإرادة وقوة اليقين قادران على قلب موازين كانت تبدو حاسمة. الغلبة ليست لمن يملك المال أو السلاح فقط، بل لمن يقيم الحق ويقود جند الله بثبات.
“ثبات الشعب وقيادة المؤمنين يصنعان قوة لا تهزمها أي آلة أو إمبراطورية.”
الركن الخامس: فضح هشاشة المخططات — الصفقة في مرآة الواقع
مشروعات مثل صفقة القرن قامت على افتراض اختلال قدرات الرد الإقليمي والعجز الشعبي.
لكن المقاومة اليمنية أثبتت أنها ليست مجرد خطاب إعلامي، وأن فرض تسوية بلا ضوء شعبي موت مسبق للصفقة.
النتيجة: سقوط المعايير المهينة وظهور بشائر إفشالها سياسيًا ورمزيًا.
الركن السادس: الهندسة الاستراتيجية — نموذج قيادي فريد:
استراتيجية السيد عبدالملك الحوثي تقوم على ثلاثة أركان متكاملة:
1- توظيف الجغرافيا السياسية: تحويل اليمن من نقطة ضعف إلى ورقة رابحة عبر السيطرة على الممرات الدولية وتحويلها إلى نقاط ضغط استراتيجية.
2- اقتصاديات الصراع: تطبيق نظرية “الحرب منخفضة التكلفة، عالية التأثير”، حيث تحولت أدوات بسيطة إلى أسلحة تعطل اقتصاديات دول كبرى.
3- الحرب النفسية المعكوسة:
نظرية النقطة الحرجة: الضربات المستهدفة في نقاط حيوية (مثل النفط والملاحة والمطارات) تسبب صدمة متسلسلة في النظام العالمي.
عاصفة الوعي: خطاب المقاومة لا يهدف فقط للكفاح المسلح، بل لإثارة صحوة ضمير جماعية عالمية.
هذا النموذج القيادي يتجاوز التقليدي: قيادة الظروف الصعبة، القيادة بالشرعية الثورية، وقيادة المعنى، فحوّل النزاع من صراع على السلطة إلى معركة وجودية دينية وحضارية.
خارطة الطريق الاستراتيجية: من الصمود إلى هندسة المشهد العالمي:
1- مرحلة التأسيس والصمود: بناء القوة الذاتية وتحصين الداخل.
2- مرحلة اختراق الحصار: تحويل التحديات اللوجستية والجغرافية إلى أوراق ضغط استراتيجية.
3- مرحلة نقل المعركة إلى عمق العدو: استهداف المصالح الحيوية والاقتصادية لقلب معادلة الصراع.
4- مرحلة فرض الردع: إثبات القدرة على جعل كلفة العدوان باهظة لا يمكن تحملها.
5- مرحلة هندسة الواقع الجديد: إعادة تعريف القوة والسيادة على الساحة الدولية.
الركن السابع: النتائج الجيوسياسية — تفكيك الهيمنة وإعادة تعريف القوة:
تنفيذ هذه الاستراتيجية أدى إلى:
1- تفكيك نظرية القطب الواحد عمليًا على الأرض.
2- إعادة تعريف السيادة الوطنية عبر إثبات قدرة دولة صغيرة على فرض إرادتها.
3- خلق نموذج مقاومة قابل للتصدير إلى ساحات صراع أخرى.
4- إثبات محدودية القوة العسكرية التقليدية أمام الإرادة الشعبية المنظمة.
اليوم، صفقة القرن تنهار، وخطط الهيمنة تتحطم، وموازين القوة العالمية تتبدل، بقيادة السيد عبدالملك الحوثي، يحفظه الله، وجند الله معه.
خاتمة : جاء الحق وزهق الباطل
نحن نشهد تغلب الحق على الباطل، وجند الله على جند الشيطان.
التاريخ لم يشهد موقفًا استراتيجيًا يجمع بين الإيمان العميق، القيادة الحكيمة، والقدرة على قلب المعادلات العالمية بهذا الشكل.
إنها رسالة لكل المستكبرين: لا أحد يقف في وجه إرادة السماء إلا وذل، ولا أحد يظن أن القوة المادية تصنع الغلبة على المؤمنين الصادقين.
لتكن هذه الكلمات ناقوسًا يدق في آذان المستكبرين: لقد انتهى عصر الهيمنة الأحادية، وولد فجر المقاومة المتعددة الأقطاب.
اليمن لم يعد موقعًا على الخريطة، بل أصبح فكرة قادرة على الانتشار كالنار في الهشيم.
السيد عبدالملك الحوثي، يحفظه الله، وجند الله معه، يثبتون أن الغلبة للأمة المؤمنة مهما طال الزمان.
الآيات القرآنية: ختم النصر الإلهي:
{إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد:7]
{وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [الفتح:7]
{وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} [المدثر:31]
{وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات:173]