كشفت تقارير لجنة خبراء الأمم المتحدة أن الأسلحة المصنعة من قبل شركات تركية تساهم في تأجيج الصراع في السودان وجنوب السودان، مما يثير القلق بشأن انتهاك الحظر الدولي على الأسلحة وضعف الرقابة على الصادرات في أنقرة.

والـتقرير، الذي قُدم إلى مجلس الأمن الدولي في تموز/ يوليو، يوثق عدة حالات تم فيها العثور على أسلحة ذات منشأ تركي بحوزة جماعات مسلحة وميليشيات. ومن بين الأسلحة المضبوطة بنادق BRG Savunma BRG-55 وبنادق HUSAN Arms MKA 556، وكلاهما منتج في تركيا وعُثر عليه في جنوب السودان. كما تم تحديد بنادق من إنتاج شركة UTAS Defense التركية في أيدي جماعات مسلحة على الرغم من الحظر.وبموجب القانون التركي، فإن بيع المعدات الدفاعية إلى الخارج، سواء من قبل شركات خاصة أو مملوكة للدولة، يتطلب موافقة مسبقة من القوات المسلحة التركية، ورئاسة الصناعات الدفاعية (SSB) ووزارة الخارجية. ويشير ظهور بنادق تركية الصنع في إفريقيا إلى أنه رغم منح تراخيص تصدير لبيعها إلى دول ثالثة، إلا أن الشحنات تم تحويلها لاحقًا إلى مناطق النزاع.

ورغم أن التقرير لا يتهم أنقرة بانتهاك متعمد للحظر، إلا أنه يسلط الضوء على الثغرات في مراقبة الصادرات التركية ويؤكد خطر تحويل الأسلحة إلى مناطق خاضعة للعقوبات. وشدد محققو الأمم المتحدة على أن وجود بنادق تركية حديثة الصنع، إلى جانب أسلحة أجنبية أخرى، يظهر قصور إنفاذ الحظر الدولي المفروض على جنوب السودان منذ عام 2018.

وذكر التقرير أن العديد من الأسلحة المصادرة منتجة حديثًا، مما يستبعد احتمال كونها من مخزونات قديمة. ويبدو أنها دخلت جنوب السودان عبر سلاسل إمداد غير مشروعة، مما عزز الجماعات المسلحة غير الحكومية وقوّض اتفاقيات السلام الهشة.

إحدى الشركات التي حددها التقرير هي BRG Savunma، المسجلة رسميًا باسم “برغو تكنولوجيات الدفاع والطيران” في اسطنبول يملكها رجل الأعمال فاتح دوغرو، وقد تأسست في آذار / مارس 2021 تحت اسم “برغو ميتال للصناعة والتجارة المحدودة”، ثم تحولت إلى شركة مساهمة وأعيدت تسميتها في حزيران/ يونيو 2024. هذه الشركة، التي تنتج بنادق BRG-55 التي عُثر عليها في جنوب السودان، مُنعت مرتين من التقدم بعطاءات لعقود مع القوات المسلحة التركية، مرة لمدة ستة أشهر في أيار /مايو 2025 ومرة أخرى لمدة عامين في حزيران 2025 بسبب انتهاكات لشروط العقود.

شركة أخرى هي HUSAN Arms، التي تصنع بنادق MKA 556 التي حددها محققو الأمم المتحدة. يقع مصنع الشركة في محافظة قونية التركية، وتعمل تحت اسم “حُصان تكنولوجيات المعادن للصناعة والتجارة”، وقد تأسست عام 1998 باسم “هوغلو لمعدات الصيد للصناعة والتجارة المحدودة”. وتدار من قبل أفراد عائلة أوغور — علي، إرول، إسماعيل وهارون أوغور — إلى جانب مساهمين إضافيين هما كزيبان تشيتنديده ورمضان ألكان.

أما الشركة الثالثة المذكورة في التقرير فهي UTAS Defense، المسجلة رسميًا باسم “أوتاش للصناعات الدفاعية والتجارة” ومقرها محافظة أنطاليا يديرها سيزغين كويصورين ومحمد سيركان كويصورين، وتنتج بنادق عيار 5.56×45 ملم، عُثر على بعضها في أيدي جماعات مسلحة في جنوب السودان.

وحذرت لجنة الأمم المتحدة من أن تداول هذه الأسلحة يزيد من حدة العنف في جنوب السودان، حيث تورطت كل من القوات الحكومية وجماعات المعارضة في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وتشريد قسري وهجمات منظمة على المدنيين.

وقد توسعت صناعة الدفاع التركية بسرعة في صادراتها عبر إفريقيا والشرق الأوسط في السنوات الأخيرة، مما عزز النفوذ الجيوسياسي لأنقرة.

إن اكتشاف أسلحة تركية الصنع في جنوب السودان يثير أسئلة عاجلة حول الرقابة والمساءلة والالتزام بالحظر الدولي على الأسلحة.

وحضت لجنة الخبراء تركيا، إلى جانب الدول الأخرى التي تم تتبع أسلحتها إلى جنوب السودان، على تعزيز شهادات المستخدم النهائي وفرض ضوابط أكثر صرامة على التصدير لمنع التحويل. وحذرت من أنه في غياب إجراءات حاسمة، فإن جنوب السودان معرض لمزيد من عدم الاستقرار بينما تواصل الأسلحة الأجنبية تغذية دوامة العنف.