1_ في الحروب ما إن تطلق الطلقة الأولى حتى تتغير الخطط المعدَّة سابقاً فتفرض الحرب مساراتها.في الحرب لاعبون كثر، فالمتحاربون والله عز وجل وإبليس والظرف الموضوعي لذلك كثيراً من القادة قالوا “نبدأ الحرب ثم نرى ونبني على المجريات”لينين له مقول شهيرة؛ أيام العصف الثوري والثورات كل يوم بألف من أيام التطور العادي لان الحروب امتحان الامم ومولدة الجديد من رحم القديم.والجديد لا يمكن معرفته قبل أن يطل برأسه، وقد يموت هو أو الأم أو كلاهما. وقد لا تنجح العمليات القيصريةفكيف بحرب وصفها نتنياهو بالوجودية، ويمارسها على أنها كذلك بلا هوادة أو روادع، ويسعى لتوريط ترمب كيفما اتفق.
2_ حتى اللحظة؛ الحرب تؤشر إلى عجز إسرائيل وتناقص قدراتها على تحقيق الأهداف القصوى التي أعلنها ترمب ونتنياهو: تبديد الامبراطورية الفارسية الإيرانية وإزالتها من الوجود.انتزع الموافقة على الحرب من ترامب بناء لخطط وآليات عمل بسطها أمامه فأقنعه. ومنطق ترمب أن نتنياهو متمرد وإسرائيل عبء، وإيران عدو شرس فلتتورط إسرائيل. فإذا حققت الأهداف انسبها لنفسي، وإذا لا فتدمير إيران ونهاية إسرائيل مكسب تاريخي يحرر أمريكا الترمبية، وهي من أخطر قواعد وأدوات لوبي العولمة الخصم الندي لترمب.
3_ الحرب في يومها الثامن ونتنياهو أعلن مدتها ١٤ يوما وبدأت تتناقص المدة وتتناقص قدرات إسرائيل بصورة حدية، ويستجدي نتنياهو ترمب للتدخل قبل خراب إسرائيل، بينما ترمب يتلاعب به مرة يعطي إيران اسبوع ثم يمددها أسبوعين ويقول لن أخبر أحداً بقراري.لم تتحقق أهداف نتنياهو، فلا هو أسقط النظام الإسلامي، ولا هو دمر الملف النووي الإيراني. وقد يعجز وتتراجع فرصه ما لم يأتيه المدد -وقد لا يأتيه-.
المعطيات كلها تجزم بأن إيران احتوت الهجوم الذي أُعِدَّ له منذ انتصار الثورة الإسلامية، وبُذِل عليه الكثير. وفشل الهجوم يبدد ما تم ويعيد صياغة المواجهة، وإيران قد نجحت باحتوائه وتتحول تباعاً إلى الرد والعقاب.
سيناريوهات واحتمالات الأيام القادمة
1- استمرار الحرب واليد الطولى لإيران وصواريخها وإن لم تدخلها أمريكا مباشرة فإسرائيل مهددة بالزوال، وكل العطيات المادية تؤيد زوالها، إذا قررت وعزمت إيران ولم تقبل مخارج أخرى.
2- أن تدخل أمريكا الحرب فتتسع دائرتها، ومادامت غير قادرة على الاجتياح البري لتحقيق هدف إزالة الملف النووي وتبديد القوة والأمة الإيرانية، فستصاب أمريكا وقواعدها وأدواتها بما أصيبت به إسرائيل. أيضا بشرط أن تخوض إيران الحرب بصفتها وجودية وآخر الحروب، ولديها القدرة والظرف لصالحها على كل المستويات.
3- أن تقبل إيران عروض الوساطة ووقف النار، بطلب وقف العدوان فقط دون ارفاقه بشرط فك الحصار ووقف العدوان على غزة وعودة جيشها إلى حدود ٧ اكتوبر ،٢٠٢٣ وتفرض شروطها النووية دون تنازل بوصة واحدة.
4- إذا وقفت النار بشروط إيران فستكون انتصارا يطلق مفاعيل انهيار إسرائيل ووجود أمريكا والغرب.
5- إذا قبلت وقف العدوان فقط وعادت لما كانت عليه ستكون قد منحت نتنياهو وترمب فرصة وقدرة على الزعم بالانتصار. وفرصة ذهبية لتحقيق أهداف الحرب عبر تشديد الحصار والتجويع ومنع الإعمار، والعبث باستقرار إيران وإسقاطها من الداخل وتفتيتها تماماً على سيناريوهات الحرب اليوغسلافية ولديها الحلفاء والأدوات والقدرة.
كل الاحتمالات والسيناريوهات ونتائج الحرب هي اليوم طوع يد إيران ولقرارها. فماذا تقرر؟
ميخائيل عوض