على عكس الرأي السائد حول إفراج المقاومة عن الأسير الأمريكي “عيدان” من حيث أن المقاومة تعرضت لخداع استراتيجي وتصرفت “بطيبة قلب في غير مكانها” وأنها خسرت أحد نقاط قوتها في المعركة التفاوضية
لا شك أن هذا الرأي وجيه نظرًا لما حدث بعد هذه “المبادرة” على الأقل حتى هذه اللحظة وضمن ما هو معلوم عن أسباب هذا الإفراج، ولا شك أن هناك أمورًا أخرى غير معلومة ولم تنشر
ولكني اعتقد أن ثمة زاوية أخرى مهمة في هذا الملف وهي زاوية النقاشات الداخلية الفلسطينية، وضغوطات الوسطاء، وتصيد الخصم السياسي الداخلي، في ظل الدعوات المتنامية -بغض النظر عن نية الداعي- لتسليم الأسرى مقابل وقف الحرب ووقف المقتلة
أرى أن المقاومة وإن كانت خسرت أسيرًا مهما لكنها كسبت مجددًا في سرديتها تجاه الداخل الفلسطيني وتجاه الرأي العام العالمي أن مسألة الأسرى ليست هي السبب في الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، وأن الحديث عن الإفراج عن الأسرى سيوقف الكارثة حديث سقط في التجربة العملية بعد أن كان ساقطًا في الافتراضات النظرية
كان بإمكان الاحتلال أن يحدث انفراجة محدودة ومؤقتة في الوضع الإنساني بالقطاع مع الإفراج عن عيدان، وبالتالي سيزداد الضغط الشعبي على المقاومة والضغط العربي وضغط الوسطاء لتسليم الأسرى مقابل وقف المقتلة وبالتالي قد تتنازل المقاومة حينها لصفقة أقل من شروطها ثم يعود نتنياهو لإكمال الإبادة بعد أن يستلم أسراه… لكن الذي حدث معاكس تماما فقد أثبتت المقاومة عبر خسارتها لأسير صحة رهاناتها وصوابية سرديتها أمام الوسطاء والمجتمع العربي والمفاوض الأمريكي أيضًا
عدي جعار