قبل أسابيع قليلة من سقوط الدولة السورية في 8 ديسمبر، وقف الرئيس بشار الأسدمتحديا أمام العالم بأسره، بكلمة واضحة وصريحة فضحت تواطؤ القوى الاستعمارية وكشفت طبيعة الحرب التي شنت على سوريا منذ أكثر من عقد، وعلى فلسطين منذ أكثر من قرن وعلى المنطقة ككل. لم يكن حديثه مجرد خطاب سياسي عابر، بل كان رسالة تحدٍ مباشرة للحلف الصهيو-وهابي-أمريكي-تركي، الذي أدرك أن استمرار الأسد في موقفه يعني فشل مشروعه في المنطقة.

في كلمته، لم يناشد الأسد المجتمع الدولي، ولم يطالب القوى الغربية بالعدل، بل تحدث بلغة الصمود والمواجهة، مؤكّدا أن الكيان الصهيوني ليس سوى أداة قتل واستعمار، وأن المقاومة هي السبيل الوحيد لإيقاف المجازر والتطهير العرقي بحق الشعبين الفلسطيني واللبناني. تلك الرسالة كانت كافية لإثارة رعب الصهاينة ومن خلفهم حلفاؤهم في واشنطن ولندن وأنقرة والرياض وغيرهم، ليجدوا أنه لا بد من تسريع تنفيذ مخطط الإطاحة بسوريا.
وبالفعل، لم يتأخر الرد الصهيوني، فجاءت تصريحات المجرم بنيامين نتنياهو قبل أيام قليلة من إسقاط الدولة وفي الليلة التي شنت فيها مرتزقة إدلب عدوانهم، كاشفة بوضوح أنهم في مراحلهم الأخيرة من تنفيذ المؤامرة الكبرى. حيث قال بوضوح: “على الرئيس السوري الأسد أن يفهم أنه يلعب بالنار.”، زعاماً أنهم حققوا انتصارات على 7 جبهات، وأعادوا حزب الله عشرات السنوات إلى الوراء، وأنهم بصدد تغيير الشرق الأوسط. ثم أكد أن الهدنة مع لبنان ليست سوى خطوة تكتيكية لإعادة بناء جيش الاحتلال والتركيز على التهديد الإيراني (وهنا كان يقصد سوريا تحديدا).

ثم، وبعد انهيار الدولة السورية، خرج المجرم نتنياهو من موقع قرب الحدود السورية، ليعلنها صراحةً: “هذا يوم مشهود في تاريخ الشرق الأوسط.”، في إشارة واضحة إلى أن إسقاط الدولة السورية كان هدفا استراتيجيا طويل الأمد، وأنه تحقق أخيرا.

ولم يكن الموقف الصهيوني منفصلا عن الغرب، فقد جاءت تصريحات نائبة رئيس الوزراء البريطاني بعد السقوط لتؤكد ذلك بوضوح: “انهيار نظام بشار الأسد في سوريا خبر سار.”، وكأن الغرب يعلن انتصاره في معركة استمرت سنوات، بعد أن استخدم فيها كل الأدوات من إرهاب إلى حصار إلى تدخل عسكري غير مباشر.

ما جرى لم يكن وليد لحظة، بل كان نهاية مرحلة طويلة من التآمر، حيث قرر الحلف الصهيو-وهابي-أمريكي-تركي أن الوقت قد حان لإنهاء الدولة السورية بالكامل، بعد أن فشلوا في إخضاع قائدها الذي بقي ثابتا حتى اللحظة الأخيرة، رافضا تقديم التنازلات، متمسكا بمبادئه بعدم التطبيع مع العدو، مدركا أن ما يجري ليس سوى معركة فاصلة بين الاستعمار الجديد والمقاومة الحقيقية.

لكن السؤال الذي لا يريدون أن نطرحه: هل انتهت القصة؟

هل انتهى الأسد؟ هل انتهت سوريا؟ هل انتهى الصراع؟

ما حدث في 8 ديسمبر لم يكن سقوطا، بل كان نقطة التحول الكبرى، لحظة انكشاف الحلف الصهيو-وهابي-الأمريكي-التركي أمام العالم أجمع. أسقطوا الدولة، لكنهم لم يسقطوا الفكرة، لم يسقطوا الحق، لم يسقطوا من قال “لا” حين باع الجميع أنفسهم في سوق النخاسة.

إذا كانت هذه حربهم الأخيرة، فليست هذه حربنا الأخيرة… والقادم سيُكتب بدمائنا ودماء الأحرار

بقلم سيادة الرائد “خالد” القيادي في المقاومة الشعبية السورية.