Turkish President Tayyip Erdogan attends the G20 summit in Rio de Janeiro, Brazil, November 19, 2024. REUTERS/Pilar Olivares



اشعل الرئيس التركي “أردوغان” الشارع التركي، بقرار منه ،بإعتقال المنافس المحتمل له في إنتخابات رئاسة الجمهورية بعد ثلاث سنوات ولا يزال من المبكر الحديث عن إسقاط”أردوغان “لأن المظاهرات والحراك الشعبي لم يبدأ، بقرار من المعارضة، بل بحرب إستباقية شنّها “أردوغان” على معارضيه، ومحاولته حصاد انتصاره في سوريا بشكل مباشر ،دون تأخير .
لا يزال الرئيس “أردوغان” أحد الركائز الرئيسة للمشروع الأميركي في المنطقة والمرشد السياسي العام للإسلام السياسي “السنّي” بذراعيه “الأخوان المسلمون” و “الجماعات التكفيرية” المسلّحة والتي إستطاع قيادتها وإدارتها بديلاً عن الإدارة السعودية ، لهم في أفغانستان ضد الإتحاد السوفياتي وبكفالة تمويل من قطر وما يسرقه من سوريا وتجارة ابتزاز لأوروبا والمنظمات الدولية،مقابل رعاية اللاجئين السوريين .
والسؤال المطروح …
هل إنتهت مهام “أردوغان” لتفتيت المنطقة والقضاء على محور المقاومة وإنهاء القضية الفلسطينية؟
هل ماقام به “أردوغان” عملية ذكية ،لتفعيل حزام الأمان في الإنتخابات القادمة ،بسبب حاجة المشروع الأميركي له لفترة زمنية أطول حتى تثبيت التغييرات في الشرق الأوسط الجديد؟
هل إرتكب “أردوغان” خطأ استعجال حصاد انتصاره “الخيالي” في سوريا ،مما دفعه للإستعجال بحصاد رؤوس معارضيه والذي يمكن ان ينقلب عليه؟
ما هو موقف امريكا من تغيير “أردوغان” او بقائه على عرش الإسلام السياسي وكرسي الخلافة العثمانية التي حكمت العالم العربي مئات الأعوام ؟
ان المؤشرات الأولى للأحداث وردة الفعل الأميركية والأوروبية الباردة، توحي بالرضا الأميركي والتغطية السياسية وتؤشر الى قيام “أردوغان” بحرب إستباقية ضد منافسيه وهو في ذروه القوة ولأن العالم الثالث محكوم بالقرار الأميركي والحماية السياسية التي يؤمنها للأنظمة ويملك قرار تغييرها او حمايتها، فإن الحراك الشعبي التركي لن يكون مؤثراً ،إلا اذا تأمن الإجماع او الأغلبية الشعبية ضد “أردوغان” وهذا ما يحتاج الى تحالف أربعة أطراف (السنّة والعلويين والأكراد والعلمانيين) وهذا التحالف لا يبدو ممكناً في هذه اللحظات السياسية التي تعيشها المنطقة والصراع السنّي التكفيري مع العلويين والاكراد رغم الإتفاق الإكراهي بين الأكراد والتكفيريين في سوريا.
يمكن ان تستغل أميركا والعدو الإسرائيلي هذه التحركات الشعبية،لإبتزاز “أردوغان” وتطويعه اكثر وكبح جماح طموحاته في سوريا وإفهامه بأن دوره لا يتعدى ، كاسحة ألغام والمعول الذي يهدم، لكنه ممنوعٌ من استثمار ما يزرعه وان الحصاد يجب جمعه على البيدر الأميركيالإسرائيلي ،بالإضافة ان التحالف الأميركيالإسرائيلي لا يسمح ببقاء اي قوة عربية أو إسلامية مؤثره في المنطقة حتى لو كانت هذه الدولة عضواً في الناتو او حليفاً إستراتيجياً، لإسرائيل او عامل تخريب للعالم العربي والإسلامي لأن اليهود لا يأمنون إلا لأنفسهم ويستعملون الدول والجماعات والأشخاص، كعملاء لتحقيق المصالح الإسرائيلية، ثم يتم رميهم على أرصفة السياسة والإنقلابات والإغتيالات.
اذا نجح “أردوغان” بتصفية المعارضة وأعاد تجديد حياته السياسية الداخلية، فإن الأمور في سوريا، ستكون اكثر تشدّداً وسيتمكن اردوغان من “طرد”العرب من سوريا وسيتعّهد بالوصول الى لبنان، لإستكمال مهمته بإسقاط دول وحركات المقاومة و يملك أوراق قوة في لبنان أكثر من السعودية ودول الخليج ،فلديه الجماعات التكفيرية على الحدود والجماعات الإسلامية المتطرفة في لبنان والنازحون السوريون وربما بعض الأطراف الفلسطينية بعدما أطلقت السعودية النار على يدها وفرضت على تيار المستقبل تجميد نفسه ونفي قيادته السياسية.
تعيش المنطقة،مرحلة مخاض دموي وعنيف، قبل ولادة الشرق الأوسط الجديد وفق الرؤية ألأميركية_الإسرائيلية او يتمكن التحالف المقاوم للمشروع الأميركي من إستعادة زمام المبادرة، لحفظ الهوية السياسية والدينية، للمنطقة وانقاذها من فم الذئب الأميركي وإفشال مشروع “إسرائيل الكبرى” و “الديانة الإبراهيمية”.
لم تنته الحرب… ويمكن ان تطول ، لعشر سنوات قادمة، بعدما مضى على اشتعالها حوالي الخمسة عشر عاما لتفتيت المنطقة وإنهاء القضية الفلسطينية من بوابة ” الربيع العربي”.
التحالف الأميركي الدولي يواصل هجومه ..ويحشد عناصر القوة ولا يمكن مواجهته “بالمفرّق” بل بتحشيد القوى والتنسيق بين كل المتضرّرين وهذه احدى نقاط الضعف في جبهة المقاومين …
بقلم الدكتور نسيب حطيط