العدو يقضي على النظام الصحي في شمال غزة..

للمرة الثانية في غضون 80 يوماً، اقتحم جيش الاحتلال الصهيوني مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال قطاع غزة، بنفس النمط الذي اتبعه عند اقتحامه مجمع “الشفاء الطبي” في شهر آذار/ مارس الماضي، إذّ داهمت قوات العدو المستشفى، صباح أمس الجمعة، وأجبرت المرضى ومرافقيهم والكوادر الطبية والصحفية الخروج في الساحة الخارجية، وشرعت في عمليات تفتيش، أعقبه إضرام النيران في أقسام المستشفى، فضلاً عن قطع الأوكسيجين عن الجرحى المنومين في غرف العناية المركزة.

وأمر جيش العدو المعتقلين الانتقال إلى مدرسة الفاخورة حيث تم احتجازهم في ساحة المدرسة، ما أدى إلى انقطاع الاتصال بأكثر من 400 شخصاً، بينهم 45 مريضاً وجريحاً، إلى جانب الكوادر الطبية البالغ عددهم 180 فرداً، قبل الإفراج عن عددٍ منهم صباح اليوم السبت، وإبقاء بعضاً منهم عرف من بينهم، المعتقل مدير مستشفى كمال عدوان د. حسام أبو صفية، وكذلك الزميل الصحفي إسلام أحمد الذي يعمل مع عدة مؤسسات إعلامية.

شهداء وإصابات بحروق  

ووفقاً لمعتقلين أفرج عنهم الاحتلال قبل ساعات، قالوا لـ “بوابة الهدف“، إنّ “جيش الاحتلال قصف قسم الأرشيف في المستشفى ما أدى إلى امتداد الحريق الذي اندلع إلى أقسام المرضى وغرف العمليات والمختبر، في المستشفى، وأمرت قوات العدو بعض الشبان بإطفاء الحرائق المشتعلة، حاول بعض الشبان إخمادها باستخدام الماء من جهاز غسيل الكلى، والذي كان ممزوجاً بمادة الكلور، مما أدى إلى استشهاد بعض الشبان الذي يعملون في قسم الصيانة بالإضافة إلى آخرين من المرضى بسبب الحريق، فضلاً عن إصابة بعضهم بحروق في أيديهم ووجوههم”.

وأضافوا، أنّ “قوات الاحتلال احتجزت جميع الأطباء والرجال الجرحى ومرافقيهم، وأخضعهم للتحقيق والتفتيش، أما الممرضات فقد وجههم إلى المستشفى الإندونيسي في حي تل الزعتر، الذي أخرجها عن الخدمة وأحرقها قبل أيام، حيث لا توجد فيها أدنى مقومات الحياة”.

وأشاروا إلى أنّ قوات الاحتلال اعتدوا بالضرب على الرجال، وأمرهم بخلع ملابسهم وسط أجواء البرد الشديد، فيما تعرضت النساء لإهانات لفظية، وطلب منهن الجنود خلع حجابهن عن رؤوسهن لكنهن رفضن الانصياع لتلك الأوامر، موضحين أنّ “طفلة لم يتجاوز عمرها 12 عاماً تعاني في هذه اللحظات أزمة نفسية نتيجة ضرب تعرضت له من جندي عند صالة الفريد في حي الفاخورة بعد رفضها خلع ملابسها بالكامل”.

إهانات شديدة ووضع كارثي 

أما المواطنة إيمان عياد التي أفرج عنها الاحتلال اليوم، وصفت المشهد في المستشفى ومحيطها بـ “الكارثي”، حيث الشهداء في كل الشوارع وتحت أنقاض المنازل المدمرة، مشيرةً إلى أنّ “الدمار والخراب كبير جدًا بفعل نسف وقصف المنازل في محيط كمال عدوان، عشنا ليلة قاسية عانينا فيها مختلف أصناف الرعب والخوف.”

وقالت لـ “الهدف“، إنّه “بعد اعتقالنا واحتجازنا تحت تهديد السلاح واقتيادنا إلى مدرسة الفاخورة، رأينا أهوالاً حيث المنازل عبارة عن أكوام من الحجارة، والشوارع رمال، أما الكلاب الضالة كانت تنهش أجساد الشهداء تحت عيون جنود الاحتلال الذين لم يفعلوا شيئاً سوى المشاهدة”.

وبحسب إحدى الممرضات في المستشفى المفرج عنهن، أفادت، بأنّ جنود الاحتلال احتجزوا عاملات ضمن الطواقم الطبية في قسم الاستقبال داخل المستشفى”، مبينةً أنّ
“الاحتلال أحضر شاحنة وبدأ بالنداء على الممرضات والطاقم الطبي النسائي للتوجه نحوها، تمهيدًا لنقلهن إلى المستشفى الإندونيسي”.

وأكدت الممرضة لـ “الهدف“، أنّ “جنود الاحتلال اعتدوا بالضرب على النساء وطلبوا منهن خلع الملابس، لكنهن رفضن الانصياع وتعرضن لإهانات شديدة”، موضحةً أنّ “الوضع داخل المستشفى كان صعبًا للغاية، حيث كان الموت يحيط بالممرضات من كل جانب.”

صحة غزة: اعتقال وضرب مدير المستشفى ونقل المرضى تحت تهديد السلاح

بدوره، يقول مدير وزارة الصحة ب غزة منير البرش، إنّ “جيش الاحتلال عمد إلى نقل المرضى والمصابين بشكل إجباري وتحت تهديد السلاح وفوهات البنادق إلى المستشفى الإندونيسي، الذي يفتقر إلى المستلزمات الطبية والمياه والأدوية، وحتى الكهرباء والمولدات”، موضحاً أنّ “هناك مرضى مهددون بالموت في أي لحظة نتيجة الظروف القاسية”.

ويؤكد البرش لـ “الهدف“، أنّ “جيش الاحتلال اعتقل الدكتور حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان بعد الاعتداء عليه بالضرب العنيف”، لافتةً إلى أنّ “ليلةً قاسية قد مرت على المرضى والمصابين الذين تم إجلاؤهم قسراً إلى المستشفى الإندونيسي”.

ويبين مدير الصحة بغزة، أنّ “الوزارة فقدت أثر 10 من طواقمها الطبية في مستشفى كمال عدوان ولا يُعرف حتى اللحظة شيئاً عن مصيرهم”، مؤكداً أنّ “النيران اشتعلت في عدد من المسعفين الذين كانوا داخل المستشفى”.

تفجير أجزاء واسعة من مبنى المستشفى بواسطة “روبوتات متفجرة”

من جهته، يقول مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، إسماعيل الثوابتة، إنّ “جيش الاحتلال يواصل ارتكاب جرائمه الوحشية بحق النظام الصحي الفلسطيني في القطاع، حيث أقدم على إحراق وتدمير مستشفى كمال عدوان، وأخرجه عن الخدمة بالكامل، ثم اقتاد المئات من الطواقم الطبية والجرحى والمرافقين إلى جهة مجهولة، مما يهدد حياتهم بالقتل أو التعذيب والاعتقال”.

ويؤكد الثوابتة، لـ “الهدف“، أنّه “عقب حصار مطبق لعدة ساعات، استخدم جيش الاحتلال روبوتات محملة بكميات هائلة من المتفجرات لتفجير محيط المستشفى، ليتبعها اقتحام همجي وتفجير أجزاء واسعة من المبنى، بعد مجزرة راح ضحيتها خمسة من أفراد الطواقم الطبية خلال الـ 24 ساعة الماضية”، لافتاً إلى أنّ “الانتهاكات الخطيرة التي ارتكبها جيش الاحتلال، تضمنت احتجاز أكثر من 350 شخصًا داخل المستشفى، بينهم 180 من الكوادر الطبية، و75 جريحًا ومريضًا ومرافقين لهم. وإجبار المتواجدين على خلع ملابسهم تحت تهديد السلاح، واقتيادهم إلى جهة مجهولة، ما أدى إلى انقطاع كامل للاتصال مع إدارة المستشفى وكوادره منذ ساعات طويلة”.

ويشدد الثوابتة، إلى أنّ هذا الاعتداء يعد جريمة حرب مكتملة الأركان وخرقًا صارخًا للقوانين والأعراف الدولية، ويهدف إلى القضاء التام على النظام الصحي في قطاع غزة، كجزء من سياسة الإبادة الجماعية التي تمارس بحق شعبنا الفلسطيني، محملاً الاحتلال الصهيوني والإدارة الأمريكية والدول المشاركة في الإبادة الجماعية مثل المملكة المتحدة بريطانيا وألمانيا وفرنسا، المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة وتبعاتها الإنسانية والقانونية والأخلاقية.

وطالب مدير الإعلام الحكومي، المجتمع الدولي والمنظمات الأممية والصحية في العالم بالخروج عن صمتها المريب واتخاذ خطوات عملية وفورية لوقف جرائم الاحتلال في قطاع غزة، خاصة تلك التي تستهدف المستشفيات، محذراً من العواقب الكارثية لتدمير المنظومة الصحية الفلسطينية في غزة، والتي ستمتد آثارها إلى ما هو أبعد من حدود القطاع.

مطالبات بحماية المنظومة الطبية

من جانبها، استنكرت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية استهداف الاحتلال لمستشفى “كمال عدوان”، الذي أدى إلى استشهاد خمسة من الطواقم الطبية وتدمير مرافق المستشفى، مشيرةً إلى أنّ إصابة مدير مستشفى العودة محمد صالحة و6 من الطواقم الطبية في تفجير جيش الاحتلال روبوتات بمحيط المستشفى، فضلاً عن إصابة واعتقال عدد من الطواقم الطبية في المستشفى الإندونيسي.

وأكدت الشبكة، أنّ الحصار المفروض على شمال القطاع منذ أكثر من 80 يومًا يمنع دخول الإمدادات الطبية والوقود، مما يفاقم الأوضاع الإنسانية والصحية، مطالبة الهيئات الدولية، مثل منظمة الصحة العالمية، بالعمل على حماية المستشفيات والطواقم الطبية وضمان وصول المساعدات الإنسانية.

ويعد مستشفى “كمال عدوان” الحكومي، الذي تأسس عام 2002 في بيت لاهيا، أحد أكبر المستشفيات في محافظة شمال غزة، إلا أنّ الاحتلال دأب منذ بدء الحرب على استهداف المستشفيات بشكل متعمد، ومنع إيصال الأدوية ودخول الطواقم الطبية إلى مستشفيات الشمال تحديداً، الأمر الذي يفاقم الأوضاع الإنسانية والصحية هناك، كما وقتل جيش العدو أكثر من ألف من الكوادر الصحية، واعتقل 300 آخرين، في جريمة موثقة تحدث أمام المؤسسات الحقوقية الدولية.

المصدر:موقع الهدف ..أ.أحمد زقوت