تتسابق الدول على تزعم البحار والممرات المائية، لفرض النفوذ والسطوة. فمن سيملك مِفتاح الممرات سيتحكم بزحمة العالم ! وحتى لو كانت الزعامة متعددة الأقطاب، فهناك من سيبقى يلهث وراء “التفرد والتربع “.. هكذا شهدت أحداث التاريخ.
وعلى هذا “الهدف” تعمل الولايات المتحدة الامريكية بدفع الهند إلى المُضي بالممر الاقتصادي “فمن يسيطر على المحيط الهندي يهيمن على آسيا، وهذا المحيط هو المفتاح الى البحار السبعة، وفي القرن الحادي والعشرين سيتم تحديد مصير العالم على مياهه” (نظرية القوة البحرية وأهمية السيطرة على المحيطات في تحديد مصير الدول ومستقبلها الجيوسياسي لـ “الفريد ماهان”).
ولكن لا يبدو لهذا الممر التجاري مستقبل واعد، فمصيره أصبح الآن على المحك (المحلل الجيوسياسي والاقتصادي الهندي، إس إل كانثان، في تغريدة على منصة “إكس” 2023 )، وقد يُجهَض كغيره من المشاريع التي سقطت في مهدها. فبعد طوفان الأقصى خرج الكثير من الكلام حول مستقبل هذا الممر، منه ما أشارت إليه تغريدة كانثان.
نبذة عن الممر
فكرة الممر كُشف عنها خلال قمة مجموعة العشرين في نيودلهي في أيلول/سبتمبر2023، وهو عبارة عن ممر إقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا. وقد وقّعت السعودية والاتحاد الأوروبي والهند والإمارات العربية المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة مذكرة تفاهم التزمت بموجبها العمل معًا للمضي قدمًا بالمشروع .
الممر عبارة عن شبكة نقل من الشحن بالسفن وصولًا إلى سكك الحديد، التي تربط الإمارات العربية المتحدة بفلسيطن المحتلة عن طريق السعودية والأردن، فضلًا عن الكابلات الكهربائية لتعزيز الاتصال الرقمي وأنابيب تصدير الهيدروجين النظيف. و تضم الدول المشاركة فيه 40% من سكان العالم و تمثل حوالي 50% من الإقتصاد العالمي.
ما علاقة “الطوفان” بمستقبل هذا “الممر” ؟
بين الهند والكيان الاسرائيلي علاقات إستراتجية وشراكات منذ العام 1950، حيث تتعاون الهند مع الكيان في مجالات عديدة كقطاع التكنولوجيا، وخاصة التكنولوجيا الدفاعية، والذكاء الإصطناعي، والتطوير الزراعي، وتعتبر أكبر مشتر للمعدات العسكرية الإسرائيلية، وثاني أكبر مورد دفاعي بعد روسيا. وترى الهند في العدو الاسرائيلي شريكاً إستراتجياً لا يمكن الإستغناء عنه. برز ذلك في إمتناعهاعن التصويت لصالح وقف إنساني لإطلاق النار في غزة في الأمم المتحدة في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
في المقابل تسعى أمريكا من خلال هذا الممر إعطاء دور إقليمي وسياسي لأسرائيل ودمجها في المنطقة، في حين ترى إسرائيل أن “المشروع سيُعيد تشكيل وجه المنطقة ويتيح للحلم أن يصبح حقيقة” (رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو).
بعد 7 أكتوبر/ تشرين الاول 2023 سارعت الهند إلى تقديم دعم سياسي سريع وكبير لإسرائيل حيث كانت من أوائل الدول التي أدانت هذا الهجوم. بالاضافة إلى أنها سمحت بالتظاهرات الداعمة لإسرائيل في مختلف أنحاء البلاد، في مقابل قمع الاحتجاجات الداعمة للفلسطينيين.
المصدر:المنار