في ظل الإبادة الجماعية التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، تتبنى السلطة الفلسطينية خطابًا مشابهًا لخطاب الاحتلال في قطاع غزة، وذلك لتبرير عمليتها ضد المقاومين في مخيم جنين.

هذا التشابه الخطير لا يقتصر على تبرير الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال في قطاع غزة، و بل يمهد أيضًا لتبرير أي إبادة مستقبلية سيرتكبها الاحتلال في الضفة الغربية، حيث يتم استخدام نفس الروايات والاتهامات، في شرعنة لاستهداف الفلسطينيين والمؤسسات الصحية والمستشفيات والبنى التحتية، تحت شعار “محاربة الإرهاب”.

  • تشابه في التبريرات: المستشفيات والبنية التحتية الإنسانية

في بيان للجيش الاحتلال بتاريخ 22 مايو 2024، جاء: “تم التعرف على مسلح في جنين دخل منطقة المستشفى الحكومي وتحصن فيه. هذا مثال آخر على الاستخدام الساخر للبنية التحتية الإنسانية بما في ذلك المستشفيات كملاجئ وأماكن للاختباء”، وذلك لتبرير قتلها الجراح أسيد كمال جبارين (51 عاما) خلال توجهه إلى مستشفى جنين الحكومي لمعالجة الجرحى الذين أصيبوا في الاقتحام الإسرائيلي الذي أسفر عن 7 شهداء حينها. 

كما استخدم الاحتلال ذات الخطاب، مع كل استهداف للمستشفيات في قطاع غزة، وإخراجها عن الخدمة وارتكاب مجازر فيها، وتكرر الخطاب مع مراكز الإيواء وخيم النازحين. 

بعد أشهر، في 14 ديسمبر 2024، صرّح العميد أنور رجب من أجهزة أمن السلطة: “هذه المجموعات لا تزال تستخدم مستشفى جنين الحكومي لإطلاق النار وإلقاء القنابل اليدوية على أجهزة الأمن، وتفاجأنا بكمية ونوعية الأسلحة التي تستخدمها هذه المجموعات.”

  • تشويه المقاومة: نهج “داعش”

منذ بدء عدوان الاحتلال على غزة، قال رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو: “حماس هي داعش”، وبالمثل، صرّح الناطق الرسمي باسم قوى الأمن الفلسطيني العميد أنور رجب خلال عملية السلطة ضد جنين: “الخارجون عن القانون في جنين يتبنون النهج الداعشي.”

  • استغلال المدنيين: روايات متطابقة

في سبتمبر 2024، قال المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي: “حركتا حماس والجهاد الإسلامي تستخدمان سكان غزة كأداة للاستغلال، إذ تدرك الحركتان خطورة هذه الصواريخ على حياة السكان وتعتبرانها بمثابة تهديد.”

في السياق ذاته، قال العميد أنور رجب بعد تفجير السلطة مركبة مفخخة أعدها المقاومون لاستهداف الاحتلال:  “المركبة كان من المقرر تفجيرها وسط المواطنين وعناصر الأجهزة الأمنية، في إطار عمل إجرامي جبان يعكس نهجًا دخيلًا على قيمنا الفلسطينية.”

كما صرّح المجلس الثوري لحركة فتح: “نُتابع الاعتداءات في جنين عبر زرع العبوات المتفجرة في الشوارع المكتظة بالسكان، أو أمام المستشفيات، أو بيوت الضباط.”

  • خطاب “المشروع الإيراني”: غزة وجنين

في رواية مشابهة، يصف الاحتلال عملياته في غزة بأنها موجهة ضد “وكلاء إيران”، حيث قال: “نحارب إيران ووكلاء إيران في قطاع غزة.”

وحاليًا، تستخدم الحسابات والصحفات التابعة لحركة فتح والسلطة الفلسطينية مصطلح “محاربة المشروع الإيراني” في إشارة إلى عملية السلطة ضد المقاومين في جنين، أما محافظ نابلس غسان دغلس: “لماذا إيران تدعم داخل المدن ولا تدعم الريف الذي يواجه احتكاكًا مباشرًا مع الاحتلال؟”

  • الرواية الإنسانية والأطفال:

قال الاحتلال الإسرائيلي في بداية عدوانه على غزة: “عمليتنا في غزة ضد من قطعوا رؤوس الأطفال”، والتي أثبت العالم لاحقًا كذب الاحتلال فيها.

مؤخرًا، صرّح الناطق باسم قوى الأمن عن مخيم جنين: “عمليتنا في مخيم جنين ضد من يقتلون الأطفال”، على الرغم من أن السلطة الفلسطينية قتلت طفلين خلال عمليتها ضد المقاومة في جنين.

وليس غريبًا هذا التشابه في الخطابين، بينما كشف موقع والا العبري أن العملية تتم بإشراف أمريكي إسرائيلي، ودعم مصري وسعودي وأردني.

وتواصل أجهزة أمن السلطة عمليتها ضد المقاومة في جنين، تنفيذًا لخطط أشرف عليها المنسق الأمني ​​الأميركي الجنرال مايك فينزل، ومحاولة من السلطة تقديم أوراق اعتمادها للرئيس الأمريكي القادم دونالد ترمب. 

وخلال العملية المستمرة، قتلت أجهزة أمن السلطة 3 فلسطينيين بينهم طفل والقيادي في كتيبة جنين وأحد أبرز المطلوبين للاحتلال يزيد جعايصة، الذي أكدت صحيفة “يسرائيل هيوم” لاحقًا، أن اغتياله تم بالتنسيق مع “إسرائيل”.