يخطئ من يظن بأن وحدة ساحات المقاومة في دول المحور عبارة عن علاقة بين دول متباعدة اتفقت على مشروع يخدم مصالح وقتية أدت إلى بناء حلف وقتي بالضرورة وينتهي ذاك الحلف بمجرد إنقضاء الحاجة بقبض الأرباح وزوال التهديدات، على غرار تحالفات عديدة كحلف الناتو.
فإذا ما أردنا أن نقيِّم العلاقات بين الحلفاء في محور المقاومة نرى بأن كل ساحاته تقدم أغلى الأثمان من أجل نصرة وإسناد إحدى الساحات، خاصة إذا ما قمنا بالتركيز على أكثر الساحات تأثرا في المواجهة مع العدو، سنرى بأن تداعيات الطوفان بغزة أدت إلى إرتقاء قادة عظام في لبنان كما أدت إلى العدوان الذي يشن اليوم ومنذ زمن على سوريا.
كيف لك بأن تفصل بين الساحات وأنت تسمع خطاب نتنياهو وهو يهدد الرئيس السوري بشار الأسد واصفا إياه بأنه يلعب بالنار، ومن ثم في اليوم التالي مباشرةً ترى من تلقف خطاب نتنياهو من الإرهابيين ورأس الخبث أردوغان حين دفعوا بكل عزمهم لإعادة تكريس العدوان على مدينة حلب الأبية، هل هي مجرد صدفة أم أن هنالك ما كان مبيتاً ومعداً مسبقاً قبل هذا الخطاب؟
أدرك الكيان وعلى رأسه نتنياهو بأن وحدة الساحات ليست خطراً لحظياً وأنه ليس بالإمكان عزل ساحة عن باقي الساحات، في الأمس القريب رأينا بإحدى المقاطع التي ترسلها المقاومة في غزة عن عملياتها البطولية لقطة أظهروا فيها صواريخ سورية الصنع، هل تم تصويرها وإرسالها عبثاً أو عن طريق الخطأ؟
حتماً لا، فما هي إلا رسالة مباشرة للعدو والصديق بأن سورية وفلسطين وحدة دم و وحدة شرف ومصير بالإضافة إلى رسالة أخرى بأن خط الإمداد لا يزال مستمرا وأن ساحة غزة ما زالت قادرة على الإستمرار في الصمود و في إيلام العدو.
وبناءً عليه إرتأى المحور بأن يستبق خطة العدو في إشغال كل الساحات بأن يعيدوا جدولة المعارك بحكمة قيادية وبصيرة عالية بأن يتم تفريغ الجهد الذي تم بذله في لبنان بورقة تذل العدو وتريح الصديق، للتركيز على أبعاد أخرى للمعركة وإدارتها بشكل إحترافي حاسم.
أنا كفلسطيني من أبناء غزة هاشم أشعر بالطمأنينة حين أرى بأن عبئ القتال يتم التكفل به على أكثر من ساحة مقابل عدو واحد، بشكل يخفف الضغط على ساحة غزة حتما ويزيد الجهد والعبئ على الكيان وبالتالي يسرع من إنزافه وسقوطه، وكلما تقدم الوقت زادت خسائره وقربت ساعته.
كيف لا أطمئن وأنا أمام مشهد تاريخي جعل العدو يسعى نحو حتفه مرتكزا على جماعات من الحمقى فشلوا على مدى ثلاثة عشر عام عن الإتفاق فيما بينهم وعلى إحراز أي تقدم وهم يملكون كل أنواع الدعم الإعلامي والمادي والعسكري، فأعادوا لهم الكرة وأمدوهم بجنرالات من جيش الكيان وضباط تقنيين من أمريكا وأوكرانيا، وزودوهم بتكنلوجايا الطائرات المسيرة “الذكية” وعتاد متطور ودربوهم على إستخدامه، دون أن يتعلموا من دروس الماضي القريب، فعلوا ذلك على مدى عقدٍ من الزمان وفوجئوا بأن سلاح أولئك الإرهابيين قد وصل للمقاومين في غزة بعد أن غنمه الجيش العربي السوري خلال معاركه البطولية.
لم تتخلى أي من ساحات المحور عن فلسطين حتى وهي في أمس الحاجة للإسناد، فالقضية الفلسطينية والمقاومة الفلسطينية هي درة تاج الحق وأهله ولم يتخلى عنها حر وشريف أبداً.
لذلك لا تستغرب إذا رأيت حملات التشكيك والتحريض أو بث الأخبار التي تحط من ثقتك بالنصر مثل إنتشار أخبار حول هزيمة وقعت هنا أو إختراق هناك، يتوجب علينا جميعاً أن لا ننجر وراء إشاعات المغرضين وتحليلات الطائفيين والمتكسبين على جراح أبنائنا وإخوتنا إخوة الدم والشرف والمصير، فقد هزم العدو منذ الطوفان، وفي كل يوم تكسر صورته ويتقهقر ردعه حتى بات يتكئ على عبيد الدولار لنيل أي مكسب صوري ولكن هيهات.
صلاح الدين حلس