إنه العشق الأزلي ، والحب الطوباوي هو الذي جعل النازحون الجنوبيون وأبناء ضاحية الخير والتضحية والمقاومة وحب نصرالله يندفعون بعد دقائق من إعلان وقف إطلاق النار الى معشوقتهم ومسقط راسهم ، أرض الأجداد والآباء والذكريات والتربة والطين والتين والزيتون والعنب وموطئ الولادة والانتماء والطفولة والحبوّ والتعثر والسجود ونسمات الماضي وعبق النبوة والمساجد والكنائس … رغم كل المخاطر وبقايا قنابل عنقودية قد يكون جيش الشيطان المختار قد بعثرها هنا وهناك وصواريخ لم تنفجر وقنابل مموّهةً … لا يمكن استبعاد أي شيء عن هذا العدو اللئيم … أما ذلك المسخ على الناحية الأخرى من الحدود ، السارق للأرض ، الآتي من بولندا وأوكرانيا و روسيا وألمانيا وفرنسا وأمريكا فهو متردّد.
متمنّع لا يريد العودة إلى الأرض التي ادعى أنها أرض الميعاد … هذه هي علاقة هذا الإنسان الطارئ مع الأرض … هي فقط للسرقة وللمتع الذاتية ولحفرها ولاستخراج المواد الخام عنوةً من باطنها … أما حينما يضطر الى مغادرتها بسبب من الشعور بالخطر أو الخوف من العقاب من أصحابها الحقيقيين… فإنه يغادرها من غير رجعة ، وليس بمتعجّل للعودة اليها حتى يضمن السلامة والأمان … فهو لا يربطه بها سوى علاقة المصلحة والانتفاع والمكاسب المنفعية ، فإذا انتفى ذلك الانتفاع واقتضى الأمر قدرًا من التضحية للدفاع عنها فإنه يطلق ساقيه للريح … ويا روح ما بعدك روح … هذه هي علاقة هذا الانسان المارق بالأرض المسروقة .
سميح التايه