مرفق ترجمة لمقال نشر باللغة الإنجليزية بتاريخ 17 تشرين أوّل، 2024.
نشر المقال على موقع: The National Interest
رابط المقال الأصلي: U.S. Missile Defense Is Under Strain | The National Interest
كاتب المقال: جريج بردي.
ترجمة: علي حمدالله

قد يؤدي التصعيد المتزايد في الشرق الأوسط إلى استنزاف شديد لترسانة الصواريخ الأمريكية، مما يجعل الأصول والمقدرات العسكرية الأمريكية في أوروبا وآسيا عرضة للخطر.

عقب الإعلان في 13 أكتوبر عن قيام الجيش الأمريكي بنشر بطارية من صواريخ الدفاع الجوي للارتفاعات العالية (THAAD) في “إسرائيل”، بدأت قيود وحدود أنظمة الدفاع الصاروخي لدى الطرفين.
وعلى الرغم من عدم وجود صفقة صريحة أو مقايضة مباشرة، فقد يرتبط هذا الانتشار بضغط على “إسرائيل” للتخلي عن استهداف المواقع النووية وصناعة النفط الإيرانية في محاولة للحد من التصعيد.

يتعارض هذا الانتشار مع نهج “إسرائيل” المعتاد في الاعتماد فقط على جيشها للدفاع عن النفس، مما يشير إلى صعوبات تواجهها “إسرائيل” في أنظمة الدفاع الصاروخي الخاصة بها، التي أظهرت نتائج متباينة في التصدي للصواريخ التي أطلقت من إيران وحزب الله مؤخراً.

كما يعكس هذا الأمر المخاوف الأمريكية بشأن العدد الفعلي لمضادات الصواريخ الباليستية (ستاندارد SM-3) المطلقة من البحر، والتي تم استخدامها لمواجهة التهديدات الموجهة إلى “إسرائيل” وإلى عمليات الشحن في البحر الأحمر نتيجة لهجمات الحوثيين في اليمن.

وإذا استمر التصعيد بين “إسرائيل” وإيران، فقد تواجه الولايات المتحدة قريباً خياراً صعباً بشأن مدى استنزاف مخزونها من صواريخ THAAD وSM-3، نظراً لأهميتها الكبيرة في نزاعات محتملة أخرى، لا سيما في آسيا.

تمتلك “إسرائيل” نظام دفاع صاروخي متعدد الطبقات، يتكون من أنظمة اعتراضية قصيرة المدى (القبة الحديدية)، ومتوسطة المدى (مقلاع داوود)، وطويلة المدى (سهم 2 و3)، بالإضافة إلى نظام صواريخ “باتريوت” الأمريكي.

عندما شنت إيران هجومًا في 13 أبريل، اعترضت “إسرائيل” تقريباً جميع الطائرات المسيّرة الـ170، والصواريخ الجوالة الـ30، والصواريخ الباليستية الـ120 التي أطلقتها إيران، ولكن في هجوم الأول من أكتوبر، الذي شمل نحو 180 صاروخًا باليستياً، فشلت “إسرائيل” في اعتراض أكثر من 30 صاروخًا، حيث سقطت هذه الصواريخ على قاعدة “نيفاتيم” الجوية، وواحد سقط بالقرب من مقر جهاز وكالة الاستخبارات “الإسرائيلية” – الموساد.

وقد يعكس هذا قراراً بتوفير الصواريخ الاعتراضية، نظراً لأنّ قاعدة “نيفاتيم” محصنة ضد الضربات الصاروخية، ويمكن حماية الأفراد والطائرات فيها في حال وجود إنذار كافٍ. لا تنشر “إسرائيل” بيانات حول مخزونها من الصواريخ الاعتراضية، لكن صحيفة “فايننشال تايمز” نقلت عن عدة مسؤولين سابقين أشاروا إلى وجود ندرة في المخزون. نشر نظام THAAD من شأنه أن يعزز نظام “سهم” “الإسرائيلي” في النطاق الأبعد، وسيتم استخدامه ضد الصواريخ الباليستية القادمة من إيران.

لكن الولايات المتحدة قد تواجه قريباً معضلة بشأن كيفية تحديد الأولويات، بالنظر إلى أنّ صواريخ SM-3 وTHAAD ضرورية لقدرة الولايات المتحدة على الدفاع عن قواعدها في المحيط الهادئ من الصين وقواعدها في أوروبا من روسيا.

وقد ذكرت تقارير “إسرائيلية” أن نشر النظام جاء جزئياً استجابةً لنفاذ المخزون من صواريخ SM-3 لدى الأسطول السادس الأمريكي بعد أن ساعدت المدمرات المزودة بنظام إيجيس في الدفاع عن “إسرائيل” خلال هجوم الصواريخ الإيراني في الأول من أكتوبر.

على الرغم من أنّ العدد الدقيق سري، فإنّ العدد الإجمالي لصواريخ SM-3 الاعتراضية المنتجة يبلغ أكثر من 500 بقليل، حيث يتم يبلغ الإنتاج السنوي 12 صاروخاً فقط. ومع الأخذ في الاعتبار الاختبارات التي أجريت على مر السنين والاستخدام القتالي الأخير، يُعتقد أن العدد المتبقي يبلغ حوالي 400 صاروخ، بعض منها منتشر على الأرض في بولندا ورومانيا.

يجب عدم الخلط بين هذه الصواريخ ونماذج أخرى من صواريخ “ستاندارد” مثل SM-2 وSM-6، التي تم إنتاجها بكميات أكبر لكنها غير مناسبة لاعتراض الصواريخ خارج الغلاف الجوي.
بطارية THAAD التي تم نشرها مؤخراً في “إسرائيل” تتألف من ستة قاذفات بإجمالي 48 صاروخًا اعتراضياً. هناك سبع بطاريات THAAD مستخدمة حالياً من قبل الجيش الأمريكي، كما تمتلك الإمارات العربية المتحدة صواريخ THAAD، وقد استخدمتها بنجاح لأول مرة في القتال ضد صاروخ أطلقه الحوثيون في اليمن عام 2022. وفي ديسمبر 2023، سلمت شركة “لوكهيد مارتن” الصاروخ الاعتراضي رقم 800 الذي اشترته الحكومة الأمريكية، مما يعني أنّ العدد المتاح أقل قليلاً بعد احتساب الصواريخ المستخدمة في الاختبارات.
هذه كميّات كبيرة من أنظمة الدفاع الصاروخي الباليستي، لكنها محدودة. في عام 2023، أشار الجنرال فرانك ماكنزي، القائد السابق للقيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) ، إلى أنّ إيران تمتلك “أكثر من 3000” صاروخ باليستي، مما يجعلها تمتلك أكبر ترسانة من الصواريخ الباليستية في الشرق الأوسط وبفارق كبير. معظم ترسانة حزب الله تتكون من صواريخ قصيرة المدى، والتي لن تكون ضمن نطاق أنظمة SM-3 أو THAAD لاعتراضها. ورغم أنّ ليس كل هذه الصواريخ الإيرانية ستتطلب اعتراضاً من الأنظمة الأمريكية، فإنّ العدد الكبير منها يكفي لاستنزاف مئات من صواريخ الاعتراض الأمريكية في حالة تصاعد كامل للصراع يدفع الولايات المتحدة للتدخل لصالح “إسرائيل”.