بعدَ رحلةِ الهُدهُد… عرضٌ مسرحيٌّ كبير في الكونغرس:

ليس بإمكانِ أحدٍ أن يتعجَّبَ من مشهدِ النازيينَ المصفقينَ لنتنياهو قائد نازيةِ العصر الحقيقيَّ من دونِ أن يقرأ المشهدَ كاملاً!!، علينا في مكانٍ ما أن نكون موضوعيينَ جداً في قراءةِ عدوّنا؛ فهل خرجَ نتيناهو ليديرَ ويحدِّدَ مصيرَ الكونغرس قبلَ أن يقفَ “على رجل ونص” ويتابعَ هُدهُدَنا المبارك وهو يصولُ ويجولُ فوق أهمِ قواعدِه العسكرية ويفصّلُ فيها المعلوماتِ والأهدافِ ويهدهِدَ بافتخارٍ بإعلانِ مصادرةِ ما تبقى في حوزةِ الكيانِ من سلاحٍ فتاكٍ هو الوحيدُ الذي يفعلُ فعلَه في الميدان بحقِّ المدنيين العُزَّل؟! “ملاحظة: الهدهدةُ في العربية صوتُ الهُدهُد”!

قالَ لنا الهُدهُد إن نتنياهو وقفَ يسخطُ ويشخطُ ويزبدُ ويُرعِد وهو يرى مذلّتَه يسوقُها الهُدهُد الجنوبيّ “جنوبيُّ الهوى قلبي وما أحلاهُ أن يغدو هوى قلبي جنوبيَّا”!

اضحك ملءَ قلبِكَ وأنتَ تتخيَّلُ المشهد!!، لم يكن بعدُ قد أفاقَ حلفُ العدوِّ من أثرِ خبطةِ عصا “يافا” اليمنيّة على رأسِه في “تل أبيب”، حتى جاءته عصا الهُدهُد.. ما أحلاكَ يا هُدهُد!!

كان واضحاً ووفقَ معلوماتٍ تؤكِّدُ توسُّلَ أمريكا لليمن بابتلاعِ عدوانِ ميناءِ الحديدة مقابلَ ضربِ اليمن “تل أبيب” أن الأمريكيَّ صارَ يعتبِئُ من الخوضِ والتَّورِّطِ في حربٍ وصلت تداعياتُها إلى الدَّولةِ العميقة فبدأ رموزُها يغتالُ بعضُهم مشاريعَ بعضِ في محاولةِ قتلِ ترامب مؤخراً وهو تعبيرٌ جليٌّ عن حجمِ التَّخبُّطاتِ التي نالت حتى الدولةَ العميقة جرَّاء الهزائمِ التي تلحقُ بها!

كان واضحاً أن الأمريكيَّ أقلّ ما يمكن سيحاولُ الخروجَ بفترةِ انتخاباتٍ بعيدةٍ قدرَ الإمكان عن أوحالِ غزة وجبهاتِها التي غرِقَ بها غيرَ ناسٍ أن “البَلَّ وصلَ لذقنِ مؤسستِه العسكرية” في الدَّخلِ الأمريكي في حادثةِ الشهيدِ آرون، ناهيك عن الاستقالاتِ المتواليةِ تباعاً والتي طالت حتى الخارجيةَ الأمريكية، فالبيتُ الدِّبلوماسيُّ الأمريكيَّ ليس بخيرٍ بالمُطلق!

كان واضحاً بل صارً مفضوحاً أن حلفِ العدوِّ بحاجةٍ ماسَّةٍ إن لم يكُن للعودةِ إلى التفاوض فإلى هُدنةٍ ولو غيرِ مُعلَنة تأتي على شكلِ تهدئة بعد كلِّ الهزائمِ التي مُني بها، وأكبرُها لأمريكا طردُ آيزنهاور ذليلةً كسيحةً من بحارِنا، وأوجعها للكيان استهدافُ تل أبيب في مشهدٍّ ملحميٍّ يُنبئ الكيانَ وداعميه أن المنطقةَ كُلَّها تتآمرُ لهزيمتهم سواءً بالطبيعةِ التي تفرِضُها متغيراتُ موازينِ القُوى أو بغيرِ ذلك مما هو طوعُ يدي المقاومة لا في الميدانِ العسكريِّ فقط وإنما حتى في الساحةِ الدِّبلوماسية التي يعبِّرُ عنها خيرُ تعبير ما آلت إليه الأمور من توافقٍ يمنيٍّ سعوديّ وصّل الحدُّ بالبعضِ أن يقولَ عنه بأن الملكَ سلمان يتحالفُ مع الحوثيينَ ضدَّ أمريكا و”إسرائيل” في بعضِ وسائل الإعلام!

فما الذي أخرجَ النتن بمشهدِ سيِّدِ الكونغرس ومُهرِّجِ الدَّم الذي يتغنى بعنصريَّتِه ونازيتِه على الملأ ويصفِّقُ له القتلةُ على الملأ؟!.. إنه هُدهُدُنا المشاكس الحبيب!!!

الهُدهُدُ يتكلّم ونتنياهو يتألَّم:

وتقولُ عصفورةُ الأخبار أن نتنياهوُ يتابعُ إعلامَنا باهتمامٍ بالغ حتى يصحَّ لنا أن نقول إنه أهمُّ “الفانز” لمحورِ المقاومةِ وإعلامِه على الرَّغمِ من أنه يحاولُ خنقَ هذا الإعلامِ بكل وسائله!!

ولكن ما الذي قالَه الهُدهُدُ في “سِيرانِه” الأخير؟!

لم يبقَ تفصيلٌ عسكريٌّ في القاعدةِ المُصَوَّرة إلا وقد وقعَ عليه مِسبارُ الهدهدِ بالفحصِ والتنقيبِ والتحديد، من المهابطِ إلى منصاتِ انطلاقِ الطيرانِ الحربي إلى أنواعِ هذا الطيران وغرفِ التحكِّمِ والكليَّةِ العسكرية وغرفِ قادةِ القاعدة والكثير الكثير مما انشغلت بتعدادِه التحليلاتُ العسكرية، ولم يبقَ للهُدهدِ سوى أن يعلنَ متى تمَّت آخر عمليةِ صيانةٍ للطائلراتِ بأنواعِها، وما الذي يفعلُه ضباطُ الكيانِ المعنيينَ بالتصوير ساعةَ بثِّ الإعلامِ الحربيِّ للمقاومةِ الوطنية اللبنانية للفيديو!!

وفيما وراءَ وأبعدَ مما تمَّ البوحُ به، تقولث المقاومة إن السِّلاحَ الذي تستهدفون به أطفالنا ونساءنا والمدنيين العُزَّل وتقومونَ به بجرائمكمُ الوحشيَّة قد أصبَح مِلكَ يدِ المقاومة.. وما لم ترضخ أمريكا و”إسرائيل” لشروط المقاومة فعليها أن تجدَ لنفسِها مهابطَ للطيران غير تلك التي تحت منظارنا، ومنصاتِ إطلاقٍ أخرى، بل واحتياطيَّ طائراتٍ يسنُد تلك التي ستتحوَّل إلى خُردة وتلحقَ بمصيرِ الميركافا والنمر وسواها!!

فطبيعيٌّ جداً أن يُكيلَ نتنياهو اتهاماتِه لطهران، وهي بدورِها لا تُخفي عِدَاءَها للكيان!، ثمَّ يصفَ الحزبَ بما يعبِّرُ عن سُخطِه وذُلِّه ثمَّ وثمَّ قبلُ وبعدَ الكثير، فقدِ اعتدنا أن هذا الكيانَ يُرحِّلُ اتهاماتِه بينَ عواصمِ المحور، فتارةً هي سورية التي تجمعُ إليها وفيها ومنها كلَّ ما يؤئي “إسرائيل”، وفقَ اعترافاتِ نتنياهو نفسِه التي نُذَكِّرُ بها دائما وتارة إيران وتارة حزبُ الله واليمنُ والعراق وتارة فلسطين… ويركِّزُ في هذه الإطلالةِ “المهيوبة” على إيران وهو بذلك يحاولُ استنهاضَ الأمريكيِّ لقتال طهران، عبر استفزازِ مذلَّةِ واشنطن أيضاً أمام الجمهورية في غيرِ مرةٍ كان أوجَعَها يومَ الوعد الصادقِ المشهود!ولايعرفُ نتنياهو هنا بأنَّ صفعَه للأمريكي بهذه الذكريات كلِّها لن ينفعَ هذه المرة ولو استدعى عواصمَ المحورِ جميعاً وتناوبَ على صفعِ الأمريكي بها من دونِ قُفَّازات، فوجهُ أمريكا قد سُفِحَ وانتهى الأمر!

فهاتِ لنا جبهةً واحدة استطاع الأمريكي مع كلِّ الناتو أن يحقق فيها مراده بدءاً من سورية التي هزمته وأعلنت عصرَ عالمٍ جديد، وصولاً إلى العراقِ التي جعلت مرمى أهدافِها يتركزُ على قواعدِ الأمريكي حتى اضطّرَّ باللزوم لوضعِ جدولٍ زمني للخروج، ومروراً حتى بالجبهة الناتوية الأوكرانية-الروسية التي يُلقَّنُ فيها الدروسَ تباعاً على يدِ الدُّبِّ الرُّوسي!، أفبعدَ كلِّ هذا يمكنُ أن يستفزَّ الصفعُ بعواصمِ المحور كرامةً للأمريكي أو هيبةً مُدَّعاة!!

وبعد.. فهل يستغربُ أحدٌ أو هل يجبُ أن نتوقَّعَ أن يخرجَ علينا مسرحُ الكونغرِس المجرم بغيرِ هذا العرضِ البهلوانيِّ الذي شهدناه أمس، والذي لا يملك سواه؟!

استعراضٌ جبَّار وقُدراتٌ قَزَمة:

طبيعيٌّ أن يقرأ البعضُ أن حجمَ إمدادٍ كبير سيتلقَّاه نتنياهو بعدَ العرضِ المسرحيِّ الذي تم تقديمُه في الكونغرس، وأن يُفسَّرَ التصفيقُ عدداً لا محدوداً من الأصفارِ كميزانيةٍ لدعمِ الكيان، وشيكاً على بياض بما يريدُ رئيس حكومةِ الاحتلال من سلاحٍ ودعم، ولكنَّ هذا التفسير تقفُ في وجهه معطياتٌ على أرضِ الواقع تسأل:

هل مازال في قدرةِ وحوزةِ أمريكا أن تُقدِّمَ للكيانِ السِّلاحَ الذي يحتاج وهي تقعُ تحتَ وطأةِ نفاذِ سلاحِ الخدمةِ واحتياطيِّها وعدمِ قدرةِ شركاتِ تصنيعِ السلاح على إمدادِها بما تريد؟!، وهل بوسعِ أمريكا أن توغلَ أكثر في التورِّطِ مع الكيان على حسابِ ما تفقدُه يومياً في حصانتِها الديبلوماسية العالمية ليس فقط أمام المجتمعِ الدّولي والقطبِ الجديدِ الصاعدِ الذي يحاربِها، ولا على مستوى دولِ أمريكا اللاتينية التي صارت تتحدَّاها ولا تراها، ولا على المستوى القضائيِّ الذي لم يعُد قادراً على تغطيةِ جرائمِها وهي تفقدُ العصا التي كانت من خلالِها تحكمُ العالم بمنظماتِه الدَّولية على هواها، بل على صعيدِها الدَّاخليِّ الذي بات يحتقنُ باستمرار رفضاً لسياساتِها الخارجيةِ التي لم تجرَّ لأمريكا سوى الويلاتِ الاقتصادية من جهة والخسارات والأزماتِ الدّاخلية التي باتت تعبِّرُ عن نفسِها بشارعٍ يغلي بالمواطنين الذين أفاقوا على زيفِ السردية الصهوينيةِ العالمية وأمريكا سيّدتُها، وعلى مستوى الولاياتِ التي تتهيأ للانفكاكِ عن عاصمةِ القرار واشنطن مستثمرةً فيما تعانيه من أزماتٍ طالت حتى ما تسمِّيه “أمنَها الوطني”؟!

وإذا كانت أمريكا فرضاً قادرةً على فعلِ ذلك وتلبيةِ الشهوانيةِ الصهيونيةِ للقتلِ لديها ولدى ربيبِها نتنياهو، فماذا سيكون مصيرُ هذا الدَّعم أمامَ اللاعبِ اليمنيِّ جمعَ البحارَ والمحيطات في كأسِ ماء لايشربُ منه أحد حتى يشربَ أهل غزة؟!.، وحبَسَ المضائقَ عن تجارةِ أمريكا والكيانِ وداعميه لا يُفرجَ عنها حتى يُفرَجَ عن أهلِ غزة، فاصطاد السفنَ والبوارجَ وتفنَّنَ في إذلالِ الفرقاطاتِ وتنكيسِ أعلامِ الكيان وداعميه، حتى نالَ بسلاحِه من آيزنهاور التي تَزِنُ في المقدارِ من الأهمية ما يزِنه البنتاغون نفسُه لدى أمريكا والغرب التابعِ لها؟!

وماذا سيُجدي أيُّ تصعيدٍ يُقدِمُ عليه الكيان تجاهَ أي جبهةٍ من الجبهات في المحور بعدَ أن صارَ الكيانُ بكل تفاصيلِه تحت مرمى نيرانِ المقاومة واستهدافاتِها الدَّقيقة، بما يحققُ معادلةَ المدينة بالمدينة والمطار بالمطار وإلى آخر ذلك، بل بما يفرِضُ اليوم وفقَ قراءةِ قدراتِ المحور، الطِّفلُ في غزة بالضابطِ في قاعدتكمُ العسكرية، والمدنيُّ ليس بالمدنيِّ بل بما وبمن تسبَّبَ في استشهادِه، مالم يُطِعِ العدوُّ أوامرَ المعادلاتِ الجديدة ويرضخ لشروطِ المقاومة!!

هَرَجٌ ومَرَج… نتفهَّمُ.. ونجزلُ الشماتة:

يجبُ أن نتفَّهَمَ هستيريا مشهدِ الجنونِ التي قدَّمَها النتن وهو من يدُقُّ مسماراً جديداً في عرشِ الطاغوت.. فمن شأن هذه المعركة أن تصوغَ “اليوم التالي لوعد بلفور” وتعرّي وتحاسب كلَّ مجرمٍ تسبَّبَ باحتلال أرضِنا وسفكِ دماءِ أبنائنا، وحريُّ بهذه المعركة أن تُجسَّدَ عدلَ الله “يضرب الظالمين بالظالمين” فيتحوَّل نتنياهو من حيث لا يدري إلى أداةٍ بيدِ المقاومةِ يورِّطُ الأمريكيَّ أكثر ويدقُّ بيديهِ مسماراً في نعشِ الشيطانِ الأكبر فيما الأبالسةُ الصِّغار سُكارى بحدِّةِ التصفيقِ مقدِّمينَ دليلاً للعالمِ كلِّه بمحاكمهِ العدلية والجنائية والكونية على أن كلَّ طفلٍ في غزَّة كانَ على مائدةِ سلاحِ هؤلاء قبل نتنياهو نفسه الذي اتُّخذّ شمَّاعةً في الإعلام المعادي لطريقِ العودةِ والرجوعِ متى شاءَ حلفُه ذلك!!

لكن هيهات.. فقد أحرقت نازيةُ الكونغرس كلَّ الدروب للرجوع، ودخلت علناً شريكاً في القتلِ والدَّمِ وجرائمِ الإبادةِ الجماعية!!

ولأن قادةَ المقاومة يعرفونَ عدوَّهم جيدا فقد كانوا يعدُّون العُدَّة لإتمامِ المعركةِ للرضوخِ لشروطِ المقاومة أو لزوالِ الكيان ما لم يقف عندَ حدِّه هذا!!

وحريٌّ بيافا اليمن المجيد، وهُدهدُ الجنوبِ العنيد أن يزلزلَ ما تبقى من عقلِ الكيانِ وداعميه، لتجدَه يطلع علينا بالمشاهدِ إياها، لا لأنَّه سيحصلُ على امتيازاتٍ عسكريةٍ جديدةٍ تلبّي طموحَ إجرامِه لأنَّ المُموِّلَ أصلاً في مأزقٍ شديد، ولا لأنّه استطاعَ أن يُحقِّق أي منجزٍ على أرضِ الواقع ودباباتُه تشهدُ على ذلك وتنطقُ به حتى بعدَ أن تحوَّلت إلى خُردة… بل لأنَّ نتنياهو وحلفُ العدوِّ من أهمِّ المتابعين لإعلامِنا!!

فاضحك.. ثمَّ صفِّق للهُدهُدِ وأخواتِه… واشمت بعدوِّكَ ما أمكنكَ ذلك يابنَ محورِ المقاومة، “فالشماتة بالعدوُّ واجبٌ وطني مقدَّس” تقول طفلةٌ في غزة الأبية!

رئيس التحرير

فاطمة جيرودية-دمشق