يا “إسرائيل”.. يا قادتَها.. يا نتنياهو!

صحيحٌ أن أطفالَ غزَّةَ هُرِست عظامُهمُ الغضَّة تحتَ آلةِ قتلِكمُ الوحشية وأنا مازلتُ أردَّدُ على الشاشة “ستزولُ إسرائيلُ من كل الوجود”!

صحيحٌ أن غزَّةَ سويَّت على الأرضِ وأنا أقول بأن النَّصرَ آت!

صحيحٌ بأنَّ حلفاءَكَم المتأسلمينَ والمستعربينَ يجوبونَ أراضينا وفضاءاتِنا ليلَ نهار أدواتٍ رخيصةً لكم وأنا ما زلتُ أقولُ سيخرجُ من بينِ العرب من يفاجِئ هذا الكيان اللَّقيط!

صحيحٌ بأنني كلَّ شهرٍ من شهورِ الطُّوفانِ كنتُ أصفعُ وجوهكم بمادتي الأدبية “أرق طوفان الأقصى”.. وأُبخِّرُ سطورَها بعطرِ قادتنا!

كلُّ ما فعلتموهُ فينا من قتلٍ ودمٍ ومجازرَ صحيح!

وصحيحٌ فعلاً بأنَّ هذه الليلة هي أثقلُ ليلةٍ تمرُّ على أرواحِنا لأنَّ سماحةَ اليقين ابنَ فاطمةَ في حجابٍ عنَّا لا نعرفُ مصيرَه!

هل حقَّاً استشهدَ السَّيِّد؟!!
مَن كانَ فينا يجرؤ حتى أن يواجهَ نفسَه يوماً بمثلِ هذا الاحتمال؟!
أوَلن يصلِّي السَّيدُ فينا في الأقصى؟!
أولن يكونَ حلمُ العبورِ فالتحرير؟!

هل حقاً يا “إسرائيلُ” قد تمكَّنتِ من ذلك؟!

أعترِف… لم يكُن هذا يوماً في الحُسبان!.. لم يكُن في الحُسبانِ كما لو أنَّ الله قد تجلَّى لنا وقاله!

حاولتُ أن أتتبَّعَ خبراً من الشام.. فأنا التي دائما تقول:
“انظروا ماذا تقولُ دمشق إذا صمتَ العالم”!
ولكن الشَّام لم تُقل كلمة!

ولا أعلمُ اليومَ -حالي حالَ كلِّ أبناءِ المحور- ما هو مصيرُ السّيّد!
وأنتظرُ -حالي حالَ كلِّ أبناءِ المحور- أن يخرجُ علينا ليقول:
“انظروا إليها إنها تُحرقُ وتُغرقُ في عُرضِ البحر”!
وأرجو الله ألا يردَّ أيادينا خائبةً وقد أوشكتِ السماءُ أن تُرفعَ عليها ونحن نتوسَّل.. ونفتدي ترابَ الأرضِ تحت قدميه بأنفسِنا وأبنائنا وكلِّ ما نملك!

لذا فإنني سأفاوض.. ومن دون وسيط..
باسمِ المحورِ سأفاوض!

لأنَّنا لم نكن في يومٍ من الأيام نحسبُ أن نعيشَ هذه الاحتمال وها نحنُ اليوَم ننتظرُ ولا نعرفُ شيئاً.. ولأنني طوالَ ما تقلَّبني لظى الروحِ عليه بقيتُ أردِّد:

لماذا لم تكتبِ اليدُ التي خطَّت قدرَ هذه المعركةِ عبارتين؟:
لن تُسبى زينبُ مرتين.. ولن يُفجَعَ قلبُ فاطمة مرتين!
ولأنَّ اللَّيلةَ جمعت إليها كلَّ أثقالِ أيامِنا الماضية التي نقلَها إلينا التاريخ.. فاضُّطرِرنا أن نراجعَ لوعاتِ البتولِ تودِّعُ سيَّدنا محمداً الشهيد.. وحرَّاتِ قلبِ زينبَ تتحرَّقٌ لتعرفَ مصيرَ الحسينِ شهيداً.. وكتمَ العذراءِ مريمَ بكلِّ ملحِ الأرضِ على جراحاتِ ما أراها الله من مشاهدَ ستقعُ لابنها المسيح!
ومعَ كلِّ ذلك.. استعرت في قلوبِنا كلُّ صُراخاتِ الجرحى والشهداءِ وذويهم في سورية وفي غزة وفي اليمن وفي ضاحية السماء في الجنوب!

فإننا لم نعُد نحتمل … وإليكِ يا “إسرائيل” هذه الصَّفقة!

أيَّاً يكن ما سيحملُه الصَّباحُ لنا من أخبار!!.. فإنَّنا لن نفاوض.. لن نساوم.. لن نتركَ فلسطين.. لن نبيعَ ولن نبدِّل.. لن نهونَ ولن نضعُف.. لن نتوقَّف حتى تشهدي ذُلَّكِ قبل الزوال.. لأننا يا “إسرائيل” محورٌ بِعنا أنفسَنا لله.. أعرنا الله جماجمَنا.. ومازال فينا القادةُ يعلِّموننا.. بأنَّا جميعاً مشاريعُ شهادةٍ في سبيلِ اللَّه والوطن!

فلكُم ما شئتُم من دمِنا.. لقد عاهدنا الله على ذلك.. نحنُ في الشهادةِ أكثرُ حياةً مِنَّا في الدُّنيا!

أما نحن فلَنا أن نُذِلَّكم قبل الزَّوال الأكيد.. لذا يا “إسرائيلُ” مهما فعلتِ… سنبقى نحنُ أصحابَ الأرضِ وسنحُرِّرها.. وستبقين يا “إسرائيل” بينَ قوَسين.. حتى يحينَ موعدُ الزوال.. فتزولي باسمِ الله والوطن وجُندِ المحور!
سنبقى… وسنطردكِ من حجارةِ هذا الطريقِ الطويل..
وسواءٌ قدَّرَ الله أن يُغيِّبَ قمرَنا عنا أو أن يُبقي صورتَه حاضرةً بينَنا.. فإنه سيكون حاضراً ليصلِي بنا في القُدس.. إماماً أشبه ما يكون بوجه الحُسين.. وجدِّه النبي محمَّد.. قاهرِ المشركين!

مدير التحرير

فاطمة جيرودية-دمشق