جاء الرد اليمني معلناً في ثناياه عن مرحلة جديدة بالتصعيد من أجل غزة ، و مخبراً الغرباء عن يافا أن ليس لكم مكان آمن في هذا الكيان اللقيط ، مستخدماً في الرد صاروخاً فرط صوتي أسموه ( فلسطين 2) ، صنع بكل فخر بأيادٍ يمنية ، عجز عن التصدي له كل الدفاعات الجوية الصهيونية ، التي هي خلاصة ما توصلت له التكنولوجيا الأمريكية المكرسة للإرهاب ، أي إن التكنولوجيا اليمنية تفوقت على الأمريكية في هذا الاستهداف .
و لتسليط الضوء على هذا الموضوع اخترنا لكم في موقع طوفان ضمن سلسلة مقالات مختارة مقال نشر على موقع الخنادق بتاريخ ١٦/٩/٢٠٢٤ للكاتبة الأستاذة مريم السبلاني تحت عنوان :
صاروخ فرط صوتي يمني يصيب “تل أبيب”: هكذا يكون الثأر “بالنقاط”
تتكرر الأسئلة هذه المرة. فلا إجابة شافية يدخرها المستوطنون من المرة السابقة التي وصلت فيها المسيرة اليمنية “يافا” إلى تل أبيب. فالقادة العسكريون والأمنيون المسؤولون عن توفير معطيات لما حصل، عن كيفية احتيال الصاروخ على كل أنظمة الرادار المتمركزة على طول 2040 كلم، ثم اختراقه لأنظمة الدفاع الجوي الأكثر تطوراً، لم تتضح لديهم الصورة بعد. اذ أن العدة التي أعدوها لم تكن مجهزة للتعامل مع تطور سريع ونوعي على شاكلة “صاروخ فرط صوتي” -وهي ليست كلمة عابرة-، وهذا ما دفع رئيس الوزراء الاسرائيلي لاتباع الطريق الأقصر إلى عقول مستوطنيه، وهو اطلاق التهديدات مجدداً على الرغم من أنها لم تفلح سابقاً في تشكيل حاجز الردع.
انضمت صنعاء، رسمياً، إلى نادي الجيوش التي تمتلك صواريخ فرط صوتية، بعد أن كان هذا الأمر يقتصر على الولايات المتحدة (X-51 Waverider) والصين (DF-27) وروسيا (Кинжал-كينجال) وكوريا الشمالية (Hwasong-8) وإيران (فتاح).
في العملية التي أعلنت عنها القوات المسلحة اليمنية واستهدفت هدفاً عسكرياً حيوياً، يكون اليمن الدولة الثانية التي يستخدم هذا النوع من الصواريخ بعد موسكو التي أعلنت عن استخدامها له في حربها ضد الغرب في أوكرانيا بعد أن كانت قد كشفت عنه في آذار/ مارس عام 2018.
وبحسب تقديرات الاعلام العبري، الذي انشغل بتفكيك ما جرى بعد أن فرضت الرقابة العسكرية قيودها المعتادة، فإن “مدى الصاروخ يبلغ حوالي 2000 كيلومتر، وهو ما يكفي لتغطية المسافة من اليمن إلى إسرائيل. يتم نقل الصاروخ من موقع تخزينه بالشاحنات إلى موقع الإطلاق، حيث يتم تجميعه. هدف الصاروخ محدد مسبقاً ولا يمكنه تغيير مساره أو تصحيحه أثناء الطيران”.
وتشير صحيفة جيروزاليم بوست العبرية إلى أن الصاروخ يحتاج إلى 12-15 دقيقة فقط من شمال اليمن للوصول إلى وسط إسرائيل. يقدر وزنه قبل الإطلاق ب 15-17 طناً، لكن الرأس الحربي نفسه يزن حوالي 650 كلغ، وهي شحنة متفجرة كبيرة، إلى جانب سرعة تأثيرها، يمكن أن تسبب أضراراً جسيمة للهياكل العسكرية والمدنية”. تستغرق الاستعدادات لإطلاقه، التي تملأ المرحلة الأولى بالوقود، حوالي 30 دقيقة فقط بدلاً من عدة ساعات.
من ناحية أخرى فإن وصول الصاروخ إلى هدفه، الذي يبعد عن مطار بن غوريون أقل من 6 كلم في ضواحي تل ابيب، يشير إلى عدد من الاخفاقات. اذ ان مدة تجهيز الصاروخ لاطلاقه، الذي يتطلب بالضرورة وجوده في أراضٍ مفتوحة، يجعله مرئيّاً للأقمار الاصطناعية الاستطلاعية الاسرائيلية والأميركية التي من المفترض أنها تراقب مواقع الاطلاق المحتملة.فيما تجدر الاشارة، أن الطائرات المسيرة الأميركية باتت عرضة للاستهداف المستمر، وآخرها كان بعد ساعات من اطلاق الصاروخ وهي التاسعة من نوعها.
في حين أن لحظة اطلاق الصاروخ، ونتيجة الحرارة الشديدة التي يولدها المحرك، يجعلها عرضة للاكتشاف من شبكة الاقمار الصناعية الاميركية للتحذير من الصواريخ وبالتالي نقل المعلومات إلى الجيش الاسرائيلي. أضف إلى ذلك، اخفاق الانظمة الرادارية المنتشرة في البحر الاحمر، وفي النقب وأخيراً نظام Arrow في الأراضي المحتلة.
هذا الانجاز التكنولوجي العسكري النوعي، الذي استطاع الوصول إلى الهدف دون أي كشف أو اعتراض من 56 منظومة رادارية برية وبحرية ذات منشأ (امريكي واسرائيلي وبريطاني وفرنسي وألماني وإيطالي) و13 قمراً صناعياً عسكرياً فضلاً عن عشرات منظومات الدفاع الجوي التابعة لتلك الدول والكيانات وليجبر أكثر من مليوني مستوطن إسرائيلي في تل أبيب والقدس المحتلة على النزول إلى الملاجئ، يجعل من تقييم الوضع لدى المستوى السياسي أكثر صعوبة. وهذا لا يقتصر على كيان الاحتلال وحسب، بل على الولايات المتحدة أيضاً، والتي تستمر بالدفع نحو اطالة أمد الحرب، أو الإعراض عن فعل ما يلزم لوقفها، بشكل جدي.
مريم السبلاني -ماجستير علوم سياسية-كاتبة في موقع الخنادق.
قدم للمقال محمد دجاني