صورة- (البروفيسور راوول، مدير وحدة البحث في الأمراض المعدية والناشئة، والمدير السابق لمعهد المستشفى الجامعي المختص في الأمراض المعدية بمدينة مرسيليا/فرنسا).
“أسباب هذه العدوى لشلل الأطفال، التي نراها في غزة الآن ليست طبيعية، بل هي عدوى مخبرية من صنع انسان، هي تفشت عبر الجرعات الفموية لتطعيم الأطفال، الآن في غزة عدد الأطفال المصابين بداء شلل الأطفال يوازي ثلاثين مرة النسب المعهودة في الماضي”..
ما حقيقة تصريحات البروفيسور ديديي راوول؟ !..
صادمة ومرعبة كانت كلمات البروفيسور ديديي راوول Didier Raoul، أحد أشهر الأطباء والباحثين في الميكروبيولوجيا والأمراض المعدية … باهتة كانت ردود الفعل لأصحاب الفصل والقرار والمعالي والفخامة والسيادة، في عالم ينهار تحت أقدام غزة وعلى جثث أطفالها.
من يهتم لأطفال غزة؟؟.. هل من مجيب؟؟.. لا أحد.. من عجز عن قتله القصف وخلفته القنابل تنهيه جرعات التطعيم.. هل يمكن أن تكون هذه حقيقة؟؟.. السؤال له مبرراته ونحن عهدنا فنيات ووسائل الإجرام عند الكيان الغاصب وداعميه ولهذا كان من واجب الساهرين على قطاع الصحة في غزة وفلسطين وخارجها الحذر والتحقق من هذه التصريحات لصدورها عن أحد الشخصيات العلمية والطبية المعروفة بمصداقيتها ومناهضتها لنظام الصحة العالمي وحكومة الكوفيد.
عدد كبير من التعليقات رافق تصريحات الدكتور راوول من متابعيه؛ مثقفين وشخصيات علمية وأطباء في جمهور الغرب. تفاعلاتهم لم تستغرب أبداً ما جاء على لسانه، بل في معظمها كانت تؤكد وتعبر عن نفس الفكرة: “إنهم بصدد إنهاء كل من بقي حياً على أرض غزة وتنفيذ ما عجز عنه القصف والتدمير اليومي لها”.. لم تخل التعليقات من المرارة والإحساس بالعجز والامتعاض من المجتمع الدولي ومن أصحاب القرار وخاصة من الصهاينة.
مباشرة على الهواء وفي تليفزيون السي نيوز الفرنسية CNEWSوأمام نوبة الرعشة والهلع والتلعثم التي أصابت فجأة الصحفي المحاور باسكال برود Pascal Praud – رعباً من ردود فعل مجمع الكريف في فرنسا ومجموعات الضغط الصهيونية – إلى حد جعل الصحفي ينبري متبرئاً من تصريحات الطبيب المثير للجدل، وينتقل مسرعاً لموضوع آخر لا يُذكر فيه اسم غزة أمام ضيف لا يعبأ لمكنات كاتم الصوت، واستلاب حرية الرأي والموقف، وقبر الحقيقة في بلد ثورة حقوق الإنسان والمساواة..
دون ذكر اسمه وعلى لسان خبرائها، تجيب الصحة الدولية الطبيب راوول ومناصريه، وتنشر عبر وكالات الأنباء: “يزعم البعض على شبكات التواصل الاجتماعي أننا «نسمم» الأطفال في غزة، وأن التطعيم هو المسؤول عن المرض. ولكن هذا غير صحيح، التطعيم ضد شلل الأطفال ليس خطيراً ويظل أفضل وسيلة لحماية الأطفال من هذا المرض. واللقاحات الفموية الجديدة الموزعة في غزة تقلل بشكل كبير من خطر تطوير سلالات اللقاح للفيروس”.
وفي مقابل تصريحات الصحة العالمية ومنذ بداية حملة التطعيم للأطفال في غزة، تتوالى رسائل مشككة ومثيرة للقلق إزاء جهود التطعيم الضخمة في غزة. ومما يبعث الحيرة ويحث على السؤال أن نوع اللقاح هذا رفضته الولايات المتحدة ودول أخرى لأنه يحتوي على لقاح شلل الأطفال ويمكن أن يسبب مشاكل خطيرة بما فيها شلل الأطفال. إضافة الى تعديل اللقاح الفموي الذي يتم تقديمه حاليًا في غزة بشكل دقيق بهدف الحد من حالات مرض PDVD قدر الإمكان حسب قول الساهرين على حملة التطعيم.
في الأثناء تتواصل الحملة الإعلامية المضادة لتصريحات الصحة العالمية، ويعد صاحب شركة اتصالات الفرنسية، اليوتوبر سيلفانو تروتا Silvano Trotta من الشخصيات الفاضحة لهذه الجرائم منذ جائحة كوفيد، وقد انضم الى المجموعات التي نشرت خبر تطعيم أطفال غزة وانتشار وباء شلل الأطفال بفعل فاعل، بعد ظهور البروفيسور راوول في التاسع من سبتمبر/أيلول على السي نيوز، وتم نقل خبر تروتا حالاً من طرف المتابعين ألف مرة، كما تم نقل منشور آخر حول نفس الموضوع 5000 مرة مع تسجيل البروفيسور راوول، ونشرته قناة VK وتوالت عليه منصات الإعلام، ولم نَرى لمسؤولي الصحة عند العرب من ردة فعل أو توضيح أو محاولة للتحقق.. أما عن الخبر فما زال يغزو وسائل التواصل ويشغل حديث المتابعين في انتظار معرفة الحقيقة.
وللتذكير فإن غزة عرفت اختفاء تاماً لهذا الوباء منذ 25 عاماً، وتم اكتشاف الحالة الأولى في أغسطس/آب 2024 لدى طفل لم يتم تطعيمه. ووجب التأكيد أن حقيقة الأوضاع القاسية وانعدام مياه الشرب النظيفة وعدم توفير المياه المعقمة هي واقع، ولربما تكون السبب الرئيسي في الانتشار المفاجئ لهذا الوباء، ولكن أليس من واجب الصحة الفلسطينية ومهمة المسؤولين العرب في جامعة الدول العربية المنتهية الصلاحية وحكومات العرب المنفقة للمليارات على الحفلات والمتعة الفاضحة، أن يتحققوا من تصريحات البروفيسور راوول، خاصة في ظل هذه الأوضاع الخارجة عن السيطرة في غزة بسبب العدوان الوحشي عليها وانهيار مرافقها ومؤسساتها الحامية وخط الأمان الأول وهو القطاع الصحي؟؟..
حمى الله أطفال غزة وغمرتهم رعاية الرحمن.
- للإفادة: (ينتقل الفيروس من شخص لآخر في المقام الأول عن طريق البراز والفم. وفي حالات أقل شيوعًا، يمكن أن ينتقل عن طريق وسيلة عادية (على سبيل المثال، الماء أو الطعام الملوث)، ويتكاثر هذا الفيروس في الأمعاء، حيث يمكن أن يغزو الجهاز العصبي ويسبب الشلل)، عافانا وعافاكم الله.
هند يحيى – تونس