- رغم كل التركيز على البرنامج النووي الايراني، وخصوصا تخصيب اليورانيوم، يعتقد المسؤولون الايرانيون من خلال مواكبة الخطاب الأميركي والإسرائيلي، أن ملف الصواريخ الايرانية يحتل مكانة متقدمة على الملف النووي، وأن متابعة البرنامج الصاروخي الايراني استخباريا تحتل مرتبة اعلى في جمع المعلومات من الجانب الاسرائيلي خصوصا، من أي شأن آخر يخص إيران بما في ذلك الملف النووي.
- قبل حرب السنتين في المنطقة، وحرب الاثنتي عشر يوما التي شنتها امريكا واسرائيل على إيران، كان القلق قائما من البرنامج الصاروخي لإيران، وقد شكل بندا على طاولة التفاوض قبل التوصل إلى الاتفاق النووي عام 2015، وكانت اسرائيل عندما تتحدث عن القدرة الصاروخية لحزب الله بصفتها خطرا استراتيجيا، خصوصا ما يتعلق بالصواريخ الدقيقة كانت تبني ذلك على حجم ما تعرفه عن الصواريخ الايرانية، لكن ما كشفته الحرب لاسرائيل كان اخطر واعظم كما يقول كثير من الخبراء الاسرائيليين العسكريين في تعليقاتهم على ما جرى في حرب الاثنتي عشر يوما.
- خلال الحرب سقطت معظم المقولات الإسرائيلية التي كانت تشكل منظومة عسكرية استخبارية في التعامل مع هذا الملف، فسقطت فرضية القدرة على تعطيل شبكة السيطرة الايرانية مع الضربة الأولى للحرب بفعل عنصر المفاجأة، لكن هذا تحقق لساعات فقط، وسقطت فرضية القدرة على القضاء على جزء حاسم من المخزون الصاروخي الدقيق لدى ايران في الضربات الأولى، وثبت أن إيران بقيت قادرة على اطلاق الصواريخ النوعية المتطورة عندما كانت اسرائيل بدأت تعاني من نقص مخزونها من الصواريخ الدفاعية القادرة على العمل في مواجهة الصواريخ الإيرانية في طبقات الجو العليا، وسقطت أيضا فرضية أن الدفاعات الجوية الاميركية والايرانية سوف تتكفل بتشتيت وإسقاط اغلب الصواريخ الايرانية وتأمين حماية كافية لأغلب المواقع الاستراتيجية الإسرائيلية، لكن الذي حدث كان صادما لجهة دقة وكثافة الضربات الايرانية وحجم الأذى الذي تسببت به للبنية التحتية العسكرية والاقتصادية لإسرائيل، وكان أهم ما سقط هو الاعتقاد بأن المعلومات الايرانية عن المواقع الحساسة لإسرائيل محدودة للغاية وتقع خارج منطقة الخطر، ليظهر ان متعرفه ايران كثير وكثير جدا الى حد التسبب بما يكفي من أذى ما فرض طلب وقف اطلاق النار على إسرائيل.
- المشكلة التي يواجهها قادة إسرائيل اليوم هي أن سلاح الصواريخ يتطور ويزداد حصانة، وان الارادة الايرانية تزداد تصميما، اذا وقعت حرب اخرى فان ما سوف تلقاه اسرائيل فوق قدرتها على التحمل، ولذلك استبدل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو خطابه الهجومي القائم على التهديد بضرب القدرات الايرانية بخطاب دفاعي يقول إذا هوجمنا سوف نرد بقوة.
ناصر قنديل
