ليست المقاومة المسلحة قشرة ، هي ثمرة لزرعة ضاربة جذورها عميقاً في الأرض ، وإذا كان التحرير ينبع من فوهة البندقية ، فإن البندقية ذاتها تنبع من إرادة التحرير ، وإرادة التحرير ليست سوى النتاج الطبيعي والمنطقي والحتمي للمقاومة ، بمعناها الواسع : المقاومة على صعيد الرفض ، وعلى صعيد التمسك الصلب بالجذور والمواقف ..
ومثل هذا النوع من المقاومة يتخذ شكله الرائد في العمل السياسي والعمل الثقافي ، و يشكل هذان العملان المترافقان اللذان يكمل واحدهما الآخر الأرض الخصبة التي تستولد المقاومة المسلحة و تحضنها و تضمن استمرار مسيرتها وتحيطها بالضمانات ..

ومن هنا فإن الشكل الثقافي في المقاومة يطرح أهمية قصوى ليست أبداً أقل قيمة من المقاومة المسلحة ذاتها ، وبالتالي فإن رصدها واستقصاءها وكشف أعماقها تظل ضرورة لا غنى عنها لفهم الأرض التي ترتكز عليها بنادق الكفاح المسلح ..

— غسان كنفاني