أم الحسن الرازحي-اليمن

إن المتأمل لحياة الزهراء “عليها السلام” يجد فيها المعين الذي لا ينضب علمًا ، جهادًا، علوًّا سموًا وارتقاء لا نضير له، لاسيما حياتها الطفولية التي كانت مفعمةً بالمحبة لله ورسوله وإعلاء كلمته. لم تكن الزهراء “عليها السلام” كما هو حال بنات اليوم اللاتي تصل أعمارهن الى العشرين عاما وهن لايزلن غير ناضجات ولا مدركات لحقيقة وجودهن والغاية من خلقهن، يمضين السنين من أعمارهن تائهات همهن الوحيد تقليد الغربيات في كل شيء، ومتابعة الموضات وتقليدها، هذا كله لأن الزهراء غُيبت عنهن، ذلك النموذج الإيماني الأخلاقي الذي كلما ارتبطنا بها تنورت طريقنا .

كانت فاطمة “عليها السلام” هي تلك الطفلة الحنونة والمجاهدة التي كانت تدافع عن رسول الله “صلوات الله عليه وآله” ففي يومٍ من الأيام سمعت الزهراء قريشًا وهم يتعاهدون ليفتكوا بأبيها فهرولت مسرعةً الى أبيها كي تخبره بما سمعت وهي تبكي، فقال لها:((ما يبكيك يا بنية؟ ))، قالت: ياأبه مالي لا أبكي ، وهؤلاء القوم يجتمعون ليفتكوا بك، فما منهم من أحد إلا وقد عرف نصيبه من دمك، حينها عرف رسول الله صلوات الله عليه وآله أنه لابد لها أن تذوق حلاوة المواجهة للطغاة، فقال:(( يا بنية، ائتيني بوضوء)) فتوضأ ، ثم خرج الى المسجد، فلما رأوه قالوا: هاهو ذا، فطأطأوا رؤوسهم.

وفي يومٍ من الأيام ورسول الله يصلي فأطال السجود فقال أبوجهل من يأتي جزورًا لبني فلان، قد نُحرت بأسفل مكة، فيجئ بفرثها فوضعه في كتفي رسول الله صلوات الله عليه وآله فجعلوا يضحكون، والنبي ساجد، فذهب أحدهم يخبر فاطمة بماحدث، فجاءت ثم طرحته عن المصطفى، فوبختهم وأغلظت عليهم عتابًا وتقريعًا، وكانت تدعو عليهم، فلما قضى النبي صلوات الله عليه وآله من صلاته، رفع صوته ثم دعاء عليهم.

فهل أنتي كما كانت الزهراء “عليها السلام ” في جهاد الطفولة، إن لم تكوني أنتي هكذا، فهناك بناتك ربيهن على الجهاد والطاعة لله ورسولة وأغرسي في قلوبهن التضحية والفداء في سبيل الله، علميهن الصبر، ودربيهن على التحمل، بل لا تنسي أن تذكريهن بفاطمة الزهراء “عليها السلام ” مدرسة العطاء، منهج الوفاء، ومنهل الدعاء.

ومايجب علينا نحن نساء العصر ومن نسمي أنفسنا بزينبيات العصر أن نكون نبذةً مصغرةً من فاطمة الصديقة، نجسد المبادىء والقيم التي كانت عليها الزهراء “عليها السلام” ونرسم طريق عزتنا بطاعة الله، فلا يمكن لنا أن نسلك الطريق المستقيم الّا بتلك الطاهرة، بحبها والسير على نهجها واقتفاء أثرها.

كاتبات_وإعلاميات_المسيرة.