برزت الأقلام المأجورة في لبنان من القوات اللبنانية والكتائب ومن لف لفيفهم لتسفه قرار رئيس الجمورية الآخير القاضي بالرد على الإعتداءات الصهيونية على لبنان ، تحت قناع حرية التعبير عن الرأي الذي تكفله حقوق المواطنة ، وما يتبادر للذهن فور سماع هذه النغمة ما قاله المرحوم صلاح خلف وخلده بعده المرجوم ناجي العلي : “أخشى ما أخشاه أن تصبح الخيانة وجهة نظر” ، وهو ما يحصل فعلياً فوقوف بعض من يسمون أنفسهم لبنانيين وترديدهم لسردية العدو هو وقوفاً مع الأعداء ضد الوطن وأهله . من الناحية القانونية البحتة الدولة اللبنانية بحالة عداء مع الكيان الصهيوني ، والدستور اللبناني والقوانين اللبنانية تجرم أي تعامل أو دعم أو تبني لسردية العدو والأولى بهذه الأقلام إحترام وتطبيق القوانين على نفسهم أولاً حتى يستحقون وصف لبنانيون ، وإلا فإن هذه الأقلام ومن يمولها تعتبر طابوراً خامساً تستوجب تطبيق عقوبة الخيانة العظمى المعروفة لدى كافة دول العالم تقريباً.
هذه المواقف لم تبدأ كرد فعل على قرار رئيس الجمهورية بل أنها متجذرة لدى البعض منذ تأسيس حزب الكتائب على يد بيار جميل الجد عام 1939 ، الذي تآلف مع الصهاينة قبل نشوء الكيان ، وإستمرت حتى اليوم على يد ذريته من بعده ومتحالفيهم تحت ذريعة “الأفضل للبنان” وأن السلام سيجلب الإزدهار الإقتصادي والرخاء والأمان وغير ذلك من الخزعبلات التي جربها غيرهم فكانت وبالاً على كل حر شريف ، فالكل يرى نتيجة التطبيع بين الأردن والكيان ، بين مصر والكيان ، وحدث ولا حرج بين أيتام أوسلو والكيان ، وما تبعهم في السودان الشقيق الذي لحق زعمائه بركب التطبيع بهدف جلب المنافع فلم يجلب لهم سوى المدافع لتستخدم في حرب أهلية ثانية ومذابح للشعب المسالم بدعم وتشجيع صهيوني من نفس الكيان الذي تأملوا منه خيراً فلاقوا شراً أكبر من خيالهم المريض وجشعهم الذي لا يتوقف.
ألا يتعظ هؤلاء ويعترفوا أن هذا العدو لا يؤمن جانبه إطلاقاً وأنه أينما حل تحل المصائب والنكبات؟ يقيني أنهم يعلمون تماماً ماهية العدو ولكن يبدو أن الخيانة مستقرة في الجينات بما يخالف الطبيعة والخلق ، من المؤكد أن ما يدفع هؤلاء لأخذ مواقف كهذه ليس الجهل وسوء التقدير بل أنهم عملاء لدول وأطراف خارجية يعيشون في دولة مسلوبة الإرادة لا تطبق قوانيها ولا دستورها فيصبح “كل كلب على مزبلته نباح” مترافقاً مع غياب المساءلة ، فهل يحق لقاضي أن يأمر بإطلاق سراح جاسوس صهيوني موصوف بينما يحتجز الكيان العديد من الأسرى اللبنانيين الذين أسروا داخل الأراضي اللبنانية ، ولم تكن هذه المرة الأولى فقد أطلق قبله سراح عميل آخر يحمل الجنسية الأمريكية بالإضافة للبنانية كان قد شارك في تعذيب وقتل لبنانيين وكان سيخضع للمحاكمة كونه لبناني لم يفقد جنسيته أو يتنازل عنها وليس كأمريكي ، واعترف رئيس المحكمة في حينه أنه تعرض لضغوط هائلة للإفراج عن هذا العميل.
رغم أن الغالبية العظمى من اللبنانيين لا يوافقون على هذا التوجه إلا أن هناك قوى دافعة تحاول السيطرة على المشهد وتدعم هذه المواقف ، وتتمثل هذه القوى بدعم خارجي مطلق من دول إستعمارية مستكبرة همها الإستغلال ، مال لا ينضب من بائعي الثروات الوطنية ، ماكينة إعلامية صهيونية تصدح ليل نهار وتسبح بحمد التطبيع ، ومارونية سياسية معجونة بالصهيونية ، ولا يلزم شيء آخر لإستكمال حلقة الخيانة.
من الواضح أن لبنان لا زالت مستعمرة بدون مندوب سامي وهو ما يتطلب مقاومة المستعمر والمحتل والخائن بتطبيق أحد خيارين؛ الأول أن تكون المقاومة فرض عين على كل لبناني وكل عربي وكل محب للحرية ، والثاني أن يتركوا المقاومة لأصحابها الأحرار لدحر العدو وهم جديرون بذلك ومستعدون للتضحية بكل ما لديهم من من مال وأرواح لتحقيق هذا الهدف النبيل الذي تقره كافة الشرائع السماوية والقوانين المحلية والدولية ، وبما أن الخيار الأول غير قابل للتطبيق في ظل التجاذبات المعروفة في لبنان فلا يوجد سوى الخيار الثاني وهو المقاومة حتى النصر والتحرير وستنتصر المقاومة مهما وضعوا في طريقها من عقبات ، ونقول لتلك الأقلام المأجورة؛ “الكلاب تعوي والقافلة تسير”.
زياد زكريا _الأردن
