محور المقاومة… الحقيقة التي يخشاها العالم!

بقلم فاتنة علي،لبنان

أنصار الله في اليمن، وحزب الله في لبنان، وسوريا القلعة العربية سابقًا، وإيران اليوم، والحشد الشعبي في العراق. هؤلاء عناوين للمحور المقاوم،ورأس الحربة فيه المقاومة الفلسطينية لكنهم ليسوا كلّ المحور.

البعض يُقزّم الفكرة بنعت أحدهم بـ”المحورجي”، لا يا عزيزي، فالمحور المقاوم محور عالمي يضمُّ الأحرار من شعوبٍ عربية وإسلامية أيقظها الطوفان. ولعلّ اللعنة الكبرى التي أصابت هذه الشعوب هي أنظمتها، التي باتت أشدّ سوءًا من الكيان نفسه، فهي تستميت في الدفاع عنه ودعمه. بعض الأنظمة وضعت كل إمكانياتها في خدمة الكيان بدل أن توظفها في خدمة القضية الفلسطينية كواجب وطني وعربي وديني.

فهل سلوك الإمارات مثلًا يمثّل الشعب الإماراتي؟ وهل سلوك النظامين المصري والأردني يمثّل غالبية الشعبين؟ لا أعتقد.

لقد أحدث الطوفان زلزالًا حقيقيًا في العالم مركزه منطقتنا، وارتداداته نشهدها تدريجيًا. فمفهوم كلمة “محور” أوسع وأشمل، ويضمّ كل من يؤمن بالمقاومة ويدعمها. لا يمكن لأحد أن يقلّل من الدعم الإيراني مثلًا، أو يستخفّ بحرب الاثني عشر يومًا، التي أمطرت فيها المقاومة الكيانَ بالصواريخ، فكان مشهدًا يسرّ الناظرين. ولأول مرة اجتمع العراق مع لبنان وغزة، وطبّقت مقولة: “سنشدّ عضدك بأخيك”. ولأول مرة أُغلق البحر الأحمر، وباتت السفن الحربية والبوارج تحفًا في معرض التاريخ، بعد أن أوقفها ملك البحار: اليمن. كانت بيانات العميد سريع تثلج القلب في كل مرة.

ولا يمكن أيضًا لأحد أن ينكر دور سوريا الأسد التي دعمت وساندت المقاومة، وهاهي اليوم تدفع الثمن، ثمن موقفها المشرف، في حين تخاذل الجميع. بقيت وحيدة منذ أن أدارت ظهرها للإسرائيلي، وأقبل عليها بعض العرب مبتسمين كأنهم أمام صديقٍ حميم! وما يحصل فيها من استباحةٍ لأراضيها، وإنهاءٍ لمقدّراتها وجيشها، ومجازر طائفية على أيدي إرهابيين تلقّوا علاجهم في المستشفيات الإسرائيلية، ليس سوى الخسارة الأكبر لهذا المحور.

كانت سوريا صلة الوصل وظهر المقاومة في لبنان والعراق.
لن أناقش “ليلة التغيير”، ولن أقول “ليلة السقوط”، لأنها لم تسقط، لكن هناك خفايا ستتكشّف مع الوقت وستكون مفاجئة جداً…

يكفي أن ما لم يستطع الكيان تحقيقه خلال أكثر من أربعين عامًا، حققه في أقل من شهر: دمّر المقدّرات، دخل الجنوب السوري، سيطر على جبل الشيخ، وبات الإسرائيلي يأكل “البوظة” في شوارع دمشق! آهٍ على بلادٍ كانت ذات هيبة ، وأصبحت تُستباح.

أين هيبة سوريا اليوم التي كانت حاضرة بين الشعوب والدول؟ أين دفاعاتها الجوية؟ وأين شرفاء الشعب السوري المطالبون بالنهضة مجددًا؟ لهم عذرهم المؤقت، لكن لا يجوز أن يتأخروا؛ فحجم الصدمة كبير، وأربعة عشر عامًا من التضحية والحصار كفيلة بأن تجعل الأحرار يدفعون الفاتورة الأكبر.

ففي عهد الرئيس الأسد، كانت الفاتورة جوعًا وإقصاءً ونبذًا للسوري في أغلب الدول العربية. أما في عهد ما يُسمّى بالشرع اليوم، غدت سوريا كجميلةً لا سند لها، يرمقها كل طامع بعينيه. وهذه ليست عواطف بل حقائق موثّقة: بعد أن كان الفلسطيني في أرض الشام يُعامل كالسوري، أصبح غريبًا يُعامل معاملة (اللاجئ).

ومن نكد الدهر أن نعيد شرح هذه الصورة كل مرة، ومن نكد الدهر أن يُطالَب شعبٌ صابرٌ وجيشٌ مقاوم بتبرير صموده. ومن نكد الدهر أيضًا أن تُطالَب المقاومة الإسلامية في لبنان بتفسير تدخلها في سوريا، بل وتُتَّهَم بأنها أخطأت! وتُجبر على تقديم التبريرات لعقولٍ لا تريد أن تعي ولا أن تفهم، إذ أعماها الحقد.

حرص المقاومة على وحدة سوريا وأمنها وحماية ظهرها كان بابًا استغله الإعلام الغربي والعربي لشيطنتها وتشويه صورتها، رغم طهارة قضيتها وعدالتها.

إن المحور المقاوم محورٌ عالمي، ومن بقي فيه — من الحشد الشعبي في العراق، وحزب الله في لبنان، وأنصار الله في اليمن، والجمهورية الإسلامية الإيرانية — ليسوا سوى عناوين بارزة فيه. وسنرى أسماء جديدة تخرج منه لتُدهش العالم الأعمى، ذاك الذي يرى في حرب أوكرانيا إجرامًا، وفي حرب إسرائيل على غزة بطولةً!

أختم بقول الله تعالى:

> “ويريد الله أن يمنَّ على الذين استُضعفوا في الأرض ويجعلهم أئمةً ويجعلهم الوارثين”
ونحن الوارثون.