بيان صادر عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في ذكرى وعد بلفور المشؤوم

🔻في ذكرى وعد بلفور… الجبهة الشعبية تؤكد: لا مساومة على وحدة الأرض ولا تفريط بالحقوق

يا أبناء شعبنا الفلسطيني،
يا جماهير أمتنا العربية،
يا أحرار العالم،

في الثاني من نوفمبر عام 1917، أصدرت بريطانيا الاستعمارية وعد بلفور المشؤوم، ذلك الوعد الذي وجّهت به طعنةً غادرة في قلب الأمة والشعب الفلسطيني، عندما منحت من لا يملك لمن لا يستحق حق إقامة “وطن قومي لليهود” على أرض فلسطين. لقد كان هذا الوعد امتداداً لاتفاقيات الاستعمار (وفي مقدمتها اتفاقية سايكس – بيكو)، وتجسيداً لالتقاء مصالح الإمبريالية مع الحركة الصهيونية، ومهّد لجريمة العصر التي تَمثلت بالتهجير القسري والسرقة وزرع كيان استعماري طارئ على أرض فلسطين. ومنذ ذلك اليوم، يعيش شعبنا الفلسطيني نكبةً متواصلة ومأساةً مفتوحة لم تنتهِ فصولها بعد.

ومع مرور أكثر من قرن على هذه الجريمة التاريخية، تتزامن الذكرى هذا العام مع استمرار حرب الإبادة في غزة، وجرائم متواصلة في الضفة والقدس، واستهداف الأرض والمقدسات، وفرض سياسات عنصرية ضد أهلنا في الداخل المحتل، في ظل دعمٍ غربي وبريطاني سياسي وعسكري سافر يعمّق المأساة ويطيلها.

إن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وفي هذه الذكرى المشؤومة، تؤكد ما يلي:

1. إن هذا الوعد باطلٌ شكلاً ومضموناً، وعلى بريطانيا أن تتحمّل مسؤوليتها التاريخية والقانونية والأخلاقية عن وعد بلفور ونتائجه، وأن تعتذر للشعب الفلسطيني، وأن تساهم عملياً في تصحيح هذا الظلم عبر تعويضات ومبادرات عملية لإعادة الحقوق إلى أصحابها؛ فالتاريخ لا يبرئ المجرمين، ولا تسقط الجريمة بالتقادم.

2. إن جوهر الصراع في فلسطين صراع وجودي بين أمتنا العربية من جهة، والمشروع الصهيوني و”إسرائيل” من جهة أخرى، والشعب الفلسطيني يقف في طليعة الكفاح الوطني والعربي ضد هذا المشروع الاستعماري.

3. مقاومة الاحتلال حقٌّ مشروع كفلته كل الشرائع، والمقاومة بكل أشكالها، بما فيها المسلحة، هي خيار وطني مشروع لشعبٍ يخوض معركة تحرر وطني ضد هذا الكيان الإجرامي الطارئ والمؤقت.

4. نؤكد إصرار الشعب الفلسطيني وقواه المقاومة على وقف العدوان بشكلٍ كامل، وضرورة إلزام الاحتلال بوقف شامل لإطلاق النار، وانسحابه التام، ورفع الحصار وفتح المعابر كافة، ليتسنى الشروع في إعادة الإعمار والتعافي، وعلى المجتمع الدولي والضامنين تحمّل مسؤولياتهم في مواجهة محاولات الاحتلال الالتفاف على الاتفاق أو خرقه.

5. فلسطين أرضاً وشعباً ملكٌ للشعب الفلسطيني وحده، لا تقبل القسمة ولا الوصاية، وشعبها هو صاحب الحق الوحيد في تقرير مصيره. وإن إدارة شؤون غزة بعد أي انسحاب للاحتلال شأنٌ فلسطيني داخلي، ووحدة الأرض الفلسطينية لا تخضع للمساومة أو الابتزاز. وفي الوقت نفسه، يجب أن تكون مهمة أي قوة دولية حماية الشعب الفلسطيني ومراقبة وقف إطلاق النار، وعلى أن يكون ذلك بقرار أممي يضمن محاسبة الاحتلال على اعتداءاته ووقف انتهاكاته.

6. ملف الأسرى يُشكّل جرحاً نازفاً في قلب شعبنا، ويمثل استمرار الجرائم الصهيونية بحقهم من تعذيب وتنكيل وعزل وإعدام بطيء، وهو جريمة حرب مكتملة الأركان وتصعيد وحشي يستهدف كسر إرادة شعبنا. لكن المقاومة لن تقف مكتوفة الأيدي، وستتعامل مع هذا الملف كقضية وطنية متفجّرة لا يمكن السكوت عنها أو المساومة عليها.

7. الوحدة الوطنية ضرورة مصيرية لمواجهة الإبادة ومخططات الاحتلال وتعزيز صمود شعبنا، وتتحقق عبر إعادة بناء المؤسسات الوطنية على أسس ديمقراطية، وما يتطلبه ذلك من اجتماع عاجل للأمناء العامين للفصائل لتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، وتشكيل حكومة كفاءات وطنية تمهّد لإجراء انتخابات عامة، وتُرسّخ شراكة حقيقية في صنع القرار، ومواجهة التحديات المصيرية التي تحدق بقضيتنا الوطنية.

8. ندعو الشعوب العربية وقواها الحيّة إلى الاندماج بكل طاقاتها وإمكاناتها في معركة الوجود ضد الإبادة والتطهير الممنهج الذي يتعرض له شعبنا، والمشاركة الفاعلة في جهود التعافي وإعادة الإعمار، والدعوة إلى إطلاق وتنسيق فعاليات شعبية ومؤسساتية لمناهضة التطبيع بكل أشكاله، ورفض أي اختراق صهيوني سياسي أو ثقافي أو اقتصادي لأمتنا العربية.

9. ندعو القوى التحررية والمؤسسات الحقوقية في العالم إلى استمرار تصعيد الحراك وتوسيعه، من أجل مواصلة الضغط على الاحتلال والإدارة الأمريكية والغرب لتثبيت وقف إطلاق النار، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني على أرضه في مواجهة خروقات وجرائم الاحتلال المتواصلة، ومن أجل كسر الحصار وتعزيز صمود شعبنا، وفضح طبيعة المشروع الصهيوني بوصفه مشروعاً استعمارياً عنصرياً، وملاحقة قادته كمجرمي حرب أمام المحاكم الدولية، ومقاطعته على كل المستويات.

يا جماهير شعبنا الصامد،
إن مرور أكثر من قرن على وعد بلفور لم يُغيّر حقيقة أن الشعب الفلسطيني باقٍ على أرضه، متمسك بحقه في الحرية والعودة والاستقلال، مهما طال الزمن ومهما عظمت التضحيات.
إن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تجدد عهدها بأن تبقى وفية لتضحيات الشهداء والأسرى والجرحى، وأن تواصل النضال مع كل قوى المقاومة العربية والتقدمية حتى دحر الاحتلال وإسقاط المشروع الصهيوني، وبناء مستقبل عربي حر موحّد قائم على العدالة والسيادة والتحرر.

المجد للشهداء… الحرية للأسرى… الشفاء للجرحى… والنصر لشعبنا ونضاله المستمر.

الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
دائرة الإعلام المركزي
2 نوفمبر / تشرين الثاني 2025

https://pflp.ps/post/24747