تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم، الجمعة، مشروع قرار يؤيد “إعلان نيويورك” بشأن تنفيذ حلّ الدولتين وإقامة “دولة فلسطينية مستقلة”، مع إقصاء المقاومة الفلسطينية من المشهد.

صوتت 142 دولة لصالح مشروع قرار يعتمد “إعلان نيويورك” ويدعم حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية، مقابل معارضة 12 دولة وامتناع 10 دول عن التصويت.

سيظن البعض عند قراءة عنوان هذا المقال أن الكاتب يضع العصي بالعجلات، بدلَ أن يدعم ما سينتج عن هذا القرار من مراسم لتسليم مفاتيح القدس لمحمود عباس غدًا !!

هذا القرار الذي تدعمه فرنسا والسعودية بشكل كبير سيكون بمثابة الكتابة على الماء، فلن يحقق أي شيء على أرض الواقع، حيث أنه منذ عام 1993 وما قبله قرأنا آلاف الأخبار الصحفية عن دعم الدولة الفلانية ووزير الخارجية الفلاني، حلّ الدولتين !!
ماذا يعني أن تدعم دول العالم حل الدولتين؟!
هل ستدعمه باستخدام الطيران الحربي أو الأساطيل البحرية؟!
أو هل على الأقل ستتخذ خطوات دبلوماسية بقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني لتشكيل ضغطٍ حقيقيٍّ في سبيل ذلك؟!
وهل سيفيد ذلك لو انضم حتى سكان المريخ وزحل والمشتري إلى الدول التي ترغب في دعم حل الدولتين، في ظل وجود “الفيتو” الأميركي الذي يختطف قرار العالم لصالح الكولونيالية الصهيونية؟

أشكر كل دولة بريئة صوتت لصالح هذا القرار حيث لا أختلف بالرأي مع أحد يقول إن هذه الخطوة سيكون لها مكاسب دبلوماسية ولو كانت غير ملموسة بالنسبة لشعب تُسرق أرضه ويتعرض للإبادة؛ كونها ستزيد من عزلة الكيان وستشكل شيئًا قليلًا من الضغط الذي لن يرتقي إلى ردعٍ هذا الكيان،المدعوم من الوحش الأمريكي.

إذا كانت هناك رغبة جدية في تحقيق حل الدولتين فلتتفضل هذه الدول، وتجبر الاحتلال على الانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967. هذا الأمر سيفرحنا؛ فإن جزءًا من أرضنا سيتحرر!!!
فما هو المطلوب لتحقيق ذلك؟ وهل يتوجب على الشعب الفلسطيني أن يقدم شيئًا في سبيل تحقيق ذلك؟! وهل يجب على هذا الشعب الفلسطيني الالتفاف حول سلطة “أوسلو” لدعمها وإعطائها الشرعية كممثل وحيد لغاية تحقيق ذلك؟! وهل يتوجب على المقاومة تسليم سلاحها في سبيل ذلك؟ وبعد تسليم سلاحها من سيضمن تحقيق ذلك؟ نعم يا سادة نحن أمام مؤامرة!!

بالتأكيد نحن أمام مؤامرة، والحنون الذي يرى أن كلمة مؤامرة فيها مبالغة فأضعف الإيمان الحذر…
من هي فرنسا ومن هي السعودية ومن هي “السلطة الفلسطينية” التي سيكرَّس الاعتراف بها؟

إن كلّ من يراقب تصرفات هذه الدول_المذكورة أعلاه_ منذ عقود يجدها تصبُّ في صالح المشروع الغربي الأمريكي، ويجدها أيضا لا تعترف بحق الشعب الفلسطيني بالمقاومة إذ يقفزون عن الواقع الفلسطيني الذي ببساطة هو مقاومة تقارع الاحتلال، ويعتبرون أن  المقاومة غير شرعية و الحقيقة عكس ذلك كونها تستمد شرعيتها وفق القانون الدولي؛حيث ينطبق عليها بند حركات التحرر المنصوص عليه بهذا القانون، وكونها أيضا ولدت من رحم الشعب الذي يعيش تحت الاحتلال، والذي يكفل له هذا القانون الدولي حق تقرير مصيره، فرغم كل ما ذكر فإن “سلطة أوسلو” هي الشرعية بالنسبة لهم ويريدون دعمها وتغييب المقاومة عن المشهد بالكامل ،ناهيك عن أن هذا الإعلان يدين المقاومة والكيان الصهيوني معًا، ويضع الطرفين في خانة واحدة، أي بمعنى آخر يُساوي بين الجلاد والضحية من دون محاسبة العدو على جرائمه، وكون المقاومة هي النقيض للاحتلال، فيكمن خبث خطوة ما يسمى دعم “حل الدولتين”-التي لن تحقق شيئًا على أرض الواقع- في أنها تدعم معركة الاحتلال بالقضاء على المقاومة على صعيد دبلوماسي، من خلال إيجاد حلول وهمية سرابية سيختلق لها ذرائع مستقبلية تستهدف المقاومة، حيث سيكون القول: إن المقاومة عقبة أمام حل الدولتين، ليتم استخدام هذا على صعيد داخلي في سبيل زعزعة التفاف الشارع الفلسطيني حول مقاومته و التمسك بخيارها، وسيتم الضغط على المقاومة بتسليم سلاحها بمطلب عالمي دون أن يقدم الاحتلال أي شيء !!

ولماذا نذهب بعيدًا؟؟فأوسلو كسب منها الاحتلال الاعتراف بالإضافة إلى بنود خيانية أخرى أبرزها تلك التي تدين المقاومة، ولم نأخذ منه أي شيء.

على أيِّ حالٍ هذه المقاومة لا تعترف بأي قرار إلا إذا كان يقرّ أو يدعم أن فلسطين من البحر للنهر و أن الجولان سوري وأن شبعا وكفار شوبا لبنانية وكلها واقعة في سوريا الطبيعية التي هي جزء من الوطن العربي و العالم الإسلامي، وليذهب “سايكس-وبيكو” ومعهم أبناء “أوسلو” و”وادي عربة” و”كامب ديفيد” و “الاتفاقيات الإبراهيمية” وكل المطبعين “إلى الجحيم” باللغة الأمريكية الفصحى أيضا..!!

وفي الختام نرسل تحية إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي غابت عن جلسة التصويت على “إعلان نيويورك” وكيف لدولة مقاومة حرة كإيران أن تحضر جلسة يعلن فيها حل الدولتين الذي يعد اعترافًا بالكيان الصهيوني.

أبو الأمير-القدس