كتب ياسر مناع: كشفت قناة “كان” الإسرائيلية أن الحكومة الإسرائيلية قامت بنقل أسلحة إلى ميليشيات فلسطينية مسلّحة داخل قطاع غزة، بهدف تمكينها من السيطرة على مناطق وصفت بـ “محرّرة من حماس” بحسب تعبير التقرير.

فهذه الخطوة، التي تمّت وفقًا لما كشفه أفيغدور ليبرمان دون علم الكابينيت، تعبّر عن تكتيك استعماري تقليدي يُعرف بـ”فرّق تَسُد”، تسعى فيه الدولة المُهيمنة إلى إعادة تشكيل الساحة الداخلية للمجتمع المُستَعمَر عبر دعم أطراف محلية لخدمة أهدافها الأمنية والسياسية.

هذا السلوك الاستعماري ليس جديدًا في تاريخ الهيمنة الكولونيالية. ففرنسا استعانت في الجزائر بـ”الحركيين” لقمع الثورة من الداخل، وبلجيكا عمّقت الشرخ بين الهوتو والتوتسي في رواندا لتأبيد سيطرتها.

ميليشيا الاحتلال في غزة.. محاولة لتفكيك البُنية الوطنية الفلسطينية 

وضمن هذا المنطق، تصبح الميليشيات المدعومة من إسرائيل نسخة محلية لوكلاء استعمار ناطقين بلغة الضحية، لكنهم يعملون على ضبط الداخل وتمزيق النسيج الاجتماعي الفلسطيني لصالح مشروع الاستعماري.

ويعكس هذا النموذج ما يسميه بعض منظّري ما بعد الاستعمار بـ”الهشاشة المُدارة”، أي إبقاء الواقع الفلسطيني في حالة من الانقسام والفوضى المُسيطر عليها.

ولا تسعى إسرائيل إلى إنهاء حماس فقط، بل إلى تفكيك أي بنية وطنية مستقبلية، وإحلال وكلاء محلّيين يمكن التحكم بهم.

وبهذه السياسة، تتحوّل غزة إلى مختبر لإعادة إنتاج السيطرة الاستعمارية بأدوات داخلية، بينما تبقى اليد العليا لإسرائيل التي تُدير المشهد من خلف الستار

موقع الشاهد