مقدمة-موقع طوفان يرفض أي كلمة وردت في المقال بشكل سلبي عن السيد الرئيس بشار الأسد لأن من شاركت كل هذه القوى في التآمر عليه وصمد أمامها ١٤ عاما لابد أن كل محاولات تشويهه هي من أجندة العدو
وينبغي لموقع طوفان للأمانة التاريخية أن يذكر بأن سورية هي التي أعانت حزب الله في كل حروبه في مواجهة الكيان بالإمداد والإعداد وكذلك لها الفضل الأسبق في دعم إيران منذ ثورتها لحين تشكيل قوتها وأسس عتادها
ثم اتخذت العلاقة بين أطراف المحور الشكل المعروف بالتنسيق والتعاون في كل الجبهات..

مقال مختار من موقع رأي اليوم:

كتب زهير حليم أندراوس
هذه الكلمات لا تُكتَب دفاعًا عن الرئيس العربيّ-السوريّ السابِق، د. بشّار الأسد، الذي تكالبت عليه قوى الاستعمار والاستكبار، مدعومةً من دولٍ عربيّةٍ، وتحديدًا الخليجيّة منها، بالإضافة إلى تركيّا وطبعًا كيان الاحتلال، لعزله من منصبه، وتنصيب الإرهابيّ المدعو أبو محمد الجولاني رئيسًا لبلاد الشام، بهدف تنفيذ خططٍ ومخططاتٍ شيطانيّةٍ للقضاء على ما تبقّى من هذا البلد العربيّ، الذي كان حتى العام 2011، أيْ قبل اندلاع (فورة آكلي لحوم البشر)، دولة اكتفاءٍ ذاتيٍّ.
***
لا ندّعي ولو للحظةٍ بأنّ نظام الرئيس الأسد كان ديمقراطيًا، بل كان مستبدًا وارتكب الأخطاء الجسيمة، التي تمّ استغلالها من قبل “الإخوة” العرب لإثارة الفتن والقلاقل لزعزعة النظام، وليس سرًا أنّ الدول الخليجيّة “تبرعّت” بمئات آلاف ملايين الدولارات للـ “الثوار” بهدف إسقاط الأسد، الذي كان شوكةً في حلقهم، وتحديدًا لأنّه تعاون مع المقاومة اللبنانيّة، ممثلّةً بحزب الله، وإيران، التي لم تذخر جهدًا في دعمه من أجل محاربة إسرائيل، وهذا الزمان وهنا المكان لتذكير أصحاب الذاكرة الانتقائيّة أوْ القصيرة أوْ الاثنتيْن معًا، أنّ أوّل خطوةً قامت بها الثورة الإسلاميّة في طهران كانت منح الفلسطينيين سفارةً لهم، مكان السفارة الإسرائيليّة، في خطوةٍ رمزيّةٍ لتوجيه رسالةٍ إلى العالم برمتّه أنّها تدعم فلسطين وقضيتها العادلة، وتزامنًا مع هذه الخطوة جاء الرئيس المصريّ أنور السادات إلى الكيان صاغرًا ووقّع لاحقًا في واشنطن على اتفاقية الاستسلام والخنوع مع دولة الاحتلال، المُسّماة بـ “كامب ديفيد”، وافتتحت إسرائيل سفارةً لها في أكبر دولةٍ عربيّةٍ.
***
والشيء بالشيء يذكر: بعد الكرنفال الإعلاميّ المبتذل والمُصطنع والمُكثّف، الذي قادته وسائل الإعلام الخليجيّة، والعربيّة المدعومة من الخليج، حول سجن (صيدنايا) للتأكيد على “وحشية” النظام السوريّ، توقّعنا كعرب وكفلسطينيين أنْ تملك الأنظمة العربيّة وإعلامها المُدجّن قليلاً من الكرامة والنخوة والقول الفصل إنّ جميع الدول العربيّة، دون استثناءٍ، تُدير سجونًا وحشيةً على أراضيها، وتساءلنا بكلّ وضوحٍ: لماذا لا تُطالبون بفتح السجون السريّة في جميع الدول العربيّة؟ وعندما اتهمتم بغير وجه حقٍّ النظام السوريّ بقيادة الأسد بانعدام الديمقراطيّة وانتهاج الاستبداد والفساد توقعنا منكم القليل من الشهامة: أين توجد دولةً عربيّةً، من المحيط إلى الخليج، تنعم بالديمقراطيّة؟ وهل توجد دولةً واحدة باتت دولة مواطنةٍ؟ ولماذا ركّزتم على سوريّة التي نعتها المارد العربيّ، الراحل-الباقي، جمال عبد الناصر، بقلب العروبة النابض؟
***
وغنيٌّ عن القول إنّ الكيل بمكياليْن هي سياسة استعماريّة، وصلت إلى بلادنا مع سياسة (فرِّق تسُد) من أجل منع الأمّة العربيّة من الركض إلى الأمام، أوْ حتى الركض الموضعيّ، وإبقائها تركض بسرعةٍ إلى الوراء، أيْ نحو التخلّف، إضافةً لإفقار الشعوب خدمةً لأجندات المُستعمِر الذي كان وما زال وسيبقى همّه الوحيد السيطرة على الموارد الطبيعيّة في الوطن العربيّ وخلق دولٍ اصطناعيّةٍ أوْ حتى كرتونيّةٍ، تكون عبارةً عن قواعد عسكريّةٍ تنطلِق منها الطائرات لقتل العرب والمُسلمين. فلماذا لا تسألون ماذا فعلت وتفعل هذه القواعد الأمريكيّة المنتشرة كالهشيم في النار؟ وكيف تلتزمون الصمت وهي تقوم بنقل أسلحة الإبادة الجماعيّة إلى دولة الاحتلال لمواصلة جرائمها، التي أسفرت عن استشهاد عشرات آلاف الأبرياء في مذبحة غزّة وفلسطين؟
***
حتى اللحظة قام الجولاني وزمرة الإرهابيين المحيطين به بدفع الفاتورة لكلّ مَنْ شارك في مؤامرة تنحية الرئيس الأسد، إلّا أنّنا نرى لزامًا على أنفسنا التوقّف عند بعض الأحداث التي لها دلالات كبيرة: النظام السوريّ الجديد اعتقل طلال ناجي، الأمين العّام للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين- القيادة العامة وأهانه واعتدى عليه، فيما أكّدت تقارير أنّ عملاء الموساد الإسرائيليّ حققوا معه في دمشق وابتزوا منه معلوماتٍ عن مفقودي معركة السلطان يعقوب في العام 1982، ومباشرةً أعلنت تل أبيب أنّها تمكنّت من إعادة رفاته في عمليّةٍ “سريّةٍ ومُعقدةٍ” بعد العثور عليها في مخيّم اللاجئين اليرموك، ولا نحتاج لبراهين بأنّ النظام السوريّ أجبر ناجي على الإدلاء بمعلوماتٍ متوفرةٍ لديه لإرضاء السيّد الصهيونيّ ومنحه فرصةً للتباهي والافتخار بالإنجاز الذي لم يكُن.
***
ومنذ العام 1965 عندما اعتُقل الجاسوس الإسرائيليّ، إيلي كوهين وتمّ إعدامه رفضت سوريّة، جملةً وتفصيلاً، الضغوطات الدوليّة والعربيّة أيضًا لإعادة رفاته، واستمرّت في رفضها حتى وقع الرئيس الأسد ضحيةً لمؤامرةٍ عالميّةٍ، لعب فيها العرب دور الكومبارس وقاموا بتمويلها، وفجأةً أعلن ديوان نتنياهو أنّ 2500 وثيقةً تتعلّق بالجاسوس كوهين تمّ إعادتها لإسرائيل في عمليةٍ “بطوليّةٍ” قام بها الموساد أيضًا، ويحِّق لنا أنْ نُراهن على أنّ الوثائق تمّ تسليمها لإسرائيل

من الجولاني وزمرته.
***
ولطالما اتهمّ العرب الرئيس الأسد بأنّه باع الجولان المُحتّل منذ عدوان يونيو 1967 دون إبراز أدلّةٍ أوْ وثائق تثبت هذه التهمة الخطيرة، الآن وبعد أنّ ذاب الثلج وبان المرج باتت إسرائيل تحتّل مساحاتٍ واسعةٍ من سوريّة ببلطجةٍ وعربدةٍ، دون حسيبٍ أوْ رقيبٍ، ويكتفي الجولاني بإطلاق التصريحات بأنّ بلاده توّاقّة للسلام مع جميع دول المنطقة، بما في ذلك إسرائيل، التي قامت بتدمير الترسانة العسكريّة السوريّة دون ردٍّ من (الرئيس) السوريّ. إنّه عمليًا يدفع الفاتورة التي أوصلته إلى القصر الجمهوريّ، الذي قصفه سلاح الجوّ الصهيونيّ، وما زال الحبل على الجرار.
***
وَجَبَ التذكير بأنّ رأس الأفعى، الولايات المتحدّة الأمريكيّة، كانت قد أعلنت عن جائزةٍ قدرها 10 ملايين دولار لكلّ مَنْ يجلب المعلومات عن الإرهابيّ الجولاني، ولكن سبحان مُغيِّر الأحوال، الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، استقبل الجولاني في السعوديّة وكال له المديح بعدما كان إرهابيًا مطلوبًا لإدارته، فماذا حدث؟ هل تعهّد الجولاني بإبرام اتفاق تطبيعٍ مع إسرائيل، بعدما قطع علاقاته مع إيران و “تخلّص” من حزب الله؟ أمْ أنّ الأمور أبعد من ذلك وأنّ المنطقة قادمة على تطورّاتٍ خطيرةٍ جدًا تقضي نهائيًا على القضية الفلسطينيّة؟
***
ختامًا، ترامب زار الأسبوع الماضي ثلاث دولٍ خليجيّةٍ، ووقّع على عشرات الاتفاقيات مع السعوديّة وقطر والإمارات، والتي ستُدخِل للخزينة الأمريكيّة مئات ملايين الدولارات وأكثر، ولكن السؤال المُلِّح: ألمْ يتمكّن قادة هذه الدول من إقناع الرئيس الأمريكيّ بوقف مذبحة فلسطين، التي يُشارِك فيها؟ حتى الصحافيّ الإسرائيليّ، جدعون ليفي كتب: “في الرياض صنعوا السلام وفي غزة ذُبحوا”، وأنتم ماذا فعلتم؟
زهير حليم أندراوسكاتبٌ عربيٌّ من بلدة ترشيحا، شمال فلسطين