انعقدت صباح الأربعاء 2 يوليو 2025 جلسة رسمية خاصة في القاعة الرئيسية للبرلمان البرازيلي في العاصمة برازيليا.

كانت الجلسة تحت شعار (ذكرى النكبة الفلسطينية، 77 عاما من الكارثة)، وقد تمكنا أخيرا من عقدها بعد شهور من التنسيق ومواجهة ضغوطات اللوبي الصهيوني، حيث كان مخططا عقدها في شهر مايو المنصرم.

كانت الجلسة جهدا مشتركا لعدد من النواب ضمن المجموعة البرلمانية المناصرة لفلسطين، وعلى رأسهم النائب الفيدرالي الأب جواو، و بمبادرة و تنسيق و إشراف من معهد البرازيل فلسطين Ibraspal

شارك في هذه الجلسة اكثر من 100 نائب فيدرالي، بالإضافة إلى عدد من الدبلوماسيين والسفراء وممثلي المجتمع المدني، بالإضافة إلى الحاخام يسرائيل دوفيد وايز، الناطق الدولي باسم جماعة ناطوري كارتا اليهودية المناهضة للصهيونية.

ويذكر انه شارك عشرات الناشطين الفلسطينين و البرازيليين في الجلسة.وفي الختام، توجه المشاركون في مسيرة رمزية مشيا على الأقدام باتجاه القصر الجمهوري ووزارة الخارجية البرازيلية.

ترجمة خطاب د. احمد شحادة رئيس معهد البرازيل فلسطين إبراسبال في الكونغرس البرازيلي:

سعادة رئيس مجلس النواب المحترم، النائب هوغو موتا،سعادة النائب المحترم الأب جواو رئيس الجلسة، ،سعادة النائب المحترم باولو بيمينتا،سعادة سفير دولة فلسطين إبراهيم الزبن،الأخ العزيز وليد رباح، رئيس اتحاد المؤسسات الفلسطينية في البرازيل (FEPAL)،سعادة الحاخام المحترم دوفيد وايس

أصحاب السعادة السفراء وممثلو البعثات الدبلوماسية وممثلو منظمات المجتمع المدني،وجميع الحضور الكرام،

صباح الخير.

السيدات والسادة النواب المحترمون،

إن نكبة الشعب الفلسطيني لم تكن حدثًا معزولًا وقع عام 1948، بل كانت بداية لكارثة مستمرة بدأت بإنشاء “الكيان الصهيوني” على أرض فلسطين، من خلال اغتصاب الأراضي بالقوة، وتهجير السكان قسرًا، وارتكاب المجازر على يد العصابات الصهيونية الإرهابية، التي تحولت لاحقًا إلى جيش إرهابي هو الأكثر وحشية في العالم والتاريخ.ومنذ ذلك الحين، لم تتوقف فصول النكبة، بل تتجدد باستمرار من خلال التهجير القسري، والمجازر، والحصار، والاستيطان.

واليوم، بعد أكثر من 77 عامًا، نعيش ونشهد محاولة إسرائيل القضاء بشكل كامل على الوجود الفلسطيني، سواء في الضفة الغربية من خلال الضم وتوسيع المستوطنات غير الشرعية، أو في قطاع غزة من خلال حرب إبادة جارية، تتسم بمجازر غير مسبوقة في التاريخ الحديث، في محاولة منهجية لتصفية الشعب الفلسطيني جسدا وهوية، في ظل صمت دولي مخزٍ وتواطؤ واضح من القوى المهيمنة.في قطاع غزة، قُتل أكثر من 55 ألف فلسطيني منذ أكتوبر 2023، بينهم آلاف النساء والأطفال، وما زال عشرات الآلاف تحت الأنقاض، و غيرهم آلاف من المختفيين و المختطفين.

الحصار الكامل الذي تفرضه إسرائيل – من منع الماء، والغذاء، والكهرباء، والوقود، والدواء – تم التنديد به من قبل منظمات دولية على أنه انتهاك جسيم للقانون الدولي الإنساني، وتم تصنيفه على أنه جريمة حرب وجريمة إبادة جماعية من قبل العديد من المنظمات الدولية والحكومات .

السيدات والسادة الكرام،

من المهم أن ندرك أن أكثر من ثلثي سكان قطاع غزة هم لاجئون فلسطينيون – من نسل من تم تهجيرهم من أراضيهم عام 1948، ومعظمهم تم تهجيرهم من المناطق التي حاولوا العودة إليها في 7 أكتوبر ٢٠٢٣، وهو حق مكفول وفقًا للقرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وهنا يجب أن نذكر أن إسرائيل لم يُعترف بها فورًا في الأمم المتحدة بعد إعلان قيامها عام 1948.فقد تم رفض طلب عضويتها في البداية لأنها لم تمتثل لبعض قرارات الأمم المتحدة، وخاصة القرار 194 الذي يؤكد على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم، كما أنها انتهكت حدود التقسيم التي نص عليها القرار 181.وفيما بعد، جاء اعتراف الأمم المتحدة بإسرائيل مشروطًا بتنفيذ هذه القرارات، وذلك بموجب القرار 273 الصادر عن الجمعية العامة في 11 مايو 1949، والذي ينص على أن الجمعية العامة قررت قبول عضوية إسرائيل استنادًا إلى تعهدها بالامتثال لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة وتنفيذ القرارات ذات الصلة، بما في ذلك القرار 181 (خطة تقسيم فلسطين) والقرار 194 (حق عودة اللاجئين الفلسطينيين).

إن “إسرائيل” ليست فقط قوة احتلال تمارس العنف و الإرهاب فحسب، بل هي نظام فصل عنصري (أبارتهايد)، كما وصفتها منظمات مثل العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، والمنظمة “الإسرائيلية” بتسيلم، و غيرهم من المنظمات الدولية..أما في السجون، فالوضع لا يقل فظاعة: يوجد أكثر من 9,900 معتقل فلسطيني، رجالًا ونساءً، بينهم أكثر من 250 طفلًا، يتعرضون لمختلف أنواع التعذيب الجسدي والنفسي والجنسي.مئات منهم قيد الاعتقال الإداري، دون تهم أو محاكمة.

آلاف من المقاومين الأسرى الذين، ووفقًا لاتفاقية جنيف الثالثة، يجب أن يُعاملوا كأسرى حرب لأنهم يقاتلون تحت الاحتلال العسكري، لكن “إسرائيل” ترفض الاعتراف بهذا الوضع، منتهكةً القوانين الدولية.السيدات والسادة،يجب التأكيد، استنادًا إلى القانون الدولي، أن مقاومة شعب تحت الاحتلال العسكري الأجنبي هي مقاومة مشروعة.

تنص المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة على مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير، كما تؤكد العديد من قرارات الجمعية العامة – مثل القرار 3070 (1973)، القرار 3246 (1974)، والقرار 3314 (1974) و غيرها من القرارات و التي صوتت البرازيل لصالحها – بشكل واضح على أن الشعوب الواقعة تحت الهيمنة أو الاحتلال أو الاستعمار لها الحق في المقاومة، بما في ذلك الكفاح المسلح، بما يتماشى مع مبادئ القانون الدولي.وبالتالي، فإن مقاومة المقاتلين الفلسطينيين ضد نظام الاحتلال والفصل العنصري تحظى بدعم قانوني – وهو ما اعترفت به الأمم المتحدة عبر التاريخ.إن محاولة وصم كل أشكال المقاومة بـ”الإرهاب” هي تحريف أيديولوجي خطير، يهدف إلى حرمان الشعب الفلسطيني مما مُنح للشعوب المستعمرة سابقًا.

السيد الرئيس،لن يكون هناك سلام دائم دون عدالة.ولا يمكن تحقيق العدالة ما دام القانون الدولي يُنتهك دون عقاب.

على البرازيل، باعتبارها دولة ملتزمة بحقوق الإنسان والتعددية، أن تتخذ خطوات عملية ودبلوماسية ضد النظام النازي-الصهيوني، تمامًا كما اتخذت دول العالم إجراءات ضد نظام هتلر ونظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.وأن تدعم الحق غير القابل للتصرف للشعب الفلسطيني في تقرير المصير، والعودة، والحرية، والمقاومة المشروعة.وأن تطالب بالإفراج عن المدنيين والنساء والأطفال المعتقلين تعسفيًا. و ألا تكتفي بذكر ما يسمى بالرهائن دون ذكر ضرورة تحرير آلاف الأسرى الفلسطينيين.

الوضع القائم اليوم يواجهنا كحضارة، ويسألنا:ماذا نفعل عندما تُداس الكرامة الإنسانية أمام أعيننا؟

فلسطين ستبقى.

فلسطين ستنتصر.

شكرًا جزيلا