كتب نارام سرجون…
أعرف ان الرئيس الأسد يعيش الان مشاعر أبي فراس الحمداني وهو يرى حمامة تبكي وهي طليقة .. وهو أولى من الجميع بالدمع مقلة على وطنه وشعبه وجيشه وأحلامه في ان ينهض بسورية وأن يقاتل الغرب ويعيد مجد بني أمية بالانتصار ومجد صلاح الدين في تحدي أوروبة .. ولكن دمع الكبار في الحوادث غالي ..
ولكن .. ان كان هناك من يحق له ان يبتسم ساخرا وشامتا – وان لم تكن الشماتة من صفاته – بما فعل بعض السوريين المخدوعين بأنفسهم فهو الرئيس بشار الأسد الذي أثبت اليوم انه كان على صواب في كل شيء .. وأن كل رؤيته كانت دقيقة منذ عام 2011 .. فالثوار لايملكون أي استقلال فكلهم مرتزقة وعملاء ومأجورون وليست لديهم كرامة أمام أي ممن استعملهم وأعطاهم مالا ودعما واشتراهم بثمن بخس .. لأنه اليوم يعاملهم كالعبيد .. ويعامل بلدهم كالطريدة والسبية .. فسورية هي التي سباها العالم .. وأما من قدمها سبية فهم بعض من أبنائها الذين يرقصون في كل مكان طريا وهم لايعرفون انهم مذبوحون .. وبعض السوريين وقف خلف الأبواب يستمع الى صوت فض بكارة سورية ..
وكان الاسد على صواب بأن كثيرا من السوريين هم في الحقيقة عملاء لدول اجنبية وليست في ثورتهم اي غايات وطنية بل طائفية وعنصرية .. وكان يدرك أنهم غير مؤهلين لادارة دكان .. وكان على حق عندما كان يعلم ان الاتراك يريدون شرا بنا وأنه لايهم ان اجتمع باردوغان ام لا.. فهو كان يعلم ان اردوغان ليس جادا وأنه مثل نتنياهو … يفاوض ويحضر للطعن .. فاردوغان كان يحضر الارهابيين بغض النظر عن اللقاء وجهزهم لهذه المرحلة .. وكان الأسد يدرك ان هذه الثورة صممت لتفتيت المجتمع وليس لجمعه .. وهي ستكون سببا في افقار الناس لتسهيل قبولهم باسرائيل بحثا عن شيء يسد رمقهم .. وأنها مشروع حرب أهلية حاول منعها 14 سنة ولكنها الان قد تندلع في أي لحظة بشكل اشرس بعد ان بدأت مسير تها بمذبحة كبرى .. فما بدا بمذبحة لن يسير الا على خطا المذابح وستكون لغته المذابح ..
كان الأسد وفريقه يرى دموية الثوار وجهلهم وعنفهم منذ أن التقى بالصياصنة المتطرف الدرعاوي في قصره ويوم التقى المنفعلين من أهل درعا الذين أصروا على ان يكذبوا عن قصة أظافر الاطفال وعرف انهم جاؤوا لرفع العتب فقط وكانوا لايردون اي حل الا السلطة والفوضى لان الطلب كان اسرائيليا … وكان الاسد يسمع الهتافات الطائفية وفحيح التطرف منذ الأيام الاولى .. وحاول منعها وقمعها طوال 14 سنة .. ولكن ضمير الثورة وخطابها وجمهورها وعقلها ودمها وغاياتها ظهرت اليوم دون أقنعة وشعارات .. فهي طائفية مقيتة .. وكان الاسد يقول لكل من يجتمع به ألا يأمن لليوم التالي لسقوط سورية لأنها ستكون نهاية لسورية .. التي ستقسم .. وقد قسمت بالدم والكراهية أمام عيون أبنائها .. التقسيم لايحتاج خطوطا بل يحتاج تقسيما نفسيا .. ونفور البعض من البعض .. وعدم رغبة بالعيش المشترك .. فهل يقدر أحد من السنة الان أن يقنع سكان الساحل أو سكان جبل العرب انهم مواطنون لهم كل حقوق المواطنة أم هناك عنصرية ونظام أبارتهيد .. ضد أهل الساحل وضد جبل العرب وضد كل المكونات التي لاتنسجم مع الخط الاخواني والعثماني ..
كان الرئيس الأسد على صواب عندما كان يحذر الكثيرين من أن الافقار والضغط الاقتصادي سيشمل الجميع وأن غايته هو ابعاد الناس عن وطنهم وأنهم وقعوا في الفخ العراقي عندما ظن العراقيون ان مشكلتهم مع العالم هي صدام حسين .. ولكن تبين لهم أن مشكلتهم مع العالم هي العراق .. وأنهم عراقيون .. فكان انتظار السوريين لأحلام العصافير برفع الحصار وحل مشاكلهم .. فلم يرفع الحصار .. لأن المشكلة ليست الأسد بل المشكلة هي سورية ودورها .. ولن يرفع الحصار الا بثمن باهظ جدا جدا سيدفعه السوريون اليوم الذين ولأول مرة في زمن الحرية انقطعت رواتبهم .. وجاعت نساؤهم وأطفالهم .. ويهان رجالهم من اي جهادي مهاجر .. ويخسرون بيوتهم .. وأما من في الساحل فان كل من كان يبتعد عن خيار الأسد بحجة انه لم ينل من صموده شيئا .. وانه دفع ثمنا ولم يكافأ .. وجد أنه دفع ثمنا في أمنه وحياته وكرامته .. وحقه في مواطنة كاملة .. الأسد حذر الجميع لأن اليوم الثاني لسقوط أخر معقل للحرية والوطنية والعلمانية سيكون مثل تداعي الذئاب والضباع الى جسد ظبية تمزقه ويشد كل ذئب طرفا منها حتى تتمزق .. وسورية هي تلك الظبية التي سقطت وتعثرت واجتمعت عليها الذئاب ..
لاأدري الى أي مدى سيتفق السوريون مع تفسير لنصف قرن عاشوه في زمن الأسدين وهو ماقد يدركه السوريون بعد فوات الاوان وهي أن الوزن الاقليمي لسوريا كان عبارة عن فقاعة منفوخة صنعها عقل حافظ الاسد الاستراتيجي ومن مشى معه من الوطنيين وصنعه بالعلويين الفقراء الذين كانوا جزءا قياديا هاما من المؤسسة العسكرية خاضت حروبا ضارية في 1973 وفي لبنان .. وجعلوا سورية ركيزة أساسية في الاقليم عندما كان الأسد يلاعب الشرق الاوسط ..
والآن انفجرت الفقاعة السورية كالبالون الذي فجره بعض المجانين بوخزه ممن يسمون أنفسهم أهل السنة .. والحقيقة الفاقعة هي أن أهل السنة لايستطيعون وحدهم اقامة وزن اقليمي لسورية كالذي صنعه الأسدان .. لايمكن ان يكون لسورية وزن من دون الاقليات التي أعطاها الاسد احساسا متوازنا انها تساوي الاكثرية فقدمت كل مالديها .. والدليل ان البلد صار مثل المسخ وعاد الى أقل من حجمه الطبيعي عندما طغت اكثرية على الأقليات ولاتزال تظن أنها تقدر ان تعيد الوزن الاقليمي لسورية لأنها تصنف نفسها على أنها عصبة أموية وترقص على أنغام الشتائم وانحطاط الاخلاق .. وصارت سورية منذ اليوم – في غياب الأسد – مثل جارية تخدم في عدة بيوت ويتداولها الأتراك والاسرائيليون والقطريون والسعوديون .. ولاشك ان لديها أياما تخدم فيها في البيت الابيض بصمت وفي سرير سيد البيت الأبيض لتسرّي عنه ..
الحقيقة هي أن بنت أمية دمشق .. صارت جارية الأقليم .. في زمن بني أمية .. وكانت في أبهى أمويتها في زمن الاسد الذي أعاد اليها بريقها الاموي .. وجعل ساحة الأمويين أهم ساحة في الشرق الاوسط وباسمها تفاوض العالم .. وجعل أهم وشاح وأهم وسام في دمشق وشاح امية ووسام أمية .. وصلت كل طوائفها في مسجد بني أمية .. وراء أئمة أمويين .. واليوم .. سيصلي الدماشقة كما تريد استانبول والسلاطين السلاجقة وتل أبيب .. وشيوخ الدوحة .. وربما كما تريد موزامبيق أو ميكرونيزيا ..
أعرف أنك لاتقدر أن تبتسم ايها الرئيس وليست من أخلاقك الشماتة .. ولكن ماحل بنا يجب أن يجعل السوريين يدركون انك كنت على صواب .. وقلت الحقيقة دون أن تقرأ نوستراداموس وأخبار العرافين .. لأن بعضا من شعبك لم يرد ان يعلم مما جرى لليبيين والعراقيين واليمنيين .. واصروا على الجهل المطبق رغم درسي ليبيا والعراق.. وسيدركون أي رزء واي خطيئة ارتكبوها بحق بلدهم .. وسيعرفون الندم حرفا حرفا وسيرونه في كل شارع وناصية ..
وسيرددون: زنقة زنقة ودار دار ..
كنت محقا يابشار ..
نارام سرجون