قالت مصادر عائلية إن جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني اعتقل عضو بلدية بيتا، الدكتور عبد السلام معلا، بعد مشاركته في وقفة تضامنية مع قطاع غزة نُظمت في بلدة بيتا جنوب نابلس، ضمن فعاليات شعبية رفضًا للعدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع.
وكان الدكتور معلا قد نشر بيانًا على صفحته الشخصية على “فيسبوك”، قال فيه إنه تلقى اتصالًا هاتفيًا من عنصر في جهاز الأمن الوقائي طلب منه الحضور فورًا لمقابلة رئيس الجهاز، وذلك بعد انتهاء وقفة مسائية شارك فيها إلى جانب أبناء بلدته دعمًا لغزة.
وأوضح معلا في منشوره أنه تلقى الاتصال في وقت صلاة العشاء، وأدرك أن المتصل من الجهاز الأمني يطلب حضوره “فورًا”، لكنه رفض الاستجابة لما وصفه بـ”استدعاء غير قانوني”، معتبرًا الطريقة مستهترة بمكانته، وبحق شعبه في التعبير عن التضامن مع غزة. وقال: “قلت له أنا آسف، هذا إجراء غير قانوني”، ثم أنهى المكالمة.
وأضاف معلا في بيانه أن رفضه الاستجابة جاء لعدة أسباب، منها أن الاستدعاء لم يكن رسميًا، وجاء بطريقة وصفها بـ”المهينة”، ولأنه يعتبر أن تلك الطريقة تعكس استهتارًا بشعب قدم التضحيات، كما أشار إلى أن حماية الفلسطينيين من تهديدات الاحتلال، وليست ملاحقتهم بسبب التعبير عن آرائهم، هي من صميم مسؤوليات الأجهزة الأمنية.
وتابع: “من يريد استدعائي يجب أن يوفر لي الحماية من الاحتلال، الذي تعرّض بيتي لمداهمات من قبله أكثر من مرة في السنوات الماضية”، مؤكدًا أن من قام بتلك المداهمات “كان الاحتلال وليس أبناء شعبنا”، مضيفًا: “الاستدعاء من جهاز أمني بسبب وقفة تضامنية أمر لا يُفهم، خاصة أن الاحتلال لا يبعد عن بيتي سوى أمتار، ومواجهتنا الحقيقية معه”.
وأكد أن ممارسات الأجهزة الأمنية هذه تفتح الباب على مصراعيه للخذلان الداخلي، في الوقت الذي يحتاج فيه الشعب الفلسطيني للتكاتف والوحدة، لا الملاحقة والاعتقال.
وقال: “من المؤسف أن تكون استجابة بعض الجهات لاستدعاء الفلسطينيين أسهل من استجابتهم لاستغاثات حماية الأطفال من بطش الاحتلال والمستوطنين… عندما أُرسل إليّ إشارة (تعال فورًا)، سأعتبركم رُخصًا… والله من وراء القصد وهو حسبي ونعم الوكيل”.
وتزامن اعتقال الدكتور معلا مع انتشار أنباء عن انتهاكات أمنية متفرقة بحق المشاركين في الفعاليات التضامنية مع غزة في مناطق مختلفة من الضفة.
وأفادت مصادر صحفية أن عناصر أمنية بلباس مدني اعتدت بالضرب على فتاة خلال مشاركتها في مسيرة إسنادية وسط مدينة رام الله. كما اعتقلت شابين من المسيرة ذاتها أثناء ترديدهما شعارات داعمة للمقاومة في غزة.
وذكرت مصادر محلية أن الأجهزة الأمنية اعتقلت فتاة أخرى بعد كتابتها عبارة “غزة تحترق” على جدار مقر المقاطعة في رام الله، ولا تزال معتقلة حتى لحظة إعداد هذا التقرير، وسط صمت رسمي حيال ظروف احتجازها.
السلطة تنظر للمسيرات كتهديد لها
في السياق ذاته، قال الناشط السياسي عمر عساف لـ“شبكة قدس” إن ما يجري من استدعاءات واعتقالات بحق المشاركين في المسيرات والوقفات التضامنية يتناقض تمامًا مع الموقف الشعبي العام، الذي ينحاز بشكل كامل لأهالي غزة تحت العدوان.
وأضاف عساف: “ما حدث في بيتا، وغيرها من المدن، يعكس تناقضًا بين إرادة الناس ومواقف الأجهزة الأمنية. الشعب الفلسطيني بأسره يخرج اليوم ليعبر عن رأيه ضد العدوان، وبدل أن تُحتضن هذه التحركات، يتم التعامل معها بالقمع والاعتقال”.
وشدد على أن “من حق الناس التعبير عن رأيهم بحرية تامة، لا سيما حين يتعلق الأمر بمواقف وطنية مثل التضامن مع غزة، ويجب أن تتوقف الملاحقة الأمنية بحق النشطاء فورًا”.
وأكد عساف أن الرسالة التي ينبغي أن توجهها السلطة الفلسطينية في هذه اللحظة تتمثل في وقف الاعتقالات والملاحقات الأمنية بحق الناشطين بسبب مشاركتهم في الفعاليات السلمية، خاصة تلك الداعمة لغزة، واحترام الحريات العامة وحق الشعب الفلسطيني في التعبير عن رأيه دون خوف أو قمع.
كما دعا إلى مراجعة السياسات الأمنية الحالية التي تنظر إلى التحركات الشعبية باعتبارها تهديدًا، بدلًا من التعامل معها كتعبير عن موقف وطني جامع، وفتح المجال أمام كل المبادرات الشعبية التي تدعم صمود غزة والمقاومة الفلسطينية في وجه الاحتلال. مشددًا على ضرورة إنهاء استخدام الأجهزة الأمنية كأداة لتكميم الأفواه أو السيطرة على الموقف الداخلي، في وقتٍ يحتاج فيه الفلسطينيون أكثر من أي وقت مضى إلى وحدة الصف
وختم عساف بالقول إن السياسات الأمنية الحالية تعيد إنتاج أخطاء الماضي، وأن اللحظة تتطلب موقفًا مختلفًا إذا كانت السلطة جادة في تمثيل إرادة شعبها، ودعم حقه المشروع في مقاومة الاحتلال.