.
بدايةً وحتى نخرج من الجدل الدائم حول من يمتلك القرار بالمواجهة أميركا أم الكيان ، لا بدَّ من العودة إلى البدايات التي رافقت إقامة هذا الكيان الذي تم إنشاؤه كمخفر متقدم في قلب جغرافيا الأمة لتأمين وحماية مصالح الغرب الجماعي وهذا في التعريف والتوصيف يسهِّل علينا الأمر ليضع الكيان في خانة “الكيان الوظيفي” الذي يؤدي مهام محددة مرتبطة باستمرار النفوذ الغربي في المنطقة .
إذن المعركة هي معركة الغرب الجماعي التي تقودها أميركا ،وسخّرت لها منذ عقودٍ طويلة كلَّ ما يلزم لاستمرار إخضاع كل من يفكر في مقاومة مخفرهم .
وللتحديد أكثر من يقود هذه المعركة من ضمن المواجهة القائمة منذ عام ١٩٤٨ هو حالياً قائد المنطقة الوسطى ومِن خلفه البنتاغون والناتو وليس نتنياهو ووزير حربه غالانت .
إذن حسمنا هذه المسألة ليصبح باستطاعتنا القيام بتقدير موقف مبني على الوقائع وليس الجدل، انطلاقاً من حقيقة أننا في مواجهة أميركا والغرب كله وليس في مواجهة الكيان “الإسرائيلي” فقط .
الدليل على أن أميركا هي التي تقود المواجهة هو هذا الوضوح في الكذب الأميركي الذي يعطينا في الديبلوماسية من طرف اللسان حلاوة و يرسل إلى المنطقة سفنه وطائراته ليهددنا ويردعنا ويمنعنا من القيام بواجبنا وحقنا في الدفاع عن وجودنا وحقوقنا التاريخية .
في مسألة اغتيال القادة يبدو الموضوع المرتبط بهيبة الكيان الإسرائيلي وهيبة أميركا هو الدافع الرئيسي لتنفيذ عمليتي الاغتيال في لبنان وإيران فهم يعرفون ،أن اغتيال القادة لن يغير في نتاج المعركة المستمرة منذ ١٠ اشهر وكان لا بد من توجيه ضربات لمحور المقاومة ، تؤثر في وعي جمهوره وفي نفس الوقت وضع قيادة المحور في الزاوية وتضييق خيارات الرد لديها .
في لبنان استخدم قادة العدو ذريعة حادثة مجدل شمس ، وفي إيران لم يتم تبني اغتيال إسماعيل هنية حتى اللحظة لجعل الأمور تبدو وكأن الرد الإيراني هو رد خارجَ الأدلة والاعتراف لتعقيد المسأة على الإيرانيين .
في الشكل : لا بد من الاعتراف أن الاغتيالين أنتجا حالة إحباط لدى عامة الناس لدرجة أن بعضهم سلّم بعدم القدرة على مواجهة أميركا والكيان “الإسرائيلي” وهو الهدف الأساسي للكيان .
في المضمون : تعلمت أميركا ومعها قادة الكيان أن اغتيال القادة لا يمكنه تغيير نتائج المعركة في بُعدها العسكري .
لهذا من المؤكد أن الرد الإيراني واللبناني هو ضرورة لاستعادة الردع اولاً وإحباط أهداف العدو في معركة الوعي وهي برأيي المعركة الأخطر في المسار الحالي .
هل الرد حتمي ؟ نعم حتمي ولكن اعتقادي أن قيادة المحور ستتجه لرد يحقق الأهداف ولا يذهب بالأمور
إلى مرحلة الحرب الشاملة وهذا يحتاج إلى تقدير موقف دقيق يراعي كل الاحتمالات قبل اتخاذ قرار أين وكيف ومتى سيكون الرد ، وهل سيكون منفرداً أم منسقاً وموحداً من كل قوى المحور ؟
هذا ستبينه الأيام وربما الساعات القادمة .
فلننتظر
عمر معربوني
عمر معربوني | خبير عسكري – خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية-بيروت