هو ليس رئيساً عربياً أو مسلماً، وتفصلنا عنه المحيطات والبحار، إلا أنه معروف بمواقفه الثابتة حيال القضية الفلسطينية. فهو رئيس منتخب شرعي لدولة لا تعترف بالكيان، ولا يوجد فيها سفارة صهيونية، واختار أن يسلك الطريق الصعب، وألا يكون تابعاً يدور في الفلك الأمريكي كالعديد من الدول. لأن الأمر الأصعب بالنسبة له كان أن يرى نفسه تابعاً للهيمنة الأمريكية الإمبريالية الإجرامية الإرهابية، التي هي وكل ما انبثق عنها أسوأ ما أنتجته البشرية عبر كل العصور .

وهذا ما يدفع “الولايات المتحدة” والصهاينة لتفعيل عملائهم من خلال ما يسمى “اليمين الفنزويلي” ومحاولتهم إثارة الفوضى والتحريض ضد رئيس منتخب من الشعب الفنزويلي قبل أيام. ونحن لا نبالغ عندما نقول أن أحد أول الأسباب الرئيسية لهذه الممارسات الأمريكية من خلال أذنابها في فنزويلا، هو دعمه للقضية الفلسطينية منذ بداية عمله السياسي، ووقوفه مع محور المقاومة، بطريقة أو بأخرى. كيف لا والذي يقرأ المشهد في العالم برمته يعلم صحة هذا القول .
وبعد انتخابه مباشرة جدد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو موقفه الداعم للقضية الفلسطينية، والرافض لحرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، منتقداً في الوقت ذاته اليمين المتطرف في بلاده، من خلال تصريحه “فنزويلا ستكون دائماً مع فلسطين، وترفض الإبادة الجماعية الأفظع منذ زمن هتلر، التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني”، مضيفاً أننا “ندعم القضايا العربية والإسلامية، التي ستنتصر عاجلاً أم آجلاً، وسيخرج الأمل والقوة والحق بالحياة من رحم المعاناة”.
ولأنه لا تخفى عليه المؤامرات الإمبريالية والصهيونية التي تطارد كل من هو حر وشريف في العالم، هاجم اليمينَ المتطرف في فنزويلا، مشيراً إلى أنه “مدعوم وممول من الصهيونية العالمية، التي باتت صاحبة التأثير في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي”.

وبرز ذلك خلال تصريح له على قناة الميادين يوضح فيه “الدور الصهيوني بالوقوف خلف محاولة الانقلاب التي تجري في بلاده”، معتبراً أن فوزه في فنزويلا هو أكبر دليل عما يمكن لشعبٍ أن يفعله من أجل استقلاله وكرامته ومستقبله.

وتابع قائلاً: “العالم لم يعد يعتمد على قرار واشنطن، أو اليمين المتطرف الرأسمالي المتوحش، والفاشية الجديدة”، معرباً عن رفضه لمحاولات عزله وعدم الاعتراف بنتائج الانتخابات التي أتت به رئيساً لولاية جديدة.

ولفت إلى أنه تلقى دعوة للمشاركة في قمة تجمع (بريكس)، إضافة للعديد من برقيات التهنئة له بالفوز من دول مختلفة.

فهذه المواقف الشجاعة القديمة الجديدة جعلته يحظى بمكانة متميزة في قلب الشعب الفنزويلي الحر، وفي قلوب أحرار العالم، ومنحته مكانة خاصة في قلوب أبناء الشعب الفلسطيني نتيجة هذه المواقف العظيمة، التي لم يجدها الفلسطيني المحاصر من العديد من الدول المجاورة له. ونتيجة ذلك صرحت العديد من القوى والفصائل الفلسطينية بدعمها للرئيس مادورو وكان أبرز هذه التصريحات :

○●الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين: “نُعرب عن وقوفنا الكامل والمبدئي إلى جانب فنزويلا والرئيس مادورو في مواجهة المخططات الإمبريالية الانقلابية “.

○●الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين: “نؤكد وقوفنا إلى جانب مادورو، الرئيس الشرعي للبلاد، وندعو واشنطن للكف عن التدخل في شؤون فنزويلا” .

ونتيجة هذه المواقف الأخيرة من جهة أخرى كرست الولايات المتحدة والصهاينة كل ما يملكون من أدوات، بعد الانتخابات الفنزويلية لزعزعة الاستقرار محاولين الانقلاب على الشرعية، والانقلاب على رئيس منتخب. هذه هي أميركا التي طالما صدعت رؤوسنا بالديمقراطية. لكن مؤامراتهم مكشوفة على أية حال .

وهذه المؤامرات ليست جديدة، فمادورو يتعرض لها منذ بداية عمله السياسي، مثله كسائر الدول والقادة العظماء الرافضين للهيمنة الإمبريالية. فإذا أردنا أن نضرب مثالاً على ما تحاول الولايات المتحدة والصهاينة عمله، فأقرب مثال هو الجمهورية العربية السورية، التي دفعت ضريبةً غاليةً لهذا الموقف المناهض للإمبريالية والداعم للمقاومة. وعليه نوجه دعوة للشعب الفنزويلي في هذا المقال ألا تنطلي عليه هذه المؤامرات الهدامة، ونبارك لنا وله فوز هذا القائد الأممي الكبير .
محمد دجاني-القدس