.
-في المشهدِ الميدانيِّ السّوريِّ متغيّرٌ سريعٌ جدّاً، لجهةِ سيطرةِ “جبهةِ النّصرةِ” على محافظتي “حلب” و”حماة”، لكنَّهُ هناك متغيّرٌ أكثرَ سرعةً في المشهدِ السياسيِّ، إقليميّاً ودوليّاً، وهو ما لم نشهدهُ سابقاً، ولم نكن نتصوّرهُ على الإطلاق، يتجلّى ذلك في اصطفافٍ سياسيٍّ إقليميٍّ ودوليٍّ، خلفَ الدولةِ السوريّةِ وقيادتِها، باعتبارِها تتعرّضُ لعدوانٍ إرهابيٍّ خطيرٍ عليها وعلى المنطقةِ!!..
-تغيبُ في هذا المشهدِ السياسيِّ غياباً تامّاً، وتُحيَّدُ تحييداً عميقاً، جميعُ أطرافِ وأنساقِ ومنصّاتِ ما أطلقَ عليها “معارضاتٌ سوريّةٌ”، ليظهرَ وحيداً قائدُ “جبهةِ النّصرةِ”، وهو المطلوبُ دوليّاً، باعتبارِهِ على رأسِ تنظيمٍ إرهابيٍّ، مشمولٍ بقرارٍ دوليٍّ، كي يختصرَ مشهدَ العدوانِ على الدّولة، وهي جزئيّةٌ هامّةٌ جدّاً، يجب أن تُفهمَ في سياقِ التحوّلاتِ الكبرى، التي طالما حاولَ تظهيرَها السّوريّون!!..
-إنَّ هذا المشهدَ السياسيَّ السّوريَّ الصّاعدَ الجديد، سوفَ يُصرفُ موضوعيّاً، في جوهرِ وشكلِ حقيقةِ العدوانِ الذي تعرّضَ له السّوريّونَ ودولتُهم، وسوفَ يشكّلُ فصلاً أخيراً في حقيقةِ أنَّ هناك دولاً وحكوماتٍ قد تورّطتْ، في العدوانِ على السّوريّينَ والمنطقةِ، من خلالِ حقيقةِ استثمارِها ودعمِها وتشغيلِها لقوى إرهابيّةٍ دوليّةٍ، والاستقواء بها وصولاً إلى تحقيقِ غاياتٍ وأهدافٍ سياسيّةٍ واضحةٍ، ونعني هنا النظامَ التّركيَّ والإدارةَ الأمريكيّةَ!!..
-في هذا المشهدِ السياسيِّ الجديد، والذي رافقَ مشهداً ميدانيّاً جديداً أيضاً، لا يستطيعُ الميدانيُّ فيه، أنْ يؤسّسَ لواقعٍ سياسيٍّ يحاكيهِ أو يوازيهِ – هذا إذا اعتبرنا أنَّهُ واقعٌ ميدانيٌّ حقيقيٌّ أو موضوعيٌّ – بمعنى آخر، لا يستطيعُ “الجولانيُّ”، أو من يستعملُهُ، أن يكونَ ندّاً سياسيّاً موضوعيّاً حقيقيّاً للدولةِ المركزيّةِ في الوطنِ السّوريِّ!!..
-إنَّ “الجولانيَّ”، أو من يُشغّلُهُ، والذي اختصرَ “المعارضاتِ السوريّةَ”، وحيَّدها جميعَها، وأبطلَ مفعولَها وصلاحياتِها، واختصرَ المشهدَ السياسيَّ والميدانيَّ لـ “ثورةِ السّوريّينَ” المزعومةِ في سوريّة، وردَّهُ إلى أصلِهِ، ووضعَهُ على سكّتِهِ الحقيقيّةِ، لن يُقبلَ كحالةٍ سياسيّةٍ سوريّةٍ صاعدةٍ، إقليميّاً ودوليّاً، ولن يستويَ طرفاً في معادلةِ استقرارِ سوريّةِ، باعتبارِ أنَّهُ لا يستوي أنْ يكونَ طرفاً في معادلةِ استقرارِ المنطقةِ والإقليمِ!!..
-من جديدٍ، وبعدَ فترةٍ وجيزةٍ، سينجزُ الرئيسُ الأسد، بناءً على هذا المشهدِ السياسيِّ والميدانيِّ، تحالفاً إقليميّاً ودوليّاً، من أجل مواجهةِ الإرهابِ في بلادهِ، وسوفَ ينتزعُ من نسقٍ واسعٍ على مستوى المنطقةِ والعالم، مشروعيّةَ التخلّصِ من هذهِ الفوضى الإقليميّةِ، كونَ أنَّ الحاجةَ إلى التخلّصِ من “الجولانيِّ” و”جبهتِهِ”، سوفَ تتحوّلُ إلى حاجةٍ ملحاحةٍ جدّاً، بالنسبةِ للمنطقةِ واستقرارِها!!..
-أمّا بالنسبةِ للنظامِ التركيِّ، وتحديداً “أردوغان” وفريقهُ، سوفَ تكونُ هزيمتُهم مدويّةً جدّاً، وسوفَ ترتدُّ هذهِ الهزيمةُ، على وضعهِ في الداخلِ التركيِّ، ونعتقدُ أنَّ استغلالَها من قبلِ أطرافٍ متضرّرةٍ عديدةٍ، ممّا فعلهُ “أردوغان” استثماراً واستقواءً ودعماً لـ “غزوةِ الجولانيِّ” في حلب وحماة، يمكنُ لها أن تساهمَ في نهايةِ “أردوغان”، وتكونُ هذهِ النهايةُ نسخةً أخرى جديدةً، تحاكي إلى حدٍّ بعيدٍ نسخةَ نهايةِ “مندريس” في تركيا، قبل عقودٍ من الزمن!!..