.
بكثير من الحكمة وضبط النفس وكتم الغضب وبتقانته المعهودة أعلنها السيد حسن نصرالله في تشييع القائد الاستثنائي رفيق الدرب والأقرب إلى القلب فؤاد شكر؛ إنها حرب تحرير فلسطين من البحر إلى النهر فقد تعبدت طريقها وفتحت أبوابها على المصراعين بأجساد وأرواح الشهداء والقادة والأطفال والنساء والشيوخ ،وقد ظفرت المقاومة ومحورها بما كانت تنتظره وارتكب نتنياهو الأخطاء القاتلة.
أعلن السيد نصرالله بلسانه الواثق من رجاله وقدراتهم ومما أعد المحور ليوم الحساب الآتي.
سنرد حتماً وإيران سترد فقد تم الاعتداء على سيادتها ومسُّ شرفها، الأمر الذي لا يعرف الغرب وإسرائيل معناه وقيمته.
وأعلنها؛ دخلنا مرحلة جديدة وبدأنا بتنفيذ استراتيجية مختلفة، فلم تعد وظيفة الجبهات الإسناد والإشغال فقط بل أصبحنا في معركة طويلة ومفتوحة.
وختم كلمته؛ ما جمعهم إلا بدد وأيامهم إلا عدد. وبدأها اضحكوا قليلاً فستبكون كثيراً.
السيد نصرالله كان في إطلالاته الأخيرة قد وصف الجاري بحرب وجودية ومصيرية ، وهذا الوصف الدقيق والحصيف للحرب ما يعني أن المقاومة تعرف الجاري بواقعية وبأدق التفاصيل وتدرك أنها آخر الحروب والجولات وتتعامل معها على ما قررها وأعلنها نتنياهو وغالانت وما ساروا عليه في الأشهر العشرة التي انقضت عليها ، فأضاف على توصيفهم بالوجودية صفة المصيرية وحروب الوجود والمصير الغير المسبوقة في تاريخ الحروب، وهي من طابع جديد ونوعي مختلف.
في حرب الوجود والمصير يتقرر الوجود والمستقبل.
وألحق أن كل الظروف والشروط والبيئات ونواتج انتصارات محور المقاومة على زمن النصف قرن المنصرم لابد أن تتوج بحرب وجود ومصير فلم يعد لإسرائيل من عناصر قوة أو بيئات أو ظروف أو قوى عالمية او محلية قادرة على تأمين مصيرها ووجودها.
الرد حتمي ويتناسب مع العدوان الذي استهدف الضاحية في منطقة مدنية آمنة مكتظة بالناس والذي أدى إلى اغتيال قائد كبير، فنتنياهو بذلك قد تجاوز كل الخطوط الحمر.
فالرد يجب أن يتعامل مع القواعد الأربع؛ استهداف بيروت والضاحية والمدنيين ومجاوزة الخطوط الحمر واستشهاد قائد كبير.
والمنطقي ألا يكون الرد محكوماً بما يطالب به المزايدون والمتشككون والساعون إلى توريط المقاومة، فالمعركة طويلة ومفتوحة ولا شيء يلزمها العملَ بغير حكمة ، وأن يكون الرد موزوناً ومتدرجاً ومتصاعداً وأن يعتمد فيه تكتيكات عسكرية وحربية مختلفة وأسلحة ورجال وتشكيلات جديدة .
التدرج في الرد والتصعيد يخدم استراتيجية معركةٍ طويلة ومفتوحة وبلا سقوف أو خطوط حمر.
والجبهات تتساند ولن تخبر العدو طريقة الرد ، هل سيكون عاصفا من كل الجبهات ودفعة واحدة وبتوقيت واحد أو متدرجاً ؟ وهذه من الحكمة ودقة الرؤية والقدرات الإبداعية لخوض هذه الحرب منذ ساعتها الأولى وطوال زمنها وقد أمَّنت المقاومة مسرح عملياتها من الناقورة الى الحمة السورية ونسقت ضرباتها من الناقورة الى المحيط الهندي وبحر العرب والأحمر وبعمق إيران التي باتت طرفاً محورياً شريكاً فاعلاً ومقرراً في مسارات وجبهات و أسلحة واستراتيجيات وتكتيكات محور المقاومة وساحاته وجبهاته لتأمين الانتقال من استراتيجية جبهات الإشغال والإسناد إلى المرحلة الجديدة وخوض المعركة الطويلة والمفتوحة.
دماء الشهداء مدنيين وعسكريين ، اطفالاً ونساءً وشيوخاً وقادةً ومجاهدين ودماء الشهيد شكر والقائد هنية تستوجب الانتقال إلى مرحلة جديدة وخوضها كمعركة مفتوحة وطويلة وصولاً لمرادها الوحيد؛ إزالة الكيان والصلاة في الأقصى والقيامة وقد أزف موعدها ،وزمانها جاري ولن يتوقف قبل تحقيق الهدف والشعار الذي تأسس عليه حزب الله ومقاومته الاستثنائية.
إنه زمن الزخف إلى القدس ، وقد زُفّ الشهداء على طريقها وعبَّدوه لأجل مسيرة الجموع …
ميخائيل عوض-بيروت