بيديه الملطَّخةِ بدماءِ تسعةِ أشهر من القتلِ والإجرام؛ وقف نتنياهو بتاريخ 25/7/2024 أمامَ الكونغرس الأمريكي ليستعرضَ بطولاتِه بحمايتِه لأمنِ الولايات المتحدة الأمريكية ، ويستجديَ تعاطفَ الرأي العام العالمي من خلال انتقاءِ الوفد المرافق له من الجنود المعطوبين جسدياً ونفسياً على حدِّ قولههم نفسهم أبطالُ مجازرِه التي ارتكبَها في حقِّ الشعبِ الفلسطيني ولينثرَ الذرائعَ يمنةً ويساراً….
هذا المنبر الذي لطالما شهدَ ودعمَ مجازرَ ضدَّ الإنسانية، يستمرُّ اليوم في دعمه اللامتناهي لحكومة الكيان الصهيونيِّ الغاصب، ثم يتبرَّأ من معرفته المسبقة بسلسلة الاغتيالات التي لحقت هذا الخطاب…
ولكن عندما تعطي مجرماً عنجهياً بل سفاحاً المالَ والسلاح والغطاء القانوني؛ وتغضُّ الطرف عنه، ألا تكون مسؤولاً عن كلِّ أفعاله؟ سواء علمت بها مسبقاً أم لم تعلم؟
كثيرة هي الشخصيات الأمريكية البارزة سياسياً واقتصادياً والتي صرَّحت بأن الولايات المتحدة الأمريكية هي المحتاجة للكيان الإسرائيلي لا العكس، وهذا ما يجعلنا نقف مطوَّلاً على صحة هذا الكلام، ومدى مصداقيَّته.
فهل ستواصل الولايات المتحدة الأمريكية الغوص في الوحل مع الخنزير “الإسرائيلي” ؟ وما هي التبريرات التي ستستمر في تقديمها لحلفائها في ظلِّ هذه المجازر وسلسلة الاغتيالات التي تعد خرقاً للقوانين الدولية، وخرقاً للقانون الدولي الإنساني ، لا سيما أنَّ النظام العالمي الجديد بدأ يتَّخذ أولى خطواته باتجاه التشكُّل بصورته المتعددة الأقطاب.
ومن جهة ثانية، في ضوء كلِّ ما حصل ويحصل منذ طوفان الأقصى في7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 حتى يومنا هذا ، تجد من يقول بأن الأمور ذاهبةٌ باتجاه معركةٍ كبرى!!!
ولكن ألسنا فعلاً نخوض غمارَ معركةٍ كبرى؟؟؟
برأيي الشخصي نحن فعلياً نخوض معركةً كبرى، معركة وجود، معركةَ الحق ضد الباطل…
فهل ينتظر البعض المزيد من الشهداء، والجرحى، والمجازر، ونقاط الاشتباك، والاغتيالات، والاعتداءات التي طالت فلسطين واليمن والعراق ولبنان وسورية وإيران ، ليدرك بأنَّنا نخوض فعلياً معركة كبرى؟!
هذا الإدراك القاصر للمرحلة الحالية من قبل بعض الأطراف الفاعلة إقليمياً وعالمياً يحوْل دون تأديتها دورَها المناط بها بالشكل المطلوب، مما يحمّل محور المقاومة أعباءً كبيرةً في المواجهة ضد قوى الإجرام العالمية المتمثِّلة في الكيان الصهيوني الغاصب ومن خلفه الولايات المتحدة الأمريكية الهادفة لتفتيت المنطقة واستباحتها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
وليس هذا فحسب؛ بل إنَّ هذا الإدراك المجزوء للمرحلة من قِبَل هذه القوى الفاعلة إقليمياً وعالمياً يجعل بعضها يتجه لشخصنةِ الأمور تجاه أسماء أو حركات حملت وتحمل راية الدفاع عن الأرض والكرامة ضدَّ هذه القوى، وينسى أو يتناسى العدوَّ الحقيقي، ويغرق نفسه في تفاصيل كان من الأجدى أن تطحنها رحى الحرب تجاه العدو التاريخي الوحيد.
أ.د. نسرين علي السلامه-سورية