على المرءِ أن يكون واقعياً في قراءةِ المشهدِ وإلا فقد وقعَ في المحظور.. نداءُ استغاثة إلى قادةِ محورِ المقاومة!!

إنّ أحدَ أصعبِ وأجملِ المآزقِ التي نقعُ فيها نحنُ عيالَ المحور، هو أننا شتّى القلوبِ على وقعِ ما تبدعُ به دولُ محورِنا العظيمِ في المواجهة!

فتارةً نأملُ جميعاً أن نكونَ سوريينَ لنكونَ جزءاً من بلدٍ عظيمٍ فتحَ نارَ جهنَّم على طاغوتِ العالمِ الذي كان متفرِّداً في سيادةِ المنظماتِ الدولية والعالم، فصارت أمريكا -شرطيّ العالم اأوحد- تواجهُ خطرَ عالمٍ متعدّد الأقطاب، لأن سورية استطاعت بعبقرية قيادتها للحرب الكونية عليها وببراعةِ تماسكِ ثلاثيِّها الذهبي “القيادة والجيش والشعب” وبتضحياتِها الجسام وبتحالفاتِها العبقرية أن تردَّ الحجرَ من حيثُ أتاها، وأن تكونَ الرحمَ الذي منه ولدت أسطورة لم تكن في الخيال، وهي عالمٌ جديد متعدّدُ القطاب.. لتؤمّنَ بالثباتِ والإيمان جسراً يمتدَّ من دمشقَ إلى القدس، ويكون الطوفانُ العظيم الذي هدرَ بدماءِ التضحياتِ الجسام التي قدمتها سورية بشهدائها تحت عنوان “اقتضتِ الرجولة أن نمدَّ جسومّنا جسراً، فقل لرفاقنا أن يعبروا”!

وتارةً تلهفُ أرواحنا وتلهجُ وجداناتنا “أنا دمي فلسطيني” مع أول هدرةٍ للطوفانِ العظيمِ الذي أعلنَ من غزةَ العظيمة أن عصرَ زوالِ الكيان قد بدأ، وأن دماءَ المنذورينَ في تاريخِ الصراع العربي-الصهيونيّ قد تجمَّعت طوفاناً لن يُبقي ولن يذر، وأن أرواح الشهداء في هذه المواجهة كانت كلُّها يُسرى بها على طريقِ القدس!.. جميعُنا تسابقنا في التلبية والدعاء أن نكونَ ولو جزءاً من زندِ مقاومٍ أبيٍّ أذلَّ بعبوةِ الياسين 105 فخرَ الصناعاتِ الصهيونية في العالم.. جميعُنا تغزّلنا بزينِ الشباب “المقاوم الأنيق”، وقبَّلنا ساعدَ المقاومِ الذي اعتلى الدبابةَ وفجّرَ رأسَ الصهيوني من مسافة صفر، بل جميعُنا أعلنّا الانتماءَ إلى عقيدةِ “صفر” التي ترهبُ عدوَ الله وعدوَّنا… فلسطين.. نقطةُ صفرِ الأرض.. تعلنُ افتاحَ عصرِ التحرير وذلِّ الكيان قبل الزوال.. من مسافة صفر!

ولم يطُل بنا الوقتُ حتى عُدنا نرتِّلُ “ياحبيبي ياجنوب”.. ونحن جميعاً نقول “ألا إن حزبَ الله همُ الغالبون”، وحجّتْ أرواحُنا تلبّي الجنوبَ العزيز “قولولن رح نبقى”، ولم تكُن عمليّةٌ قامَ بها مقاومونا الأحبةُ في جبهة لبنان الحبيب إلا وتمنيَّنا أن نكون أحد أدواتِها؛ فليتَنا طرنا مع المسيّراتِ نقصفُ قواعدَ قادةِ الكيان في الداخل الفلسطينيِّ وفي الجولان، أو ليتنا تناثرنا في الفضاءِ الذي فجَّر منطادَ التجسسِ الأمريكي ونحن نردد في فضاءِ النصرِ الجنوبي المقاوم “كتبَ الله لأغلبنَّ أنا ورسلي”، أو ليتنا … كنا على جناحِ الهُدهُد لنقولَ يوماً لأبنائنا وللتاريخ ولله لقد جئنا مع الهدهدِ بالنبأ العظيم!!

وحيناً يا بغدادُ تسلبينَ القلوبَ إليك حباً وطواعيةً ومقاومتُكِ تختارُ لها رأس الأفعى في المنطقة.. القواعدَ العسكريةَ للأمريكيَّ الذي كان الراعيَ الأساسي للكيان اللقيط.. بل كان صاحبَ مشروعهِ الزورِ في منطقتنا، حتى ليصحَّ بالمراجعاتِ التاريخية والوثائقية أن نقول إنه -أي هذا الكيان- كان وعدَ ويلسون، ولم يكن بلفور سوى ساعي البريد المجرم هو الآخر!!.. وتغلبُ على أصواتِنا أناشيدِ العزِّ باللهجةِ العراقية وهي تعلنُ أن اليومَ التالي للحرب سيكون حقاً، ولكن سيكون اليوم التالي لوعد ويلسون أو وعد بلفور سمّوه ما شئتم!، فالجميع سيحاسبُ على هذه الجريمة…!

ويأتي الوعدُ الصادقُ ونعيشُ لهفةَ الانتماءِ لثالثةِ القطبِ الجديدِ الصاعد، إيران!، ومع حجِّ مسيراتِها المباركة وطوافِها في سماواتِ الأقصى قبيلَ إصابةِ أهدافِها في الكيان.. سعَت أرواحُنا تلبّي كن إيرانياً وكفى.. لأنك ستكون بالضرورة جزءاً من الوعدِ الصادق.. سيهلّلُ لكَ أهل غزةَ المكلومونَ في جراحاتِهم، سيدعو لكَ المظلومونَ الذينَ عزَّ نصيرُهم، ستكبِّرُ لك قلوبُ العربِ والمؤمنين المخلصين وكلِّ أحرار العالم وهي تودِعُ المسيَّراتِ أشواقَها “سلِّمي على فلسطين”، ستزغردُ لك حرائرُ المنطقةِ والعالم، وتهتفُ لكَ فوقَ بقايا سطوحٍ مدمرةٍ أصواتُ أطفالِ غزةَ العظيمة!!، ستكون ببساطةَ جزءاً من يومٍ عظيمٍ أذلَّ حلفَ العدو ممتداً من تل أبيب إلى واشنطن.. جزءاً من حلمٍ كنا نظنُّ أننا لن نعيشَه وأنه لن يكون إلا في معركةِ آخر الزمان التي يعرفُها عدوُّنا كما نعرفُها، ولكنه يخشاها، ونعِدُّ لها!

ثمَّ أخيراً وما أُحيلاها أخيراً، كنْ يمنياً وكفى!!، فإذا ما كنتَ يمنياً فأنت بالضرورةِ بعضُ روحِ طفلٍ أسمرَ مجيد، غنى ذاتَ حربٍ ظالمةٍ على اليمن حافياً أمام سيارة بكلِّ إيمانٍ وإشراق “حبيبي أنت وينك من زمان”، وجعلَنا نبحثُ عن الفنِّ اليمنيّ ونعشُقه، ولم نكن نعلم أو ربما لم يكن أيُّ أحدٍ في العالم ينتظرُ أن اليمنيَّ السعيدَ حافياً سيعرِّي حلفَ العدوِّ ويهينُه ويذلُّه هذا الإذلال، فيحبس إليه اليوم المحبسين، مرجَ البحرين وأسماءَ الزورِ في فلسطين المحتلة التي فرضَها الكيان، وطبيعيٌّ أننا ونحنُ نبحثُ عن أصولِنا في عدنانَ وقحطانَ ونريدُ العودةَ إلى حقيقةِ عروبتِنا أن اليمنَ العظيمَ سيعيدُ للأسماءِ بهاءَها العربي، لتطلعَ يافا مليكةً فلسطينيةً عربيةً تجلسُ على عرشِها كبلقيس وتطردُ تل أبيب من سجلِّ الأسماءِ الزِّيف، لتقولَ بصوتِ المنتصرِ الذي جاءَه المددُ من جذور عدنانَ وقحطان.. سجّل أنا عربي.. اسمٌ مع لقبِ!!

والغُرَّةُ فلسطين.. وغَزَّةُ تغزُّ في صدرِ الكيانِ حِرابَ الحقِّ، وتتجلَّى أعظمَ حجةٍ لله على الأرضِ في عصرِنا.. فتراكَ تردّدُ مع كلِّ نبوءةٍ تتجلَّى حقيقةً وعِياناً في أرضِ ميعادِ أنبياء الله “كتبَ اللهُ لأغلبنَّ أنا ورسلي”!

فهَّلا أوجدَ لنا قادةُ محورِنا العظماء وهم يعيدون ترتيبَ الكونِ وفق قانونِ العدلِ الإلهي حلَّاً لأزمتنا نحنُ -عيالَ المحور- ودولُ المحورِ تتمزَّقُنا وتتشتَّتُنا في طلبِ الانتماءِ إليها كلّاً على حدة!

فرفقاً بنا كيما نستطيعَ أن نكون جزءاً.. بل لمحةً أو نَفَساً مخلصاً.. يعُدُّ شهيقَه وزفيرَه وكلَّ أنفاسِه لوجهِ اللهِ والوطن.. وعلى طريقِ القدس!!

رئيس التحرير

فاطمة جيرودية-دمشق