أكتب هذا النص وبطارية هاتفي جوالي ٤% .. والمشكلة أنني أتعامل معه وكأنه ١٠٠% أضع سماعة الأذن، وأرفع صوت جوليا بطرس (نرفض نحنا نموت).

في الحقيقة لا أجد تفسيرا لكل
الذي نعيشه. لا أجيد تحليل سيكولوجية المجتمع، وكأن كل شيء يقول للعالم (نرفض نحنا نموت).

اليوم صباحا رأيت سيدةً تصنع أهرامات صغيرة من الرمل الناعم، لم ألق بالا للأمر.
ولكنني في طريق عودتي للبيت ذُهلت حينما رأيتها تفرك بالرمل الأواني المعدنية عوضًا عن مواد التنظيف.. سألتها بعفوية
: بالرمل تنظفين الأواني!
فأجابتني ضاحكةً: بدنا نعيش يا بنتي!
سألتُها مرة أخرى، ويداها تفركان الوعاء الملطخ بدخان النار: وهل الرمل بوسعه أن ينظف الأواني؟
فقالت مبتسمةً: الرملُ منا ونحن منه!!
فقلت لها: لو أننا نستطيع أن ننظف الذاكرة هكذا! أن نفركها بالرمال حتى ننسى!
فأجابتني السيدة ضاحكةً: لا.. لا نريد أن ننسى، نريد أن نبقى! لا نريد أن نموت!

العجيب أن بطاريتي الآن أصبحت ٢% وما أزال أكتب في الظلام الدامس عن سيدة تنظف الوقت بالرمال، وترفض أن تموت..
الآن هاتفي ١% وقلبي ما يزال ينظف الذاكرة ويغني مع جوليا: نرفض نحنا نموت.. قولولن ها نبقى!

مريم قوش – غزة

٤. سبتمبر. ٢٠٢٤م. 
١٠:٠٠ م