سعاده في مواجهة الخيانة الفكرية
الخيانة بالانهزام واليأس:
تمثل الانهزامية واليأس أشدّ صور الخيانة خطراً، فهي “خيانة النفس” التي تبدأ بفقدان الثقة بقدرة الأمة، مما يؤدي إلى تدمير الإرادة من الداخل قبل أن ينهزم الجسد في مواجهة العدو. وقد حذّر سعاده من هذه «الروح الانهزامية» في محاضراته، مبيناً في «المحاضرة الأولى في الندوة الثقافية» انه لو بقيت الانحرافات التي نشأت في الحزب أثناء غيابه فاعلة «لوصلنا إلى انعدام الثقة بأنفسنا وإلى الشك في مقاصدنا وطبيعتنا وحقيقتنا. ويرى سعاده أن جذور هذه الخيانة تعود إلى أدباء الجمود والفناء الرجعيين الذين يبثون أفكار اليأس والضعف، وإلى ما انتجته ثقافة الاستعمار من «طبقة مثقفة خالية من المثال الأعلى القومي، مجرّدة من الثقة بمواهب الأمة السورية الممتازة، معترفة بعدم جدارة السوريين بالتشوق إلى السيادة القومية، مقتنعة بأن الحال الراهنة أمر إلهي أو طبيعي لا مندوحة عنه.

في مواجهة هذا التيار، أكَّدَ سعاده أن مبدأه «سورية للسوريين والسوريون أمة تامة» جاء ليحرر النفسية السورية «من قيود الخوف وفقدان الثقة بالنفس والتسليم للإرادات الخارجية.» لذلك دعا إلى الإيمان «بنفوسنا قبل كل شيء وأعلن أن مشروعه يعني «بناءً جديداً… إعادة النفسية السورية الصحيحة إلى الأمة، إعادة الثقة والإيمان بالنفس إلى هذه الأمة التي فقدتها.
أنطون سعاده، الأعمال الكاملة، المجلد الثامن 1948 – 1949، “نعمة ثابت بطل الخيانة”، نشرة عمدة الإذاعة، بيروت، المجلد 3، العدد 4، 15/8/1947.

يتبع..