قال القيادي الفتحاوي سميح خلف إن السفير الفلسطيني السابق في لبنان أشرف دبور أثار قضية فساد تتعلق ببيع أملاك منظمة التحرير الفلسطينية، مقدّرًا عدد هذه الأملاك بنحو ألفي عقار، وأضاف أنه عُرضت عليه رشوة بقيمة 500 ألف دولار.

وأضاف خلف أن اللجنة التي تقود عملية حصر وبيع أملاك منظمة التحرير الفلسطينية وأملاك الشعب الفلسطيني يترأسها ياسر عباس، نجل الرئيس محمود عباس ومستشاره الخاص في الساحة اللبنانية.

وتابع أن تقارير عدة صدرت مؤخرًا عن وكالات إعلامية ومؤسسات حقوقية تناولت قضايا فساد في السلطة الفلسطينية، إضافة إلى ما وصفه بحالات الثراء الفاحش لأبناء الرئيس محمود عباس.

وأشار إلى أن هذه التقارير الإعلامية تفيد بامتلاك ياسر محمود عباس، نجل الرئيس محمود عباس، ثروة كبيرة تشكّلت عبر شبكة من الأنشطة التجارية التي بدأت منذ منتصف تسعينات القرن الماضي.

فساد أملاك منظمة التحرير

وأوضح أن هذه الثروة، بحسب التقارير، تتركز في مجموعة شركات قابضة وفروع متعددة تعمل في قطاعات متنوعة، من أبرزها المقاولات، والتأمين، والاتصالات، والكهرباء، واحتكار بيع السجائر الأجنبية في الضفة الغربية.

وبيّن أن هذه الشركات تُعرف باسم مجموعة شركات قابضة، تأسست في الأردن، وكانت أولى شركاتها “فالكون توباكو” التي تحتكر بيع السجائر الأمريكية والبريطانية في الضفة الغربية.

وأضاف أن شركة “فالكون” تعمل أيضًا في محطات توليد الكهرباء، فيما تعمل “فالكون للاستثمارات العامة” في قطاع الاتصالات والهواتف الثابتة.

وتابع أن من بين هذه الشركات أيضًا “فالكون للهندسة المدنية والمقاولات” ومقرها قطر، إضافة إلى “فالكون للمدارس والمستشفيات الحكومية”.

كما أشار إلى “فالكون للمشاركة – المشرق للتأمينات”، واصفًا إياها بالشركة الوحيدة والأساسية في الضفة الغربية.

وقال خلف إن مصادر إعلامية تشير إلى حصول شركات مرتبطة بهذه المجموعة على عقود ممولة من مساعدات دولية أمريكية وأموال عامة، من بينها مشاريع ممولة من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.

وأضاف أن هذه المعطيات تثير تساؤلات حول طبيعة العلاقة بين النشاط التجاري الخاص والمشاريع الممولة من المال العام، وحدود تضارب المصالح المحتمل.

أملاك المنظمة في لبنان

وفي سياق آخر، تابع خلف أن تقارير حديثة ربطت هذه القضايا بملف أملاك منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، وهو الملف الذي أثاره السفير أشرف دبور، حيث جرى تكليف ياسر عباس برئاسة لجنة لحصر هذه الأملاك والتصرف فيها.

وشدد على أن هذه الأملاك هي أملاك الشعب الفلسطيني ولا يجوز التصرف فيها.

وأوضح أن التقارير تشير إلى أن الملف يشمل ما يقارب ألفي عقار في بيروت وضواحيها وجنوب لبنان، وهي أصول عقارية ذات قيمة مالية مرتفعة.

وأضاف: “أريد أن أنوه هنا إلى أن هناك أملاكًا كثيرة تم التصرف فيها، وما زالت أملاك أخرى يمكن التصرف فيها في أماكن مختلفة في أوروبا، وفي المنطقة العربية، وفي الأردن، وفي سوريا”.

وتابع أن هناك أملاكًا كثيرة لا أحد يعرف كيف يتم التصرف فيها، ولا توجد أي جهات رقابية أو محاسبية تعلن أو تدقق في هذه الأموال أو الاستثمارات، رغم أنها تشكل رأس مال وطني.

وأوضح أن المصادر تفيد بأن عددًا من هذه العقارات مسجل بأسماء أفراد وليس باسم منظمة التحرير الفلسطينية رسميًا، ما يثير إشكالات قانونية ومالية.

وأضاف أن بعض التقارير تضمنت اتهامات ببيع عقارات تابعة للمنظمة بأسعار أقل من قيمتها السوقية، رغم وجود اعتراضات رسمية من السفير أشرف دبور في هذا الشأن.

وأشار إلى أن هذه الوقائع، كما وردت في التقارير، تطرح تساؤلات واسعة حول الشفافية وإدارة المال العام في السلطة الفلسطينية، وإمكانية الخلط بين النفوذ السياسي، الذي يتمتع به ياسر عباس بوصفه نجل رئيس السلطة ورئيس منظمة التحرير، والمصالح الاقتصادية الخاصة.

وأكد أن هذه القضايا، وفق ما نُشر إعلاميًا، ما زالت محل جدل عام وأسئلة مفتوحة في ظل غياب توضيحات رسمية حاسمة تُغلق هذا الملف بشكل نهائي.

وتساءل خلف عن دور جهاز الرقابة العامة وجهاز الرقابة الحركية، مشيرًا إلى وجود تساؤلات يجب طرحها أمام الرأي العام في ظل غياب مؤسسات الرقابة ومحاربة الفساد في السلطة الفلسطينية.

وأضاف أن ذلك يأتي في ظل حل المجلس التشريعي الفلسطيني بقرار من محمود عباس، وغياب مؤسسات منظمة التحرير التنفيذية ومجلسها المركزي، وغياب مركزية حركة فتح ومجلسها الثوري.

وتابع متسائلًا: إذا كانت هذه الثروة ناتجة عن عمل خاص، فلماذا تتركز في قطاعات احتكارية ومشاريع حكومية ممولة من المال العام؟

وقال إن ياسر عباس يحتكر، بحسب وصفه، عصب الاقتصاد الفلسطيني التجاري والعقاري في الضفة الغربية.

ونقل عن أحد الخبراء الاقتصاديين قوله إن السلطة الفلسطينية لا تعاني من أزمة في أرصدتها، وإن الضرائب المفروضة على السجائر وحدها يمكن أن تغطي رواتب الموظفين.

وتساءل خلف: كيف حصلت شركات مرتبطة به على عقود مساعدات دولية دون إعلان واضح عن آليات المنافسة ومنع تضارب المصالح؟

وأضاف: “أين الأرقام؟ أين أرقام هذه الشركات؟ أين حصرها؟ أين أرباحها؟ أين تذهب؟ وأين توضع أرصدتها؟”.

وأشار إلى عدم وجود أرصدة بنكية معلنة، ولا بيانات شفافة حول الأرباح أو رؤوس الأموال.

وتساءل كذلك عن سبب إسناد إدارة ملف أملاك منظمة التحرير في لبنان إلى شخص تربطه صلة قرابة مباشرة بالقيادة السياسية، وهو نجل رئيس السلطة.

وأضاف: كيف يُدار ملف يضم نحو ألفي عقار دون نشر قيمها أو أسعار بيعها بشكل معلن، ودون إخضاعها لجهات رقابية أو محاسبية في السلطة الفلسطينية؟ وما هو مصير عائداتها؟

وختم: إذا كانت كل الإجراءات قانونية، فلماذا هذا الغموض في هذه الملفات؟ ولماذا لا تُفتح كاملة أمام الرأي العام؟ مؤكدًا أن ما يطرحه ليس اتهامات، بل تساؤلات للرأي العام، داعيًا إلى مناقشة قضايا الفساد المتعلقة بدوائر السلطة ومؤسساتها وأبناء المسؤولين فيها.