كان مفاجئاً إدراج سورية في لائحة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للدول التي يخضع مواطنوها لقيود مشدّدة لدخول الأراضي الأميركية الى جانب جنوب السودان ومالي وبوركينا فاسو والنيجر، بينما فرض الحظر الكامل على حاملي جوازات سفر السلطة الفلسطينية، وكرّس المرسوم حظر دخول مواطني الدول الـ12 التي سبق أن صدر مرسوم بحظر دخولها في يونيو/حزيران الماضي وهي: أفغانستان، وميانمار، وتشاد، وجمهورية الكونغو، وغينيا الاستوائية، وإريتريا، وهايتي، وإيران، وليبيا، والصومال، والسودان، واليمن. كذلك فرض المرسوم الجديد قيوداً كاملة على دخول رعايا لاوس وسيراليون اللتين خضعتا سابقاً لقيود جزئية، وفق البيت الأبيض. وأضاف المرسوم قيوداً جزئية على دخول رعايا 15 دولة هي أنغولا، وأنتيغوا وبربودا، وبنين، وكوت ديفوار، ودومينيكان، والغابون، وغامبيا، وملاوي، وموريتانيا، ونيجيريا، والسنغال، وتنزانيا، وتونغا، وزامبيا، وزيمبابوي، ويستمر المرسوم في فرض قيود جزئية على مواطني أربع من الدول السبع الأصلية المصنفة عالية الخطورة وهي: بوروندي، وكوبا، وتوغو، وفنزويلا، والمفاجأة بتشديد القيود على سورية تعود إلى درجة الثقة التي يمنحها الرئيس ترامب للحكم الجديد في سورية، والتي يبدو أنها تلقت إصابة بالغة مع عملية داعش في تدمر التي أسفرت عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين برصاص أحد عناصر الأمن السوري الذي جندته داعش، والمفترض أنه كان مكلفاً بحماية اجتماع سوري أميركي مشترك في تدمر.

واشنطن المنشغلة بداعش ومراجعة سياساتها في سورية، والتي تستعدّ لحسم مسار المرحلة الثانية في خطة غزة وحل المعضلات العالقة لانطلاقها، خصوصاً تشكيل القوة الدولية، حيث يقف الاعتراض الإسرائيلي على مشاركة تركيا حجر عثرة أمام اكتمال تشكيل القوة، تلقت صفعة لخطتها لوقف الحرب في أوكرانيا مع ما أعلنه قادة أوروبا والرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، حول طلب ضمانات أمنية في الحل تتمثل بنشر قوات أوروبية في أوكرانيا تقول روسيا إنه يستحيل القبول بها، وتتضمن الطلبات الأوروبية الأوكرانية استخدام الأموال الروسية المجمدة في المصارف الغربية لإعادة إعمار أوكرانيا كنوع من العقوبة على روسيا، والمساهمة في إعادة إعمار أوكرانيا هو ما كانت روسيا قد أبدت استعداداً لمناقشته في خطة السلام كمشاركة في حلف عالمي لإعادة إعمار أوكرانيا، بينما يقول الروس إنهم لن يسمحوا بوضع اليد على ودائعهم وينظروا لرفع العقوبات بصورة شاملة كبند أول في أي خطة لإنهاء الحرب، وقد سجل المراقبون يوم أمس استئنافاً قوياً للحملات الروسية النارية والبرية فيما اعتبروه عودة الاحتكام للميدان وصرف النظر عن مسار التفاوض.

في لبنان، رغم الاهتمام بمشهد التجاذب حول سلاح المقاومة، وحديث التصعيد الإسرائيلي والغارات المستمرة على سيارات ودراجات بواسطة طائرات مسيّرة تغتال من تقول إنهم كوادر وعاملون في المقاومة، تشخص الأنظار مجدداً إلى المجلس النيابي الذي يفترض أن يعقد جلسة تشريعية يوم غد، للنظر في جدول أعمال الجلسة السابقة التي لم تعقد بسبب عدم توافر النصاب في 29 أيلول الماضي، وتواجه جلسة الغد دعوات للمقاطعة وتعطيل النصاب تقودها القوات اللبنانية وتشارك فيها الكتائب وعدد من النواب، دون أن يُعرف بعد حجم الاستجابة الذي ستلقاه دعوات المقاطعة، خصوصاً أن في جدول الأعمال مشاريع حكومية ذات طابع مالي حيوي من تشريعات تتصل باتفاقيات خارجية ومشاريع قروض.

قبل يومين من اجتماع لجنة »الميكانيزم» في 19 الحالي ينعقد اجتماع باريس في السابع عشر من الشهر الحالي، بمشاركة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان ومستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا آن كلير لوجاندر إلى جانب الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس وممثل المملكة العربية السعودية الأمير يزيد بن فرحان فيما تكتمل صورة اللقاء في اليوم التالي مع وصول قائد الجيش رودولف هيكل إلى العاصمة الفرنسية للمشاركة مباشرة في النقاشات المتعلقة بدور المؤسسة العسكرية واحتياجاتها في المرحلة المقبلة بما يعكس توجهاً خارجياً يضع الجيش اللبناني في صلب مقاربة الاستقرار.

وتتجاوز أهمية هذا الاجتماع حدود النقاشات التي ستجري خلاله ليصبح مؤشراً على المرحلة التي تليه إذ يبدو أن التعامل الدولي مع لبنان يتجه نحو الإبقاء على إدارة دقيقة للأزمة تقوم على ضبط الإيقاع الأمني ومنع أي تدهور واسع بالتوازي مع تكثيف الضغوط السياسية والدبلوماسية على القوى الداخلية من دون الذهاب إلى حلول حاسمة، وهو ما يجعل هذا النهج قابلاً للاهتزاز في حال استمرار المراوحة الداخلية.

هذا وتابع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أمس، التحضيرات الجارية للاجتماع المقرّر عقده في باريس يوم غد للبحث في حاجات الجيش. وفي هذا الإطار، استقبل الرئيس عون قائد الجيش العماد رودولف هيكل وزوّده بتوجيهاته بالنسبة إلى المواضيع التي ستبحث خلال الاجتماع في باريس، وتداول معه في حاجات الجيش في المرحلة الراهنة. وخلال اللقاء أطلع العماد هيكل الرئيس عون على نتائج الجولة التي قام بها رؤساء البعثات الدبلوماسية أمس، في أماكن انتشار الجيش اللبناني في جنوب الليطاني، حيث عاينوا الإجراءات والتدابير التي اتخذها الجيش تنفيذاً للخطة الموضوعة لبسط سلطة الدولة وإزالة المظاهر المسلحة. كما تداول الرئيس عون مع قائد الجيش في الانطباعات التي تكوّنت لدى الدبلوماسيين خلال الجولة.

على خط آخر، نقلت صحيفة يسرائيل هيوم الإسرائيلية عن دبلوماسيين، قولهم إن اجتماع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو والموفد الأميركي توم برّاك، أسفر عن اتفاق لمواصلة الحوار بشأن لبنان. أما صحيفة »هآرتس» العبريّة فأشارت إلى أن »الجيش الإسرائيلي يرى أن وتيرة عمل الجيش اللبناني ضد حزب الله، أقلّ من وتيرة إعادة بناء الحزب لنفسه»، لافتة إلى أن »الجيش الإسرائيلي يفهم أن الجيش اللبناني يواجه تحديات في الوصول لمخازن السلاح التابعة لحزب الله في المناطق الشيعية». وبحسب الصحيفة فإنّ »التقديرات الإسرائيلية أن حزب الله لن ينزع سلاحه، لكنه لم يعد بمقدوره تنفيذ عمليات اقتحام واسعة لـ»إسرائيل»». كما تضيف الصحيفة أن »الجيش الإسرائيلي يدّعي أن حركة حماس هي الأخرى تعمل في لبنان، وتسعى لإعادة التموضع وبناء قدراتها».

وذكر موقع »ارم نيوز»، أنّ القناة الـ12 الإسرائيليّة قالت إنّ الجيش الإسرائيليّ يُجهّز قائمة بأهداف محتملة ضدّ »حزب الله»، تحسباً لقرار شنّ تل أبيب لعملية واسعة. وقالت القناة الإسرائيليّة: »تدرك إسرائيل أنّ »حزب الله» لا يزال يمتلك صواريخ بعيدة المدى ووسائل أخرى يمكنه استخدامها في معارك حاسمة. وفي الوقت عينه، يواصل مساعيه لتعزيز قوته، ولهذا السبب قد تجري القوات الإسرائيلية عمليات في العمق اللبناني لإلحاق الضرر بـ»الحزب»».

وأكد مسؤول في البيت الأبيض لقناة »شمس» أن الولايات المتحدة تدعم جهود »إسرائيل» للقضاء على التهديد الذي تُشكّله حماس وحزب الله، وقال المسؤول »نظراً لفشل الجهود الدبلوماسيّة في نزع سلاح حزب الله في لبنان، وإذا رفض حزب الله التراجع، يُعتبر العمل العسكري ضروريًا، إذ يُشكّل خطرًا مباشرًا على »إسرائيل» وعلى الاستقرار الإقليمي». وأضاف أن »القضية الأساسية تكمن في نفوذ إيران في المنطقة، ولن يتحقق سلام دائم في »إسرائيل» ولبنان وغزة إلا بتفكيك الجماعات المسلحة المدعومة من إيران.»

وحدّثت وزارة الخارجيّة البريطانيّة تحذيرات السَّفر إلى لبنان، مؤكِّدة أنّ الوضع الأمني لا يزال غير مستقرّ رغم دخول وقف إطلاق النّار حيِّز التّنفيذ في 27 تشرين الثاني 2024، ونصحت بعدم السَّفر إطلاقًا إلى مناطق واسعة وبالسَّفر فقط للضَّرورة القصوى إلى مناطق أخرى، مع التّنبيه إلى احتمال إغلاق الطُّرق وعدم القدرة على المغادرة في أيّ وقت وعدم الاعتماد على الإجلاء الطارئ.

وشملت التّحذيرات بيروت وضواحيها الجنوبيّة مع استثناء طريق المطار، وتجنّب أحياء ومناطق محدَّدة في الضاحية وبئر حسن باستثناء نطاق يضمّ مستشفى رفيق الحريري، إضافةً إلى الجنوب والنبطيّة ولا سيّما المناطق جنوب نهر الليطاني، والبقاع وبعلبك الهرمل ضمن نطاقات واسعة تشمل طرقًا رئيسيّة ومواقع أثريّة، وكذلك الشمال وطرابلس وعكّار، مع توصيات بالسَّفر للضَّرورة القصوى فقط إلى بعض المناطق المحدودة.

كما شدَّدت الخارجيّة البريطانيّة على عدم السَّفر إطلاقًا إلى مخيَّمات اللاجئين الفلسطينيّين، وأشارت إلى استمرار الغارات الجويّة والقصف المدفعي في الجنوب والبقاع، مع إمكانيّة وقوع ضربات في مناطق أخرى من البلاد، بما فيها الضواحي الجنوبيّة لبيروت، داعيةً إلى متابعة المستجدّات الأمنيّة بشكل دائم.

وفي بروكسل عقد وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي صباحاً لقاءً موسّعًا مع سفراء اللجنة السياسية والأمنية لمجلس الاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 دولة، تناول خلاله الأوضاع في لبنان على الصُعُد السياسية والاقتصادية والأمنية، مسلطًا الضوء على جهود الحكومة للنهوض بالبلاد والصعوبات التي لا تزال تواجهها، لا سيما موضوع الاحتلال الإسرائيلي.

وشدّد الوزير رجي على ضرورة الضغط على »إسرائيل» للانسحاب من النقاط الخمس التي لا تزال تحتلها في جنوب لبنان، والإفراج عن الأسرى، ووقف الاعتداءات العسكرية اليومية، كما تمنى على الدول الأوروبية ألّا تقتصر المفاوضات مع إيران على ملفي النووي والصواريخ الباليستية، وأن تشمل أيضًا مسألة أذرعها في المنطقة. وأكد أهمية القرار الحكومي »التاريخي» بحصر السلاح بيد الدولة وبسط سلطتها وسيادتها بقواها الذاتية حصرًا على كافة الأراضي اللبنانية. كما تطرّق اللقاء إلى اليوم التالي لما بعد انتهاء مهام اليونيفيل في نهاية العام المقبل، وأهميّة تعزيز الدعم الأوروبي والدولي للجيش اللبناني للاضطلاع بمهامه على أكمل وجه، إضافة إلى الإصلاحات الاقتصادية والمواضيع ذات الاهتمام المشترك.

وأعرب السفراء عن دعم دولهم للقرارات التي تتخذها الحكومة اللبنانية، وعن اهتمام الاتحاد الأوروبيّ برفع علاقته مع لبنان إلى مستوى شراكة استراتيجية، وزيادة مساعداته بشكل كبير بعد توقيع الحكومة على الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، مؤكدين دعمهم للجيش اللبناني ولمسيرة الإصلاح.

وكان رجي عقد على هامش مشاركته في مؤتمر مجلس الشراكة بين لبنان والاتحاد الأوروبي في بروكسل لقاء مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي كايا كالاس، التي رحّبت بـ»التقدّم الذي حققه لبنان حتى الآن في تنفيذ الإصلاحات وتعزيز حصرية السلاح بيد الدولة».

وعشية جلسة تشريعية الخميس لم يدرج رئيس مجلس النواب على جدول أعمالها مشاريع القوانين لتعديل قانون الانتخاب الحالي المقدمة من أكثرية نيابية والمرسلة من مجلس الوزراء، اتخذ تكتل الجمهورية القوية قرارًا بعدم حضور الجلسة التشريعية التي دعا إليها. وأكّد رئيس حزب القوّات اللبنانيّة سمير جعجع أن »دعوة بري إلى جلسة تشريعيّة يوم الخميس المقبل لاستكمال ما تبقى من جدول أعمال الجلسة الماضية، والتي قاطعها أكثر من نصف النواب لعدم إدراجه على جدول أعمالها اقتراح القانون المعجّل المكرّر المتعلّق بقانون الانتخابات، تعد تخطياً واستخفافاً برأي هؤلاء الـنواب الـ65»، موضحاً أن »بالإضافة إلى ذلك، وفي ذاك الحين، كانت الحكومة قد أرسلت أيضاً مشروع قانون معجّل بالموضوع ذاته إلى المجلس، فلم يقم الرئيس بري بتحويله إلى الهيئة العامة بل حوّله إلى اللجان، وكأنه مشروع قانون عادي في موضوع عادي وفي زمن عادي».

وأضاف: »وحتى بعدما حوّله إلى اللجان وانقضاء مهلة الـ15 يوماً المنصوص عنها في النظام الداخلي للمجلس، لم يقم الرئيس بري بما كان عليه القيام به، أي تحويل مشروع القانون إلى الهيئة العامة».

وكان الرئيس برّي بحث في المستجدات السياسية والأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين لبنان والجمهورية الإسلامية الإيرانية خلال استقباله السفير الإيراني لدى لبنان مجتبى أماني.