ملتقى كتّاب العرب والأحرار: منصة فكرية لمقاومة التزييف وصناعة وعيٍ حرّ.
رانيا كامل يونس لبنان.
في ظل التحوّلات المتسارعة التي يشهدها العالم العربي، ومع تصاعد حملات التشويه والتزييف التي تستهدف وعي الإنسان العربي وهويته، يبرز ملتقى كتّاب العرب والأحرار كإطار جامع يسعى إلى توحيد الأقلام الحرّة، وتوجيه طاقاتها في مشروع ثقافي وإعلامي مقاوم، يواجه الطغيان بالكلمة، والانحراف بالفكرة، والاستلاب بالوعي.
ينطلق الملتقى من إيمان عميق بدور الكلمة في صناعة التحوّل، وبأن المعركة اليوم لم تعد عسكرية فقط، بل هي أيضًا معركة سرديات ورؤى، يتم فيها تشكيل صورة الإنسان العربي ومتابعة قضاياه أو إحياؤها من جديد. ومن هنا جاءت الوثيقة التأسيسية الشاملة للملتقى لتضع رؤية واضحة، ورسالة محددة، وأهدافًا تفصيلية لمسار عمل طويل الأمد.
رؤية الملتقى ورسالة الكلمة الحرّة:
يقدّم الملتقى نفسه كفضاء جامع للكتّاب والإعلاميين والمثقفين العرب والأحرار في العالم، ممّن يرفضون التبعية بكل أشكالها، ويؤمنون بحق الشعوب في الحرية والاستقلال، ويقفون إلى جانب قضايا المقاومة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية وسائر قضايا التحرّر في المنطقة.
وتتمحور رسالة الملتقى حول:
إحياء دور القلم المقاوم في مواجهة الاستعمار الجديد وأدواته الناعمة.
بناء وعي جمعي يفضح التزييف الإعلامي والثقافي، ويعيد الاعتبار للقضايا المركزية للأمة.
توحيد الجهود الفكرية والإعلامية بين أصحاب الفكر الحرّ، بعيدًا عن الانقسامات المصطنعة والاصطفافات الضيقة.
أهداف الملتقى: من الفكرة إلى المشروع
لا يكتفي ملتقى كتّاب العرب والأحرار بالشعارات العامة، بل يسعى إلى تحويل الرؤية إلى برامج عمل ملموسة، من خلال مجموعة من الأهداف الرئيسة، من أبرزها:
1- تأسيس شبكة تواصل بين الكتّاب والإعلاميين الأحرار في الوطن العربي وخارجه، بما يسمح بتبادل الخبرات وتنسيق المواقف في القضايا الكبرى.
2- إطلاق منصات إعلامية مشتركة – مكتوبة ومرئية وإلكترونية – تعبّر عن خطاب الملتقى المقاوم، وتكون منبرًا للأصوات التي يتم تهميشها أو التضييق عليها في المنابر التقليدية.
3- تنظيم فعاليات وندوات ومؤتمرات دورية تعالج قضايا الهوية، والمقاومة، والاستقلال الثقافي والإعلامي، وتسهم في إنتاج خطاب فكري رصين، بعيد عن الانفعال والعشوائية.
4- رعاية الأقلام الشابة الواعدة، وفتح المجال أمام الجيل الجديد من الكتّاب ليكون شريكًا في صياغة المستقبل، عبر برامج تدريب، وورش كتابة، ودعم للنشر.
5-مواجهة حملات التشويه والتضليل الإعلامي بحق حركات المقاومة وقوى التحرّر، عبر إنتاج محتوى تحليلي وتوثيقي، يعيد الأمور إلى نصابها ويقدم للرأي العام رواية مختلفة عن الرواية السائدة في الإعلام المهيمن.
6- تعزيز ثقافة الوحدة والتكامل بين الشعوب العربية وأحرار العالم، بإبراز المشتركات في قضايا العدالة والكرامة والحرية، وربط النضالات المحلية بسياقها الإنساني الأوسع.
الملتقى كحالة وعي لا كإطار شكلي
لا ينحصر دور الملتقى في كونه كيانًا تنظيميًا أو إطارًا شكليًا، بل يسعى لأن يكون حالة وعي ممتدة؛ فكل قلم حرّ، وكل صحفي شجاع، وكل باحث مخلص للحقيقة، هو جزء من هذه الحالة. الوثيقة التأسيسية تؤكد أن الانتماء للملتقى ليس انتماءً لمؤسسة مغلقة، بقدر ما هو انتماء لمشروع تحرري يقوم على القيم: الصدق، الشجاعة، الانتماء للأمة، ونصرة المستضعفين.
وتحرص الوثيقة كذلك على ترسيخ مبدأ العمل الجماعي، بعيدًا عن الفردية وبطولات الأشخاص، فالمشروع أكبر من الأسماء، وأبقى من المناصب. لذلك، نرى في هياكل الملتقى ولجانه المختلفة محاولة لبناء عمل مؤسسي منظّم، يضمن استمرارية الفكرة وتراكم ثمارها.
أهمية الملتقيات الإعلامية في زمن حرب السرديات
إن ظهور ملتقيات إعلامية وفكرية من هذا النوع لم يعد ترفًا ثقافيًا، بل صار ضرورة استراتيجية في عصر تتحكم فيه الصورة والخبر والعنوان في تشكيل الرأي العام وصناعة القرار. فالحرب اليوم تُحسم في مساحات الإعلام قبل أن تُحسم على الأرض؛ ومن يمتلك القدرة على صياغة الرواية، يمتلك تأثيرًا عميقًا في وعي الأجيال.
من هنا، تبرز أهمية ملتقى كتّاب العرب والأحرار وأمثاله من المبادرات الإعلامية والفكرية:
فهي توفّر مظلة حامية للأقلام الحرّة من التشتّت والعزلة.
وتخلق جبهة إعلامية موحّدة في وجه حملات التشويه الممنهجة.
وتسهّل تبادل الخبرات والخطاب والخبر بين الكتّاب والإعلاميين الصادقين في أكثر من بلد وساحة.
كما تفتح المجال أمام صناعة محتوى نوعي، يرقى إلى مستوى التحديات بدل الاكتفاء بردود الفعل الآنية.
ففي زمنٍ تتكاثر فيه المنابر المدفوعة، وتتصدّر فيه الشاشات والأقلام التي تُدار من غرفٍ مظلمة، يصبح وجود ملتقيات إعلامية حرّة ومسؤولة صمّام أمان للوعي العام، ورافعة أساسية لمشروع التحرر الشامل.
