مضى مئة وثمانية أعوام على وعد بلفور الذي كان السبب في كل ما نعانيه اليوم، وكان ذلك طبعًا مسبوقًا باتفاقية سايكس–بيكو التي قسمتنا، ثم استوطنت دواخل البعض منا، حتى أصبحنا: سوريًّا ولبنانيًّا وعراقيًّا ويمنيًّا، وما يُسمّى (سعوديًّا)… إلخ.
كل ما جرى لم يكن صدفة، بل خطة خبيثة امتدت إلى يومنا هذا وما زالت. فبين سايكس–بيكو وبلفور مخطط يُستكمَل اليوم بـ”الإبراهيمية الجديدة”.
تغيّرت المفاهيم، وتمّت الأدلجة على أن لنا أعداء غير الكيان وداعميه. أُشعلت فتائل كثيرة، منها الطائفية والحروب الأهلية. كانت سايكس–بيكو لتنفيذ الوعد، واليوم يتم العمل على تقسيم المُقسَّم وتجزئة المُجزَّأ سعيًا إلى تحقيق حلمهم الأقذر: “إسرائيل الكبرى”.
فإن كان سايكس وبيكو قد مَهدا لبلفور، فإن “الإبراهيمية” خطوة أكبر للوصول إلى الحلم الأكبر. وهذا يفسّر ما يحصل في غزة ولبنان وسوريا والعراق والسودان ومعظم الدول العربية.
المراد أن تغرق سوريا في الحروب الطائفية، وأن يعود لبنان إلى الحرب الأهلية. وها هي المليشيات المدعومة من الإمارات التي باتت أداة في يد أعداءنا ،تسفك دماء السودانيين، وتُرسل برابرة ليتدرّبوا على قتال المقاومة في غزة، والقائمة تطول ، عجباً أين غيرة العرب أم أنهم أصبحوا شعوب هجينة !!؟
العراق بات عراقين: الأول بقي باسمه، والثاني أصبح يُسمّى “كردستان العراق”. والقواعد الأمريكية المنتشرة في كل الدول العربية هي الأخرى لكيان قام على الدماء، فالنشأة متشابهة.
هذا هو التاريخ، الشاهد الأهم، فَلِمَ يُصرّ البعض على إنكاره أو تكذيبه؟!
وحتى الواقع الذي عايشناه ونعايشه، هناك من يسعى إلى حرفه!
فمتى تستيقظ أمة اعتادت النوم والغفلة؟
ومتى تعي أن كيانًا تألّف من عصابات وأشرار قرّروا أن يتّحدوا ويصنعوا لأنفسهم “دولة” تبطش وتمارس إرهابًا وإجرامًا منظّمًا؟
ومتى تفقه هذه الأمة بأن لها جغرافيا واحدة، ولغة واحدة، وتاريخًا واحدًا، ورغم ذلك متفقة على ألّا تتفق؟!
الجهلُ عدوُّنا الأول، إن قتلناه انتصرنا، والوحدةُ سلاحُنا الفتّاك.
نحن من صدَّر الحرف ورسالات السماء، ونحن من نثر النور لعالمٍ غربيٍّ جاهلٍ تائه غارقاً في الظلام ، فانظروا أين غدا وأين غدونا!
لهم وعد بلفور، ولنا وعد الله الحقّ، والله لا يُخلِف الميعاد.
لهم اتفاقيّاتهم، ولنا رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وبهم سينتشر النبأ العظيم.
فلسطين لنا، كلها لنا، بآذانها وتكبيراتها، بأجراسها وتراتيلها.
نحن الأثر المنقوش على صخور هذه الأرض، وهم العابرون.
فاتنة علي_لبنان
