جيل النصر باق…

رغم شلاّل الدماء الذي لم ينقطع بعد.
رغم سقوط مئات الآلاف بين شهداء وجرحى ومفقودين.
رغم الدمار الهائل والشاسع…
رغم كلّ هذا وما أفظع منه، هناك يقين عابر للأفراد والتنظيمات الجهاديّة ومجمل المجتمع الفلسطيني، لا تشوبه شائبة ولا يحتمل النقاش، مفاده أنّ وقف الإبادة لم يكن منّة من أحد، بل جاء بفضل ما أبدى الشعب الفلسطيني من جلد والمقاومة من صلابة، ليكون القرار بأمرين:
أوّلا، القدرة على العود في التوّ والساعة إلى المواجهة، من باب اليقين بأنّ ما لم يتمّ التنازل عنه بالقوّة، لن يتمّ التفريط فيه بالسياسة.
ثانيا، السقف الشعبي أعلن من سقف حركات المقاومة، التي تجد في ذلك راحة، مكّنتها من التفاوض من موقع القوّة.
من ذلك، باءت جميع محاولات التلاعب، من الطرف الأمريكي وأتباعه في المنطقة بالفشل.
اليقين قطعي: لن يدخل «مسلّح»» واحد إلى غزّة سوى تحت السقف المقاومة، وبإذن منها ومواقفتها.
لن يشفع في ذلك، لا ادعاء عروبة مشتركة ولا دين جامع أو جوار لم يرع أحد ذمته.
قد (ونقول قد) تترك حركات المقاومة لبعض الوقت، الفرصة لنصيحة هذا «الصديق»، لكن المراهق الفلسطيني الذي عاش لسنتين تحت القصف، وجابه الموت ألف مرّة أمام الصهاينة، لن يتوّرع عن مواجهة قدره للمرّة الواحدة بعد الألف في مواجهة أيّ طرف مهما ادّعى من قرابة.
مخطأ من يحاول ممارسة أدنى «وصاية» على أهل غزّة، من باب الرغبة (التي قد تكون صادقة) في إنقاذ وتوفير الحماية نظير تراجع المقاومة عن الثوابت التي من أجلها اندلع «طوفان الأقصى»، لأنّ الفلسطيني ليس همّه البقاء على قيد الحياة فقط، أو حصرًا مجرّد تحسين الاقتصادي/الاجتماعي.
هناك فارق بل هي فوارق الدنيا مجتمعة، بين القول أو هو الإصرار، على إعمار غزّة من جديد، وتمكين أهل غزّة من وسائل الصمود، تحت سقف مشروع التحرّر الوطني من جهة، وما نراه من بكائيات بعض «الأخوة»، من جهة أخرى…
من الأكيد أنّ كامل الطيف الجهادي في غزة، يحتاج إلى «فترة نقاهة»، هو من يحدّد مداها، لكن دون أن يعني ذلك أدنى تفكير في مقايضة «العيش الكريم»، بالمعنى الاستهلاكي في قاموس الليبراليّة العالميّة، بأدنى تنازل.
الطفل قبل الكهل، والصغير قبل الكبير، وعامّة الشعب قبل القيادي يعي ذلك..
نصر الدين بن حديد