خسئتم يا “جولانيين” فكلنا “ويمبيون”!!

في عام ١٩٨٢ عندما اجتاح “جيش” الكيان الصهيوني بيروت، ظنَّ هذا الكيان الصهيوني أن القصة انتهت هنا وحُسِمَ الأمر لصالحه، لكن الحركة الوطنية اللبنانية رفضت الاستسلام رفضًا قاطعًا، فكيف لحركة مكوّنة من تيارات فكرية مقاومة صلبة لبنانية وفلسطينية أن تستسلم.

كانت الحركة الوطنية اللبنانية تتميز بكونها تمثل فكرًا وطنيًا _ كم نحن بأمسّ الحاجة له اليوم بعدما نجحت خطة الاحتلال بتقسيمنا على أساس طائفي ومذهبي وإثني وقبلي، إذ كانت هذه الحركة جامعةً لتيارات راديكالية في مواجهة الصهيوني وتحرير فلسطين من بحرها إلى نهرها، وكانت تنحدر أيضًا من فكرة عدم الاستسلام والكفاح المسلَّح حتى التحرير، وكيف لا وهي تنحدر من عمالقة الفكر المناضل كسعادة وحبش وحاوي وعفلق وعبد الناصر وغيرهم.

كانت فكرة المقاومة موجودة لكنها تحتاج إلى شرارة لكي تنتج عنها مقاومة، وجاءت هذه الشرارة في تاريخ ٢٤/٩/١٩٨٢، إذ قام البطل الرفيق خالد علوان المعروف بـ”ميشيل” ابن الحزب السوري القومي الاجتماعي بتنفيذ حكم الشعب على جنديين صهيونيين كانا يتسكعان في مقهى “الويمبي” بشارع الحمرا في بيروت.

قد نفَّذ أبناء الشعب اللبناني العديد من العمليات البطولية، ولكن هذه العملية كانت لها رمزية خاصة إذ أعادت روح المقاومة للجماهير في فترة كان يُروَّج العملاء فيها للهزيمة، واستمر الرفاق بالكفاح بصحبة أبطال حزب الله الذين كان لهم دور كبير أيضًا في تحرير لبنان عام ٢٠٠٠ وطرد الصهيوني ذليلًا بقوة السلاح.

لم يتحرر لبنان عام ٢٠٠٠ بضمانات “أورتاغوس” و”براك” أو مٓن على شاكلتهم وقتها، بل بكفاح الشعب اللبناني البطل المتوحد بكل تياراته وبمساندة من أبطال المقاومة الفلسطينية.

لم يكن ذاك الزمان دولة أفلاطونية، فخطة العدو الصهيوني لإثارة التفرقة الطائفية والمذهبية ليست وليدة اللحظة، لكن كانت هذه التيارات الوطنية والقومية والإسلامية أيضًا لا تُفسح المجال لأي متشرذم.

وأما اليوم فالاقتتال الطائفي نخرنا، وهو صاحب الكلمة العليا للأسف الشديد، وخاصة في سوريا، التي أدى بها الفهم الخاطئ للهوية _ الذي كان وقود المؤامرة الصهيوأمريكية عليها _ إلى احتلالها من قبل جماعات طائفية إرهابية عبَّدوا الطريق للصهيوني الذي يسعى إلى إقامة مشروعه الإرهابي “إسرائيل الكبرى”.

وأكبر دليل على أن الطائفية الداعشية وليدة الصهيونية كما ذكرنا آنفًا، أنك تجد كل شخص طائفي — لو أخذنا سوريا مثالًا — يحارب الجميع والجميع أعداؤه عدا الصهيوني.

وتجلَّى ذلك قبل يومين في لقاء على وسائل الإعلام التابعة للعدو الأمريكي مع المدعو الجولاني، قام خلاله بإطلاق تصريحات وصل بها إلى مرتبة متقدمة ترفرف في سماء الخيانة والعمالة لم يحلم بها زعماء عرب لهم باع طويل بالخيانة، إذ قال: “يجب أن نبحث عن وسائل للعيش المشترك بين السوريين والإسرائيليين”. أي إنه بذلك يقول صراحةً إنه منفتح على تطبيع خياني بشكل أعمق وأشمل من “كامب ديفيد” و”وادي عربة” إذ يريد أن يشمل الشعبَ السوري هذا التطبيع، لكن كلا ومليون كلا، فالشعب السوري الحرّ كله خالد علوان الذي أصبح أيقونة شعبية فطرية واعية رافضة للاحتلال والاستسلام، ورافضة لأن تكون عبدة للمرحلة، بل اختارت أن تصنع المرحلة حتى التحرير.

تصريح الجولاني خطير جدًا، يؤسس لـ”مدرسة جولانية” تدعو للتطبيع على مستوى الشعوب ولـ”العيش المشترك” مع كيان احتلالي إحلالي استيطاني توسعي إرهابي، أما العملية التي نفَّذها الرفيق البطل خالد علوان في مقهى الويمبي فهي مدرسة سأطلق عليها “الويمبية” التي تمثّل التعبير بالنار عن رفض الشعوب بالفطرة الواعية للاستعمار والاحتلال والتطبيع بكافة أشكاله.

وها هو “جيش” الكيان الصهيوني اليوم يسرح ويمرح في سوريا، وها هم الصهاينة يصولون ويجولون في دمشق، وها هم أتباع “المدرسة الجولانية” أطلقوا بروباغندا يدعون بها لـ”العيش المشترك” مع قتلة أطفال غزة، ويجري ما يجري في فلسطين ولبنان، لكن لن يفرح هذا الكيان وأذنابه كالجولاني وغيره كثيرًا، فكلنا خالد علوان وكل مقاهينا أسماؤها الويمبي وجميع شوارعنا حمراء كنار الثورة!

استشهد الرفيق خالد علوان بعملية اغتيال جبانة في الجنوب نفذها عملاء لـ “الموساد”، وما زال في لبنان عملاء ينحدرون من قتلة الشهيد خالد، وما زال هناك شرفاء ينتمون إلى نهج الرفيق خالد، وما زالت المعركة مستمرة، وما زالت منذ ذلك الحين المقاومة صامدة لم تستسلم رغم الطعنات والخيانة وبطش الإرهاب، وغدًا سينسدل الضباب عن التلال، وإننا حتمًا منتصرون!

أبو الأمير ـ القدس

إقرأ أيضا: