عندما يصبح التجريح وسيلة للتشويه بدل أن يكون النقد أداة للتصويب

تساؤلات طبيعية في عصر غير طبيعي

في الشارع المقاوم تتردّد أسئلة مشروعة: إلى متى؟ وماذا بعد؟، لكن هذه التساؤلات تأتي في زمن غير طبيعي، حيث يختلط الوعي الشعبي بحملات الاستفزاز والتشويه. والسؤال الأهم: هل فكّر من يطلقون هذه الحملات بما يشعر به الذين يستهدفونهم؟ أولئك الذين فقدوا أحبتهم، حُوصروا، ضحّوا، ونجوا من الذلّ والعبودية؟ إنهم أكثر من دفع الثمن، ليُتغنّى غيرهم بثقافة حياة صنعوها بدمائهم.

الحاضنة الصلبة… وصدى وسائل التواصل

الضغط على الحاضنة الشعبية للمقاومة ليس جديدًا، لكن تضخيم وسائل التواصل الاجتماعي للأصوات المسيئة جعل أثره أشدّ وقعًا، حتى بات التجريح يطنّ في الأذن بلا انقطاع. وهنا يُطرح السؤال: ماذا يولّد الشتم والاستهزاء والتجريح؟
الحقيقة أنها محاولات متعمّدة لإظهار أسوأ صورة عن البيئة المقاومة وتسويقها باعتبارها الممثل الوحيد لها. بينما الواقع يُظهر أن هذه البيئة صمدت، وقدّمت أرقى صور التضحية والصبر. لقد أثبتت أنها مسؤولة، محتسبة، وكاظمة لغيظها، مرتدية تاج الحكمة في أصعب الظروف دفاعًا عن الوطن.

بين العتب المشروع والتشويه المتعمد

بعض الانتقادات قد تكون صادرة من التعب والإنهاك، وربما من عتب المحبين. لكن هل يدرك هؤلاء أن الحرب بطبيعتها سجال؟ يوم لك ويوم عليك. وأن بقاء الكيان بحد ذاته يعني استمرار شرارة الحروب، حتى لو خبت نارها مؤقتًا؟
ولو كانت المقاومة قد فقدت دورها الرادع بالفعل، فلماذا يصرّ العدو وحلفاؤه على استهدافها وتشويهها؟ ولماذا تُنفق مليارات الدولارات لتغذية الانقسامات والحملات الإعلامية ضدها؟

معادلة يعرفها العدو جيدًا

الكيان يدرك أن كل جريمة يرتكبها لا تُخمد إرادة المقاومة، بل تراكم النقمة وتزيد الرغبة في الانتقام. إنها معادلة تراكمية واضحة: كلما فُرض القهر بالقوة، كلما تعاظم الرفض والثأر. ولهذا يخشى العدو تعافي المقاومة، لأنه يعلم أن في ذلك بداية نهايته الحتمية.

آخر حصون الكرامة

المقاومة ليست مجرد خيار عسكري أو ظرف سياسي، بل هي آخر حصون الأوطان والأحرار. سقوطها لا يعني خسارة معركة فحسب، بل انهيار آخر جدار يحمي الكرامة والسيادة. لذلك، لا مكان اليوم لدور المتفرّج أو المعلّق السلبي. إن المسؤولية تفرض أن يكون كل فرد إما فاعلاً أو داعمًا، حتى تتجاوز الأمة معركة الوجود.

كلمة أخيرة

المعركة اليوم ليست عسكرية فحسب، بل إعلامية ونفسية أيضًا. وهنا تتضح قيمة الوعي والبصيرة كشرط أساسي للصمود. سيكتب التاريخ أن هذه الحاضنة الصلبة واجهت التشويه بالوعي، والتجريح بالصبر، والإرهاب بالمسؤولية.
المجد للبصيرة والوعي… والنصر لمن صبر واحتسب.

فاتنة علي-لبنان