مرّ قرابة العامين على الإبادة الجماعية في قطاع غزة، ويستمر القتل والدمار، عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، ناهيك عن المنازل المدمّرة وحرب التجويع التي يستهدف بها الاحتلال أبناء شعبنا.

لم تدّخر وسيلة إلا واستخدمت في سبيل وقف إطلاق النار لرفع المعاناة عن شعب غزة، لكن الكيان الصهيوني المدعوم أمريكياً طغى واستكبر، وها هو يقصف الدوحة، حتى وإن كانت عمليته قد فشلت، لكنه أعلن بذلك تعطيله لمسار وقف إطلاق النار.

واجتمع العرب، ويا ليتهم لم يجتمعوا، إذ كان اجتماعهم بمثابة تأكيدٍ على عجزهم المعهود منذ العام 1948 وما قبله. ورغم ذلك ما زال الشعب الفلسطيني، وخاصةً في غزة، في كل لقاءٍ ومقابلةٍ أو أيّ ظهورٍ تلفزيونيٍّ أو إعلاميٍّ يستنجد بالعرب، شعوباً وجيوشاً.

لا يرجو الشعب الغزّاوي والفلسطيني عموماً شيئاً من الحكّام العرب، فهو بات يعلم تماماً أنّهم جزءٌ أصيلٌ من المؤامرة التي يتعرّض لها منذ عقود، لكنّه دائماً ما يُطلِق نداءً لا يكلّ منه، ألا وهو: “أين أنتم يا عرب؟” مخاطباً به الشعوبَ العربيّةَ لإدراكه أنّها ستستفيق من غفوتها يوماً ما.

وكما نعلم، يقع قطاعُ غزّة على الحدودِ المصريّة، فأوّلُ من يصله نداءُ الاستغاثة الشعبُ المصريّ، الذي ينتظره أطفالُ غزّة منذ قرابةِ عامين.

وبعدما صار واضحاً للجميع أنّ الاحتلالَ الصهيونيَّ المدعومَ أمريكيّاً يمضي مسرعاً نحو تحقيقِ مشروعِه الصهيونازيّ المسمّى “إسرائيل الكبرى”، ثَبَتت حقيقةٌ أنّ غزّة هي خطُّ الدّفاعِ الأوّلُ عن مصر، أفلم يَحِنِ الوقتُ يا شعبَ مصر؟

نعم، قد حانَ الوقتُ وآنَ الأوانُ يا شعبَ مصرَ العزيزُ كي تنتصِرَ لنفسِكَ أولًا وللأطفالِ والنساءِ والشيوخِ في غزّةَ. يا شعبَ الشهداءِ، تَقدِرُ إنْ تشاءَ، وأنت تعرفُ كيفَ ومن أينَ تبدأُ وماذا عليكَ أن تفعلَ. يا شعبَ مصرَ، شعوبُ أوروبا والعالمِ كلها تنتفضُ؛ آلافُ المعتقلينَ البريطانيينَ من أجلِ غزّةَ. يَحِقُّ لنا، من بابِ عتبِ الأحبّةِ، أن نسألَ: أينَ أنتَ؟

هذا المقالُ ليس ترفًا فكريًا ولم يُكتب في شقّةٍ فارهةٍ في لاس فيغاس؛ إذ إنّ الكاتبَ أيضًا، أيّها الشعبُ المصريُّ العظيمُ، يستنجدُ بك. تحرّكُكَ سيحسمُ المعركةَ لصالحِ الحقِّ. أعلمُ أنّكَ قادمٌ لا محالةَ، لكنّكَ حقًّا تأخَّرتَ! لا تتأخّرْ؛ فقرارُ وقفِ إطلاقِ النّارِ بيدِكَ، وكلُّ ثانيةٍ تأخيرٍ تَقتلُ طفلًا!

أبو الأمير ـ القدس