كتبت صحيفة “البناء”: تنعقد اليوم القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة للنظر في تداعيات العدوان الإسرائيلي على قطر، وعلى جدول أعمال القمة بند وحيد، هو العدوان على قطر، بعدما منع الفيتو الأميركي إدانة «إسرائيل» بالاسم، وبعدما اكتشف قادة الدول العربية والإسلامية أن سياسة النعامة لا تُجدي في منع «إسرائيل» من توسيع دائرة الاستهداف لتطال من يعتقدون أنهم أصدقاء أميركا، وأن هذه الصداقة ومعها إقامة القواعد الأميركية على أراضيهم توفر لهم الحماية، ليكتشفوا أن أمنهم مكشوف، وأن أميركا تكتفي بالإعراب عن انزعاجها بعد العدوان، بينما ترسل وزير خارجيتها لطمأنة «إسرائيل» أن إعلان الانزعاج لا يقدّم ولا يؤخّر ولا يؤثر في حجم الدعم الأميركي لـ»إسرائيل»، وهو ما قاله علناً وزير الخارجية الأميركية ماركو روبيو في زيارة إلى تل أبيب، زار خلالها برفقة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، حائط البراق لأداء طقوس توراتيّة وتأكيد متانة العلاقة بين واشنطن وتل أبيب وعدم تأثرها بالعدوان الإسرائيلي على قطر.
البيان الختامي للقمة كما أعدّه وزراء الخارجية جاء مخيباً للآمال، خالياً من أي مواقف عملية يمكن أن تردع «إسرائيل» أو تجعلها تدفع ثمن ما فعلت، وتجعلها تعيد حساباتها قبل تكرار العدوان على جغرافية أخرى في البلاد العربية والإسلامية، والذين صاغوا البيان يعلمون أن بيانات الشجب والإدانة لا تقدّم ولا تؤخّر، وأن «إسرائيل» اعتادت التعامل مع مثلها بالتجاهل والسخرية ما لم تكن مشفوعة بخطوات إجرائية تؤلم، وبيد الذين يجتمعون اليوم في الدوحة إشعار «إسرائيل» بالألم بمجموعة خطوات سياسية واقتصادية أهمها المقاطعة ودعوة الدول 142 التي وافقت على حل الدولتين لتشكيل جبهة عالميّة لفرض حل الدولتين وفرض وقف الحرب على غزة، عبر إجراءات عقابية جماعية تتضمن قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع كيان الاحتلال، فهل يتخذ قادة الدول العربية والإسلامية القرار الشجاع من خارج بيان وزرائهم؟
على هامش القمة اجتماعات ضمت وزراء خارجية تركيا والسعودية ومصر مع وزير خارجية إيران، ولم يعرف ما إذا كانت الرؤية العربية والتركية قد بلغت مرحلة الاقتناع بأن الأمن الإقليميّ يحتاج إلى تفاهمات بين أطراف المربع المصري السعودي التركي الايراني، وأن هذا المربع قادر على تطبيع العلاقات الداخلية بين الأطراف اللبنانية وبين الأطراف الفلسطينية وبين الأطراف اليمنية، وكذلك بين الأطراف العراقية، ويحقق الاستقرار الإقليمي، وهو قادر على إعادة صياغة المعادلة السورية بما يحقق مزيداً من القوة لسورية والمناعة لمواجهتها مع الأطماع الإسرائيلية.
يتوجّه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، يوم الإثنين إلى العاصمة القطرية الدوحة للمشاركة في القمة العربية الاستثنائية التي تعقد في ظل تصاعد التوترات الإقليمية. ومن المقرّر أن يلقي الرئيس عون كلمة يعبر فيها عن استنكاره للهجوم الإسرائيلي على الدوحة، مؤكداً تضامن لبنان الكامل مع قطر، ومجدداً تمسّك لبنان بالموقف العربي الداعم لحل الدولتين.
وكان وزير الخارجيّة يوسف رجي شارك في اجتماع وزراء الخارجيّة العرب في الدوحة، وأشارت وزارة الخارجيّة إلى أنّه «في الفقرة الخاصّة بلبنان من مسودّة البيان الختامي، دعا الوزراء إلى ضرورة تحرّك المجتمع الدولي العاجل للحدّ من الاعتداءات الإسرائيليّة المتكرّرة في المنطقة، ووقف انتهاكاتها المستمرّة لسيادة الدّول وأمنها واستقرارها، بما فيها الجمهوريّة اللّبنانيّة، بما يشكّل خروقاً فاضحة للقانون الدّولي وانتهاكًا صارخًا لسيادة الدّول».
وعلى هامش الاجتماع الوزاري التحضيريّ للقمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة، التقى وزير الخارجيّة يوسف رجّي، وزير خارجيّة الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة عباس عراقجي وعرض معه مطولًا الوضع في لبنان والمنطقة. وتطرّق الوزير رجّي بمنتهى الصراحة لقرار الحكومة اللّبنانيّة حصر السلاح بيدها وبسط سيادة الدولة على كامل الأراضي اللّبنانيّة، فيما جدّد عراقجي موقف بلاده باحترام سيادة لبنان وعدم التدخّل في شؤونه.
وقال النائب حسين الحاج حسن: «نقول لشركائنا في الوطن، لبنان يحتاج لاستراتيجية دفاع وطني أو أمن وطني، ولكن هل أنجزت المهام السيادية للدولة؟ هل خرج الإسرائيلي من أرضنا؟ هل توقف العدوان على شعبنا وأرضنا؟ هل استعدنا أسرانا؟ هل بدأت إعادة الإعمار؟ وعلام الاستعجال في إعطاء العدو وراعيه الأميركي أوراق قوة لبنان من دون اي مقابل فيما العدو يتوسّع يومياً».
وأضاف: «نحن ثابتون على مواقفنا. صامدون أمام كل الضغوط. لن نسلّم سلاحنا لأحد، وعلى جميع اللبنانيين ونحن منهم أن ننجز كعهد وحكومة ومجلس نيابي وجميع المسؤولين ونحن منهم تحرير الأرض، وقف العدوان، استعادة الأسرى، البدء بإعادة الإعمار، نقاش استراتيجية أمن وطنيّ أو دفاع مدنيّ وإقرارها وبعدها نرى ماذا سنفعل وليس العكس، نفعل ما تريده أميركا و»إسرائيل» وبعدها نرى ماذا يقدّموا لنا، هذا أسلوب خاطئ بكل ما للكلمة من معنى».
وأوضح المعاون السياسيّ لرئيس مجلس النواب نبيه بري النائب علي حسن خليل أن حركة أمل حريصة على توسيع مروحة التواصل السياسيّ مع مختلف القوى «بقدر عالٍ من المسؤوليّة، من أجل الوصول إلى قواسم مشتركة تعزّز الموقف الوطنيّ في المرحلة الراهنة والمراحل المقبلة».
وفي ما يتعلّق بالانتخابات النيابية المقبلة، أكد خليل أن حركة أمل والثنائي الوطني «لن يفوّتوا هذا الاستحقاق»، مجدّداً تمسكهم بخوضه، وقال: «من كان يراهن أو يظنّ أنه قادر على إحداث انقلاب أو كسر منجزات تحققت على مدى 30 أو 40 عاماً من التضحيات، سيتفاجأ بوفاء الناس وإيمانهم الراسخ بتاريخهم النضالي. فالضغط السياسي والعسكري والأمني والقتل والاحتلال لن يغيّر من قناعات أهلنا ولا من وفائهم».
وأكد نائب رئيس الوزراء طارق متري أن معالجة ملف المعتقلين تحتاج إلى صيغة قانونيّة مشتركة مع دمشق. وقال متري: «بحثنا فكرة إنشاء اتفاقيّة تعاون قضائي بين لبنان وسورية لمعالجة ملف المعتقلين». ولفت إلى أن المباحثات بشأن المعتقلين لم تصل بعد إلى مرحلة الأسماء واللوائح، وأشار إلى أن 34 اتفاقية بين سورية ولبنان بحاجة إلى مراجعة وإعادة تقييم. وقال: «أحرزنا مع سورية تقدماً كبيراً في ملف ضبط الحدود ومكافحة التهريب والجهود تتواصل لتسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم».
وأكد أن العلاقات اللبنانية السورية دخلت مرحلة جديدة تختلف عن المراحل السابقة، وأن خطاب الرئيس السوري أحمد الشرع الأخير فتح نافذة للتلاقي مع لبنان.
وميدانياً، نفّذ الطيران الحربي الإسرائيلي المعادي، مساء أمس، غارة جوية استهدفت سيارة بصاروخين بين بلدتي تولين وبرج قلاويه ما أدى الى سقوط شهيد وعددٍ من الجرحى جراء الاستهداف، بعد مرور دراجة نارية بجانب السيارة لحظة القصف.
وسبق أن استهدفت مسيّرة إسرائيلية جرافةً بقنبلة في محلة بئر ناصر – عيترون، كما شنّت طائرة مسيّرة أخرى غارة على منزل في حي الخرزة ببلدة عيتا الشعب – قضاء بنت جبيل. كذلك ألقت مسيّرة إسرائيلية قنبلةً صوتية على بلدة الضهيرة، بالتزامن مع إطلاق نار على أطراف البلدة. كما عثر في وقت سابق على مسيّرة إسرائيلية سقطت داخل بلدة حولا الحدوديّة.
في المقابل، رصد قيام جيش العدو الإسرائيليّ بعمليّة تدعيم لأجهزة التجسس والتنصّت المنصوبة في موقع العباد عند الأطراف الشرقيّة لبلدة حولا، شملت تركيب أعمدة عملاقة مخصّصة لحمل كاميرات وأجهزة مراقبة وتنصّت.