يبدو أن الشرق الأوسط يقترب خطوة إضافية من حافة المواجهة الإقليمية الكبرى، في ظل اشتداد التوترات بين أنقرة وطهران مع تل ابيب من جهة، وتصاعد الغارات الإسرائيلية الأخيرة على الأراضي السورية من جهة أخرى
العدوان الإسرائيلي الليلة على أطراف دمشق، بالتوازي مع توسعٍ ميداني غير مسبوق في الجنوب السوري، ليس مجرد تحرك عسكري عابر. بل يحمل رسالة سياسية واضحة: حكومة تل أبيب بقيادة نتنياهو قررت تجاهل كل المساعي الأميركية لاحتواء التصعيد، وإحراج تركيا وقطر أمام مشروع جبهة جولاني-إسرائيلية متصاعدة.
فإلى أين سيتّجه الجولاني؟ هل سيكمل مسار “السلام” الإسرائيلي الذي انخرط فيه؟ أم سيستفيق ليعود إلى الحضن التركي الأبوي
الشام… ما تزال مفتاح الحرب والسلام
منذ قرون، كانت دمشق محور التوازنات الإقليمية، وهي اليوم تعود إلى قلب الاشتباك: التمدد الإسرائيلي السريع يواجه تموضعاً استراتيجياً تركياً، وتشكيلات مسلحة تتقاطع في جغرافيا واحدة، لكنها تنتمي إلى مشاريع متضاربة.
تصريحات أردوغان الأخيرة كشفت بوضوح تحوّلاً في الخطاب:
إذا خرج السيف من غمده فلن يبقى مكان للقلم والكلمة.
من يتجه نحو دمشق وأنقرة سينتصر، ومن يبحث عن رعاة أجانب سيخسر.
رسائل مزدوجة: للداخل وللخارج، لواشنطن ولتل أبيب، ولطهران أيضاً.
لكن اللافت أكثر، كان تصريح الرئيس الأذربيجاني حول مبادرة حوار تركي-إسرائيلي! فهل أنقرة وتل أبيب على شفير مخادثات جديدة؟ أم أن النار تشتعل تحت الرماد، وتستعد تركيا لآخر الحروب ضد “التمدد الإسرائيلي؟
حين تهدد طهران بأن “الحرب لم تنتهِ بعد”، فهي لا تتحدث فقط عن غزة، بل عن معركة وجودية تشكّل فيها سوريا والعراق ولبنان ساحات أساسية. وفي المقابل، يبدو أن تركيا بدأت تعيد التموضع، غير راغبة في ترك طهران وحدها تُقرر شكل نهاية الحرب الإقليمية.
فهل سيكون الاشتباك القادم محورياً–إسرائيلياً، أم انقساما في تعريف العدو والحليف؟
ربما آن الأوان، بدل التنافس على قيادة حرب مذهبية، أن تُولد من هذه المواجهات “جبهة إسلامية موحّدة”، لا لإبادة الخصوم، بل لإسقاط المشروع الصهيوني وحده، كل المشروع، دون انقسام أو مواربة.
فليكن خِتام الحروب… بداية فهم جديد.
محمد علي – لبنان