
ترجمة تقريبية لمقالة نشرت في صحيفة يهودية كندية عام ١٩٣٦
ذُكر في المقالة أنه هناك لجنة عُقدت تتباحث شأن نقل اليهود إلى الإكوادور لخصوبتها، ولكنهم اختصموا.
The Canadian Jewish Chronicle – 21 August 1936:
ماذا يحدث للاجئي أحداث الشغب في فلسطين؟ آلاف العائلات اليهودية الفلسطينية تركت بيوتها في المستعمرات وحول يافا، ولجأت إلى تل أبيب لتجد الأمن والملجأ. في مدينة تل أبيب، المشهورة دوماً بالاكتظاظ، لا يكفي المكان للوافدين الجدد مهما توسعت في جميع الاتجاهات. حتى لو أن البنّائين يعملون طوال الليل على ضوء الفوانيس، يبقى الناس ينتقلون إلى شقق غير مكتملة. كان هناك نحو 150 ألف فم لإطعامه، وحين اندفع عشرة آلاف رجل وامرأة وطفل إلى المدينة بعد اندلاع الاضطرابات في يافا، وجد المجلس البلدي نفسه أمام مهمة هائلة. ومع أنهم لو علموا قبل أشهر لم يكونوا ليقدروا على الاستعداد أكثر، فقد انحنى تل أبيب أمام العبء من غير أن يرفع صوته بطلب المساعدة الخارجية، وتكفّل بالعناية باللاجئين.
بعد وقت قصير من بدء المذبحة في يافا يوم الأحد 19 أبريل، بدأت المواكب البائسة بالتوجه نحو تل أبيب. بعضهم جاء من أحياء يافا التي كانت تحت الهجوم، وآخرون من مناطق قرب الحدود. الأغلبية كانوا من اليهود الشرقيين، وبعضهم جاء حديثاً من اليمن أو فارس أو أفغانستان، وبدا عليهم الذهول مما يحدث. تدفقوا من كل الجهات إلى المدينة، مشياً على الأقدام، وفي الشاحنات، وحتى متشبثين بدراجات الشرطة النارية، وهم يحملون خليطاً غريباً من الأغراض: بعضهم لم يكن معه إلا الثياب على جسده، وبعضهم جرّ أريكة أو كرسياً أو سرير طفل. بدا المشهد وكأنه حملة صليبية للأطفال؛ أطفال صغار وحدهم، خائفون، متمسكون ببقايا ملابسهم، ونساء يصرخن، ورجال مذهولون يبحثون عن مأوى.
خلال ساعات قليلة، تحولت ستة وعشرون كنيساً إلى “محطات” للاجئين. فرشت الأرضيات بالقش، وأقيمت ملاجئ مؤقتة، وأُنشئت مطابخ للحساء. الأمهات ارتجلن مهوداً من السلال، الممرضات كنّ يمررن بين الناس، الأطباء هرعوا من مكان لآخر، وموظفو البلدية عملوا ليل نهار. التبرعات تدفقت: مواقد صغيرة، أواني مطبخ، بطانيات. أُنشئت مطابخ للاجئين، ووزعت قدور ضخمة من الحساء، والخبز، والرنجة، والشاي، والحليب للأطفال. متطوعون حضروا، حتى نساء ألمانيات يهوديات لم يعرفن من قبل اليهود الشرقيين، فوجدن أنفسهن مضطرات للتفاهم مع لغات كثيرة – اليديشية، العبرية، العربية – نحو عشرين لغة تعج بها القاعات.
قاعة البلدية تحولت إلى دوامة: القوائم تكتب، الهواتف ترن، الأمهات يصرخن للأطباء، الأطفال يبكون، المتطوعون يركضون. وجاء يوم السبت، فزودت البلدية اللاجئين بالشموع والنبيذ لكي يستقبلوا “ملكة السبت” بكرامة. وفي الوقت نفسه كان العرب يحرقون المنازل في يافا. العائلات بأمتعتها زحفت إلى تل أبيب، بعضها محمّل على عربات الحمير. وبما أن أحيائهم دمرت، أعلنت البلدية تلك المناطق “أحياء مهدومة” ورفضت السماح بالعودة إليها، مستغلة الأزمة كفرصة للقضاء على الأحياء الفقيرة.
وفي سياق آخر، قبل مدة قصيرة، درست لجنة فكرة توجيه الهجرة اليهودية إلى جمهورية الإكوادور في أمريكا الجنوبية. بدا كل شيء واعداً: الأرض خصبة، الحكومة متعاطفة، وعرضت مليون فدان للمستعمرين الأوروبيين اللاجئين، مع إعفاء من الضرائب لثلاث سنوات. لكن الخلاف دبّ: بعض المؤسسات اليهودية قالت “خذوا الفرصة”، بينما آخرون حذروا. ومع تصاعد النازية في أوروبا، بدا النقاش أكثر إلحاحاً، والارتباك سيد الموقف.
وفي كيبك، كان هناك “مكنسة جديدة”: سقوط الحزب الليبرالي العريق وصعود الاتحاد القومي بقيادة دوبلسيس شكّل زلزالاً سياسياً. انضم إليه عدد من الانتهازيين، بينهم بعض المعادين لليهود، لكن دوبلسيس نفسه وُصف بأنه رجل نزاهة وعدالة.
أما في “الدردشة الأسبوعية”، فقد تداخلت الرياضة بالسياسة: فريق بيرو انسحب من الألعاب الأولمبية بعد فضيحة تحكيم في كرة القدم مع النمسا، واندلعت مظاهرات ضد القنصليات الألمانية والنمساوية. كتب صحفيون أن الرياضة فقدت براءتها، وغرقت في السياسة والمال والكراهية.
وكان هناك سؤال: هل ستتخلى بولندا عن ألمانيا؟ التحالف البولندي-الألماني بدأ يتصدع. بعد عامين من المغازلات مع هتلر، بدا أن بولندا تقترب من فرنسا من جديد. زيارة الجنرال غاميلان إلى وارسو، والقرض الفرنسي لبولندا لأغراض الدفاع، كانا دليلاً واضحاً. وبالنسبة لليهود، حمل ذلك آمالاً أن تكسب بولندا صداقة اليهود في العالم لو تبنت سياسة أكثر عدلاً وانفتاحاً.
وفي النهاية، جاء تقرير من بيرو-بيدجان السوفيتية، التي رُوّج لها على أنها “فلسطين السوفييت”. تبين أن عدد سكانها لا يتجاوز 65 ألفاً، منهم 18 ألف يهود فقط، بعيداً جداً عن الوعود بجعلها إقليماً يهودياً ذاتياً. حتى الدعاية السوفيتية لم تستطع إخفاء الفشل. في نيويورك كان ناشطون قد مجّدوا التجربة، لكن الواقع بدا قاتماً.