المقاومة الفلسطينية بكل فصائلها وتشكيلاتها العسكرية مصنفة كـ”حركات إرهابية” في الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية، وبطبيعة الحال ينطبق هذا على العديد من حركات المقاومة في المنطقة، رغم أنها حركات تحرّر ينطبق عليها ما جاء في القانون الدولي واتفاقية جنيف في هذا الخصوص.

لكن العالم – في أفضل حالاته – كان دائمًا يدين المقاومة والاحتلال معًا، ومن سخرية القدر أن بريطانيا التي تصنّف العديد من حركات المقاومة كمنظمات إرهابية، رفعت تصنيف الإرهاب عن “هيئة تحرير الشام” التي قتلت عشرات آلاف السوريين، وكانت آخر مجازرها في الساحل السوري قبل أشهر معدودة.

فهل نقترب في هذا العالم من رفع صفة الإرهاب عن داعش وإلصاقها بالأونروا التي صنفها الاحتلال كذلك؟
إن ما يحدث هو نكتة شيطانية ممزوجة بدماء الشعوب.

بناء على ما تقدم، لا نكشف سرًا إذ نقول: إن وصف الإرهاب يتم على أساس الرضوخ والممانعة؛ فمن يرضخ للصهيوأمريكي أو الاستعماري الغربي ليس إرهابيًا، والعكس صحيح، لكن لكل قاعدة استثناء كـ”داعش” على سبيل المثال، كونها لعبة استخباراتية أميركية كبيرة ومعقدة.

يعلم أرباب المشروع الصهيوأمريكي في قرارة أنفسهم أن المقاومة الفلسطينية أو اللبنانية أو غيرها في المنطقة ليست إرهابية؛ لا بل يعلمون أن جميع هذه الحركات منبثقة من أفكار نبيلة وإنسانية، ويستغلون هذه النقطة للضغط على المقاومة، وهذا ببساطة يتم من خلال استهداف المدنيين؛ وكأننا أمام المشهد السينمائي الشهير الذي يضع به المجرم السكين على رقبة الضحية ويأمر البطل بإلقاء سلاحه.

لا أحد منهم في الحقيقة يهتم بحياة الشعوب، فقط المقاومة من يهمها ذلك، وإن هذه الأنظمة العربية الرجعية ومن على شكلتها من المدمنين على فتات “أوسلو” وغيرهم حتى لو كانوا  لا يضفون صفة الإرهاب على حركات المقاومة بشكل رسمي في معظم الأحيان، غير أن المقاومةَ ملاحقةٌ في كافة مناطق نفوذهم، ويستخدمون نفس الوسيلة التي يستخدمها المشروع الصهيوأمريكي لابتزاز المقاومة؛ لأنهم أيضًا يعلمون أن حمايةَ الشعوب والدفاع عنها يعتبر لبنة أساسية في فكر المقاومة، وأحد أبرز أشكال الابتزاز تتم من خلال ما يُفرض من أسماء عميلة على المقاومة، ولعل ما يجري في القاهرة الآن في اجتماع الفصائل الذي حضره فرج والشيخ والمشهراوي أكبر مثال على ذلك.
وها هو ما يسمى “رئيس الوزراء” الصهيوني السابق أولمرت يحاول فرض المدعو ناصر القدوة بالقوة.

لو حقًا كانت المقاومة إرهابية ستكون حياة الشعوب آخر همومها، والمقاومة الآن تفعل كل ما في وسعها في ميدان السياسة والحرب لحماية الشعوب من هذا الإرهاب الصهيوأمريكي، وحمايتها أيضا من تكالب ثلة من أبناء جلدتنا.

ونلاحظ أن جميع المفاوضات الحالية، مهما تبدلت وتغيرت عناوينها ومهما اختُلق لها من عناوين، تندرج تحت عنوان واحد، ألا وهو وقف شلال الدماء الذي يجري في غزة، حيث أن هذا هو هدف المقاومة الأول .

فبين التاريخ والحاضر، دائمًا ما كانت حركات التحرر واقعة بين أمرين: عدم الرضوخ للمحتل، وبنفس الوقت تجنيب الشعوب الخطر لأن الاحتلالات طبعها إرهابي، لكن المقاومة تعي جيدًا أن  تجنيب الشعوب إرهابَ الاحتلالات يجب أن يكون من دون رضوخ، فالرضوح هو أكبر خطر على هذه الشعوب.
طريق المقاومة ليس طريقًا سهلًا أبدًا ..
وكيف لا، وهي تواجه شياطين العالم الإمبريالي؟
فالأمر معقد أكثر مما نتصور وكم أصاب الهدف القائدُ الأممي الشهيد د.جورج حبش عندما قال: 
“من السهل الموتُ في سبيل الحريّة. إنّما من الصعب العيشُ حياةَ آلامٍ ونضالٍ من دون يأسٍ وتخاذل”
لا بأس يا حكيم الثورة فأنت علمتنا أيضا أن: “المقاومة الفلسطينية قامت لتحقيق المستحيل لا الممكن”

 أبو الأمير-القدس