تصاعد الحديث، في الآونة الأخيرة، عن احتمال شنّ الاحتلال “الإسرائيلي” عدوانًا على لبنان، أو أقله رفع منسوب الاعتداءات اليومية على الجنوب.

تزامنت هذه الأجواء مع تحركات “داعشية” في الداخل اللبناني؛ تجلّت في شاكلة خلايا إرهابية، رُبطت بالموساد “الإسرائيلي”. 

هو ربط يتعزز، اليوم، مع الحكم السوري الجديد وانتشار هذه الجماعات على الحدود مع لبنان، والتقارب السوري – “الإسرائيلي”.

هذا الخطر الداعشي”، وعلى الرغم من إلقاء الأجهزة الأمنية القبض على شبكات إرهابية وتسريب اعترافاتها بنيتها القيام بتفجيرات ضد جماعات معينة في لبنان، الا أن الإعلام المعادي للمقاومة أصرّ على تقزيم هذه الجماعات والتخفيف من خطورتها، عبر مقالات وتقارير متلفزة راحت تنشر معلومات عن هذه الجماعات؛ وتدعي بأنها خلايا صغيرة وليست مرتبطة بالموساد “الإسرائيلي”، وبأن “حزب الله” أراد “اختراع” هذه “الفزاعة” ليعزز حضوره ويحمي سلاحه!

هذه السردية دارت، في الساعات الماضية، على هذه المنصات، مسقطة الخطر “الداعشي” ومقللة من احتمال غزوه للبنان، لجهتي الشرق او الشمال، والأنكى إصرارها على قطع صلته بكيان الاحتلال “الإسرائيلي”.

فصل الخطر “الداعشي” عن الموساد

يمكن، بكل سهولة، رصد مضامين هذه المنصات وربط تقاطعها مع بعضها البعض. قناة lbci على سبيل المثال، بثت قبل أيام قليلة تقريرًا إخباريًا تحت عنوان:”بطاريات مفخخة وخلايا داعشية ومجموعات مسلحة.. وروايات بعضها من نسج التهويل”.

تقرير يتحدث عن الخلايا الإرهابية النائمة وعن البطاريات المفخخة.

وعلى الرغم من تثبت المعدّ، وحتى عرضه وثيقة خاصة بالأمن العام وبالجمارك عن هذه البطاريات، لكنه لجأ الى تمييع هذا الخطر عبر الإدعاء بأن النيابة العامة والقضاء العسكري لم يتحركا إزاء هذه المجموعات.

التقرير خصّ حديثه عن خلية برج البراجنة التي ثبت صلتها بالموساد “الإسرائيلي”، لكن بخلاف هذه الواقعة نفى التقرير هذه الصلّة، مستندًا هنا إلى صمت القضاء العسكري بعد أيام من توقيف الخلية “الداعشية”.

الأنكى، هنا، حصر مهام هذه الخلايا فقط بـــ”شبهة إدخال اجانب خلسة الى لبنان وتهريبهم”.

إضافة الى إسقاط فرضية دخول مقاتلين أجانب من سوريا، بالاستناد – كما يدعي التقرير- إلى “مصادر أمنية” جزمت بـــ”عدم دقة هذه المعطيات”.

كل هذه السردية التي يحاول التقرير نسجها للتخفيف من الخطر “الداعشي” لم تتوقف هنا، بل راح يدعي بأن الشخصين اللذين أوقفا في صيدا “خضعا لدورات مع داعش في صناعة المتفجرات”، لكن “لم يثبت تخطيطهما لعمليات إرهابية”.

يختم التقرير، وهنا، تكمن الخطورة الأكبر بالمرور سريعًا على توقيف الأجهزة الأمنية لأبرز قياديي “داعش” الذي يدعى “قسورة” من دون اي تعليق، علمًا أنه شارك في التخطيط لعمليات إرهابية.

ربط الوجود “الداعشي” بالمقاومة!

على مقلب mtv، لم يكن المسار بعيدًا عن هذه المضامين. يمكن الاستعانة بتقرير بث أخيرًا تحت عنوان :”فزّاعة الإرهاب أداة تخويف وتضليل”.

ينتقد فيه المعدّ إعلام المقاومة الذي كشف العديد من الشبكات الداعشية الإرهابية.

وكما زميلتها lbci، اتكأت المحطة على ما وصفته بــ”المصادر الأمنية” لتنفي أي علاقة لخلية برج البراجنة بالموساد “الإسرائيلي” أو “بالجانب الإسرائيلي عمومًا”!.

يتهم التقرير “حزب الله” باستخدام “فزاعة الإرهاب للبقاء في المعادلة”، وبـــ”شد العصب بكل الطرق الممكنة”، بعد “هزيمته وأذرع إيران، في منطقة غرب آسيا (الشرق الأوسط) على يد إما أميركا أو إسرائيل”!.

في سياق متصل، وبحسب تقديرات أمنية نشرت أخيرًا في الصحافة اللبنانية أن أعداد المقاتلين الأجانب في سوريا تتراوح ما بين 12 و15 ألفًا معظمهم يتحدر من أصول آسيوية. وعلى الرغم من ضخامة هذه الأرقام إلّا أن بعض المنصات المحلية أصرّت- كما أسلفنا- على تقزيم خطورة الجماعات الإرهابية، والتقليل من شأنها. وكالة “المركزية”.

وفي مقالة منشورة على الموقع الإلكتروني، تحت عنوان :”فزاعة داعش تخرج من أوكارها أو تُستخرج للتذرع بسلاح الحزب غير الشرعي؟”.

يدعي التقرير بأن الخلايا النائمة “غير مرتبطة ببعضها”، خاصة في طرابلس ومحيطها. الموقع ربط بين هذه الخلايا وسلاح المقاومة، مع طرحه لسؤال :”هل لا يزال خطر داعش في لبنان حقيقيًا الى درجة تبرّر استمرار سلاح غير شرعي خارج إطار الدولة؟”.

وللتخفيف من حدّة خطورة “داعش” ادعى الموقع بإن “التهديد الإقليمي المتمثل بداعش تراجع بشكل كبير منذ انهياره في سوريا والعراق”، و”أصبح التحدي الأمني اليوم يقتصر على أفراد أو مجموعات صغيرة متأثرة بالفكر المتطرف من دون وجود مركز عمليات خارجي فعال او دعم لوجستي كبير”.

ورأى أن ما يحدث اليوم يندرج ضمن خانة “التضخيم” وليس “هناك اي تهديد إرهابي منظّم أو واسع النطاق”، والهدف منه “تبرير استمرار هيمنة حزب الله على القرار الأمني في البلد”!.

العهد