بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
(فِي الْمَكْنُونِ … وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ)
✍️ عَبْدُ الْإِلَهِ عَبْدِ الْقَادِرِ الْجُنَيْدِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى، وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ الْأَعْلَى فَسَبَّحَهُ وَمَجَّدَهُ وَقَدَّسَهُ وَصَلَّى، وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى، وَآمَنَ بِالْحَقِّ الَّذِي نُزِّلَ مِنْ فَالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوَى، عَلَى مُحَمَّدٍ خَيْرِ خَلْقِ اللهِ وَخَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ.
فَأَقْبَلَ مُسْتَضِيئًا بِنُورِ الْكِتَابِ الْمَسْطُورِ بِطَاعَةِ مُحِبٍّ عَاشِقٍ، مُتَّبِعًا بِتَسْلِيمٍ مُطْلَقٍ وَوَلَاءٍ صَادِقٍ.
فَلَمَّا كَانَ كَذَلِكَ، أَضْحَى مِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ ذَكَرُوا اللهَ فَذَكَرَهُمْ، أَيْنَمَا كَانُوا فَهُوَ مَعَهُمْ، أَرْحَمَ بِهِمْ وَأَرْأَفَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ.
عَرَفُوا اللهَ فَعَبَدُوهُ حَتَّى أَتَاهُمُ الْيَقِينُ، فَدَعَوْا رَبَّهُمْ دُعَاءَ الْمُخْلِصِينَ فَاسْتَجَابَ لِتَضَرُّعِهِمْ وَدُعَائِهِمْ، فَشَرَحَ اللهُ صُدُورَهُمْ، وَأَمَدَّهُمْ بِالنُّورِ، وَنَزَعَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ غِلٍّ وَنِفَاقٍ وَكِبْرٍ، وَعَصَمَهُمْ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ.
هُنَالِكَ آتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ وَرُشْدَهُمْ تَكَرُّمًا، وَزَادَهُمْ هُدًى وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ، وَكَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَغَفَرَ لَهُمْ.
فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا، الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَوْلِيَائِهِ لِمَا يُحْيِيهِمْ؛ سَمِعُوا فَأَطَاعُوا، وَدَانُوا اللهَ بِوَلَائِهِمْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَوْلِيَائِهِ الَّذِينَ أَذْهَبَ اللهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُمْ تَطْهِيرًا، فَأَوْرَثَهُمُ الْكِتَابَ تَفَضُّلًا وَاصْطِفَاءً، فَيَكُونُوا الْقَادَةَ إِلَى سَبِيلِهِ، وَأَعْلَامَ الْهُدَى وَالْمَحَبَّةِ وَالْمَوَدَّةِ لِأَهْلِ الْكِسَاءِ.
إِنَّهُمْ عِبَادُ اللهِ الصَّالِحُونَ الْأَتْقِيَاءُ، الَّذِينَ ارْتَقَوْا إِلَى مَقَامِ الْمَعِيَّةِ لِرَسُولِ اللهِ، وَمَنْ قَامَ مَقَامَهُ مِنَ الْهُدَاةِ الْأَعْلَامِ وَالْقَادَةِ النُّجَبَاءِ.
فَأَعْظِمْ بِهِمْ مِنْ رِجَالٍ كِرَامٍ! تَوَشَّحُوا بِالْوَفَاءِ، وَازَّيَنُوا بِالْقَنَاعَةِ وَالرِّضَا، وَتَدَثَّرُوا بِالْعِزَّةِ وَالْإِبَاءِ، لَمْ يَلْبَسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَبِهِمْ رُحَمَاءُ، أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ وَعَلَيْهِمْ أَشِدَّاءُ.
سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ، إِذْ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَرُكَّعًا وَقِيَامًا، يَبْتَغُونَ مِنْ خَالِقِهِمْ وَمَلِيكِهِمْ فَضْلًا وَرِضْوَانًا.
مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ زَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ، فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ، يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ.
أُولَئِكَ هُمُ الْأَخْيَارُ الصَّابِرُونَ عَلَى الْبَلَاءِ، الْأَبْرَارُ الْمُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، الْمُجَاهِدُونَ الصَّادِقُونَ، الْأَحْرَارُ الشُّرَفَاءُ.
وَمَا كَانُوا لِيَقْعُدُوا مَعَ الْخَوَالِفِ، لَمَّا وَجَبَ الْقِيَامُ: أَمْرًا بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيًا عَنِ الْمُنْكَرِ، وَجِهَادًا فِي سَبِيلِ اللهِ، لِقِتَالِ عَدُوٍّ ظَالِمٍ وَمُحْتَـلٍّ آثِمٍ، مُرْتَكِبٍ لِأَبْشَعِ الْجَرَائِمِ، قَاتَلَ كُلَّ بَرِيءٍ مُسَالِمٍ، مُنْتَهِكٍ لِحُرُمَاتِ اللهِ، مُسْتَبِدًّا بِعِبَادِ اللهِ بِتَجَبُّرِهِ وَطُغْيَانِهِ، مُسْتَعْبِدًا لَهُمْ وَقَدْ خَلَقَهُمْ بَارِئُهُمْ أَحْرَارًا فِي جَمِيعِ مَحَالِّ الْإِسْلَامِ.
فَإِذَا مَا دَعَا دَاعِي اللهِ، وَلَا يَجُوزُ الصَّمْتُ وَالْخُنُوعُ وَاطِّ الْمَذَلَّةِ وَالْهَوَانِ!
وَهَيْهَاتَ لِأَهْلِ الْمُرُوءَةِ وَالْحِكْمَةِ وَالْإِيمَانِ وَالشَّجَاعَةِ وَالْإِقْدَامِ التَّرَاجُعُ وَالِاسْتِسْلَامُ! فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ تَعَالَتْ فِيهِ اسْتِغَاثَاتُ الْمُسْلِمِينَ الْمُسْتَضْعَفِينَ لِإِخْوَانِهِمْ فِي الدِّينِ وَالْعُرُوبَةِ وَالْإِنْسَانِيَّةِ: “يَا لَلْمُسْلِمِينَ!”، فَهَبُّوا مُسْتَجِيبِينَ لِلنِّدَاءِ.
وَهَلْ إِسْنَادُ وَدَعْمُ أَهْلِ الْحِكْمَةِ وَالْإِيمَانِ لِإِخْوَانِهِمْ فِي غَزَّةَ، الَّذِينَ يَتَعَرَّضُونَ لِأَبْشَعِ جَرِيمَةِ إِبَادَةٍ جَمَاعِيَّةٍ وَتَطْهِيرٍ عِرْقِيٍّ مِنْ قِبَلِ مُحْتَلٍّ صِهْيُونِيٍّ جَبَانٍ، إِلَّا خَيْرُ دَلِيلٍ وَشَاهِدٍ عَلَى وَحْدَةِ الْمَوْقِفِ فِي صَدِّ أَعْتَا طُغْيَانٍ؟
فَلَقَدْ نَهَضُوا بِمَا يُمْلِيهِ عَلَيْهِمْ حَقُّ الْأُخُوَّةِ الْإِيمَانِيَّةِ، وَوَاجِبُهُمُ الْجِهَادِيُّ الدِّينِيُّ وَالْأَخْلَاقِيُّ وَالْإِنْسَانِيُّ، لِقِتَالِ الْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ، وَالْغُزَاةِ الْفُجَّارِ، وَقُوَى الْهَيْمَنَةِ وَالِاسْتِكْبَارِ، وَخُفَاشِ الظَّلَامِ.
فَأَكْرِمْ بِهِمْ مِنْ رِجَالٍ! صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ: اسْتُنْفِرُوا فَنَفَرُوا، وَاسْتُغِيثُوا فَأَغَاثُوا.
وَلَمَّا كَانُوا عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ أَمْرِهِمْ وَاللهُ مَوْلَاهُمُ، اسْتَمَدُّوا الْعَوْنَ مِنْهُ فَأَعَانَهُمْ، وَتَوَكَّلُوا عَلَيْهِ فَكَانَ حَسْبَهُمْ وَوَكِيلَهُمْ، نَصَرُوا اللهَ فَنَصَرَهُمْ، وَثَبَّتَ أَقْدَامَهُمْ، وَبِمَلَائِكَتِهِ أَيَّدَهُمْ.
اشْتَرَى مِنْهُمْ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ فَبَاعُوا، فَرَبِحُوا الْبَيْعَ وَالتِّجَارَةَ.
فَقَاتَلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَقُتِلُوا وَقَتَلُوا، فَفَازُوا فَوْزًا عَظِيمًا بِجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، عَرَّفَهَا لَهُمْ، وَلَهُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُهُمْ، وَلَهُمْ فِيهَا مَا يَدْعُونَ، وَلَحْمُ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ، وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ. لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا، إِلَّا قِيلًا: سَلَامًا سَلَامًا.
وَكَذَلِكَ تَكُونُ عَطَايَا اللهِ لِأَوْلِيَائِهِ الْغَالِبِينَ، الَّذِينَ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ.
وَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ يَقِينِهِمْ بِأَنَّ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَمَتَاعُ الْغُرُورِ، لَكِنَّهُمْ جَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ دَفْعًا لِكُلِّ جَوْرٍ، وَكَانُوا بَيْنَ مُقَاتِلٍ بِسَيْفِهِ وَرُمْحِهِ وَكُلِّ سِلَاحٍ فِي حِيَازَتِهِ، ثَابِتٍ صَامِدٍ فِي مُخْتَلِفِ الْجَبْهَاتِ وَالثُّغُورِ،
وَمُقَاتِلٍ بِقَلَمِهِ بِكَلِمَاتٍ بِفَضْلِ اللهِ تَشْفِي الصُّدُورَ،
وَمُقَاتِلٍ بِمَوْقِفِهِ الرَّافِضِ لِلظُّلْمِ وَالْفَسَادِ، يَمْلَأُ السَّاحَاتِ وَالْمَيَادِينَ حَشْدًا وَحُضُورًا.
كُلُّ ذَلِكَ دَفْعًا لِلظُّلْمِ، وَانْتِصَارًا لِلْمَظْلُومِينَ، وَإِقَامَةِ الِاسْتِخْلَافِ الْإِلَهِيِّ لِلْإِنْسَانِ فِي الْأَرَضِينَ، وَإِقَامَةِ حُدُودِهِ بِالْقِسْطِ وَالْعَدْلِ بِالْمِيزَانِ، عَمَلًا بِمُقْتَضَى أَحْكَامِهِ وَشَرَائِعِهِ الَّتِي أُرْسِلَ لِأَجْلِهَا الرُّسُلُ وَأُنْزِلَتِ الْكُتُبُ، رَحْمَةً بِعِبَادِهِ وَتَلَطُّفًا بِهِمْ فِي كُلِّ الْعُصُورِ.
وَذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ.
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
ــــــــــــــــــــ
*اللهُ أَكْبَرُ*
*الْمَوْتُ لِأَمْرِيكَا*
*الْمَوْتُ لِإِسْرَائِيلَ*
*اللَّعْنَةُ عَلَى الْيَهُودِ*
*النَّصْرُ لِلْإِسْلَامِ*